مدونات

صواريخ إيران تقلب موازين الصراع وتزلزل الكيان الصهيوني

صواريخ غزة- الأناضول
منذ اللحظة التي بدأت فيها المقاومة الفلسطينية نضالها ضد الاحتلال الصهيوني، كان السؤال الأهم: كيف يمكن لشعب تحت الحصار أن يتحدى كيانا مدججا بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا؟ على مر العقود، ووسط مسارٍ طويل من المعاناة والكفاح، جاء الدعم الذي غيّر موازين القوى، فجعل الصواريخ الفلسطينية تخترق سماء الكيان وتزرع الخوف في قلبه. هنا، لا بد من التوقف عند دور إيران، التي قدمت لهذا التحول النوعي دعما أدى إلى نقلة نوعية في قدرات المقاومة، وجعل الصواريخ الفلسطينية سلاحا لا يُستهان به في مواجهة الاحتلال.

الدور الإيراني في دعم المقاومة ليس مسألة دعم مادي أو عسكري فحسب، بل هو جزء من رؤية أوسع تسعى إلى تحقيق التوازن الاستراتيجي في المنطقة. هذه الرؤية ترى في فلسطين قلب الصراع ضد الصهيونية والهيمنة الغربية، ولذلك فإن دعم المقاومة الفلسطينية يُعتبر جزءا لا يتجزأ من استراتيجية إيران الإقليمية. بمرور السنوات، أصبح واضحا أن صواريخ المقاومة التي تصيب أهدافها بدقة وتدمر مواقع حساسة في العمق الإسرائيلي، هي نتيجة مباشرة لهذا التعاون. هذه الصواريخ أصبحت اليوم رمزا لإرادة شعب لا يقبل الاستسلام، وجزءا من معادلة ردع جديدة فرضتها المقاومة على العدو.

وبينما يزداد تطور الصواريخ الفلسطينية، يعيش الكيان الصهيوني في حالة من التوتر الدائم. هذا التوتر ليس فقط نتيجة للضربات الموجعة التي يتلقاها، بل أيضا بسبب المعادلة الجديدة التي فرضتها المقاومة على الاحتلال، وهي معادلة تقوم على توازن الرعب. فكلما ازداد العدوان الإسرائيلي على غزة أو الضفة، كان الرد الفلسطيني أكثر قوة ودقة.

إن هذه الصواريخ التي كانت في السابق مجرد أدوات بسيطة، أصبحت اليوم قوة ضاربة قادرة على إحداث تغيرات استراتيجية. والسر في هذا التحول يكمن في التطور المستمر لقدرات المقاومة بفضل نقل التكنولوجيا والمعرفة من إيران إلى غزة. من هنا، يمكن القول إن الصواريخ الفلسطينية ليست مجرد سلاح، بل هي تعبير عن تطور فكري وعسكري للمقاومة، وعن صمود شعب يرفض الرضوخ مهما كانت الظروف.

الداخل الفلسطيني الذي شهد لعقود المفاوضات السياسية، تحول اليوم إلى حاضنة للمقاومة المسلحة، بفعل هذه المعادلة الجديدة. هذه الصواريخ ليست فقط سلاحا، بل أصبحت رمزا لكرامة الشعب الفلسطيني ووحدته، خاصة مع استمرار التحديات والاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. ومع كل صاروخ ينطلق، يشعر الفلسطينيون بأن كرامتهم تُستعاد، وأن معادلة الاحتلال لم تعد كما كانت في السابق.

هذه القوة الجديدة للمقاومة جعلت الاحتلال يعيد حساباته، فالصواريخ التي كانت تُعتبر في الماضي بدائية، باتت اليوم تُصيب العمق الإسرائيلي بدقة وتستهدف مواقع استراتيجية وحيوية. هذه التطورات وضعت الاحتلال في موقف دفاعي غير مسبوق، حيث بات غير قادر على فرض شروطه أو تحديد ملامح المعركة كما كان يفعل في الماضي. الكيان الصهيوني، الذي طالما اعتمد على قوته العسكرية لفرض هيمنته، وجد نفسه فجأة في مواجهة مقاومة مسلحة قادرة على شل الحياة في مدنه الكبرى مثل تل أبيب والقدس وحيفا.

الصواريخ التي تهز أركان الكيان ليست مجرد أداة حرب، بل هي أيضا رسالة سياسية واضحة من المقاومة ومحور المقاومة، وعلى رأسه إيران. هذه الرسالة تقول إن زمن العدوان دون رد قد ولى، وإن أي هجوم على غزة أو الضفة سيُقابل برد فوري وحاسم. أكثر من ذلك، أصبحت هذه الصواريخ جزءا من استراتيجية المقاومة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق، حيث ترى الفصائل الفلسطينية أن هذه الضربات الصاروخية تمثل ترجمة عملية للإرادة الشعبية في مواجهة الاحتلال.

ومع كل ضربة صاروخية، يزداد الوعي الشعبي بأن مشروع المقاومة هو الطريق الوحيد للتحرر. في الوقت الذي كانت فيه الأنظمة تسعى للسلام مع الاحتلال، كانت المقاومة تواصل تطوير قدراتها لتصبح اليوم أقوى وأكثر تأثيرا في المعادلة الإقليمية. وهذا ما يعكسه دعم إيران المستمر والمتزايد، الذي لم يكن مجرد دعم عابر، بل كان جزءا من مشروع أوسع يهدف إلى تحقيق توازن استراتيجي في مواجهة الهيمنة الصهيونية والغربية في المنطقة.

دعم إيران للمقاومة الفلسطينية يعكس فلسفة أوسع تقوم على أن تحرير فلسطين ليس فقط واجبا دينيا أو قوميا، بل هو أيضا خطوة استراتيجية لحماية أمن المنطقة. لذلك، فإن الدعم الإيراني للمقاومة لا يقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل يشمل أيضا تقديم الخبرات والتكنولوجيا وتطوير القدرات الدفاعية والهجومية للمقاومة. وهكذا، تشكل الصواريخ التي تطلقها المقاومة اليوم جزءا من هذه الرؤية الشاملة، التي ترى في كل ضربة صاروخية خطوة نحو تحقيق النصر.

هذا الدعم المتواصل جعل من محور المقاومة قوة لا يُستهان بها في المنطقة، حيث تعمل إيران على بناء تحالفات قوية مع القوى التي ترفض المشروع الصهيوني. وليس فلسطين وحدها المستفيدة من هذا الدعم، بل يمتد إلى لبنان والعراق واليمن، حيث تعمل إيران على دعم المقاومة في هذه الدول لمواجهة التهديدات الصهيونية والإمبريالية. من خلال هذا المحور المتماسك، أصبح العدو الصهيوني محاصرا من عدة جبهات، ما يجعله يعيش حالة من القلق الدائم.

في النهاية، لا يمكن إلا أن نقف بفخر أمام ما حققته المقاومة الفلسطينية بفضل هذا الدعم. صواريخ المقاومة التي تهز الكيان الصهيوني وتزرع الرعب في قلوب مستوطنيه، هي اليوم أكثر من مجرد سلاح، إنها رمز للصمود والوحدة والإصرار على تحرير الأرض. ومع كل صاروخ ينطلق، تهتز قلوب الإسرائيليين بالخوف، بينما يزداد الفلسطينيون عزما على مواصلة المقاومة.

الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية لم يكن دعما عابرا، بل هو جزء من رؤية أوسع لتحقيق التوازن في المنطقة. إيران ومحور المقاومة يعملان بتنسيق عالٍ لدعم الشعب الفلسطيني وتزويده بالوسائل اللازمة لمواجهة الاحتلال. هذا التنسيق والتعاون بين المقاومة وإيران أعطى ثماره اليوم على شكل صواريخ قادرة على ضرب عمق الكيان وإحداث تأثير استراتيجي. إن محور المقاومة اليوم أكثر قوة وتأثيرا من أي وقت مضى، حيث يقف الشعب الفلسطيني في قلب هذه المعركة، مسلحا بإرادة لا تنكسر وصواريخ تهز أركان الاحتلال.