مرّ
حولٌ بالتمام والكمال على "الطوفان" الذي اقتلع في طريقه كل شيء إلا الحقائق
التي باتت أكثر وضوحا ونصوعا، أكثر من أي وقت مضى..
في
طريقه، اقتلع الطوفان مؤامرات، واستراتيجيات، وتقديرات، وشعارات، وأمنيات، وأوهاما،
وأحلاما، وما ظن البعض أنها ثوابت وحقائق ومسلمات، وما هي كذلك.. وبقيت الحقائق
التي طمستها (لعقود) أكاذيب، وأراجيف، وشائعات، وتهويلات، وتأويلات..
من
هذه الحقائق:
حقيقة
تقول: إن الكيان الصهيوني ليس سوى خلية سرطانية، نشأت ونشطت في لحظة انعدمت فيها
مناعة الأمة.. استئصالها واجب، والتقاعس عن أدائه "انتحار"، أو
"فرار"، أو "تولٍ يوم الزحف".. اختر أيها تشاء، فكلها تعني
انعدام المسؤولية، والخوَر، والجُبن، والنذالة أيضا!
وحقيقة
تقول: إن وجود الكيان الصهيوني معلق بحبلين.. حبل من الله، وحبل من الناس، وكلا
الحبلين بيد الله (لا بيد أحد من الخلق كائنا من كان) يفلتهما أو يقطعهما متى
شاء.. ولا يزال هذان الحبلان يمدان هذه الخلية السرطانية بأسباب الحياة إلى أجل
مسمى عند الله، وأحسب أننا نشهد (منذ عام) بداية العد التنازلي لهذا الأجل..
الدولتين وهْمٌ كبير، لا يؤمن به إلا ساذج أبله، ولا يسعى إليه إلا متنطع؛ لأن "إسرائيل" كيان استيطاني إحلالي توسعي، لم يصل إلى الحدود التي رسمها لنفسه بعد، ولا سبيل إلى بلوغها إلا إذا ابتلع (بالكامل) كلا من فلسطين، والأردن، وسوريا، ولبنان، والكويت، ونصف العراق، وثلث كلٍّ من مصر والسعودية! هذا ما يقوله الصهاينة
وحقيقة
تقول: إن حل الدولتين وهْمٌ كبير، لا يؤمن به إلا ساذج أبله، ولا يسعى إليه إلا متنطع؛
لأن "إسرائيل" كيان استيطاني إحلالي توسعي، لم يصل إلى الحدود التي
رسمها لنفسه بعد، ولا سبيل إلى بلوغها إلا إذا ابتلع (بالكامل) كلا من
فلسطين،
والأردن، وسوريا، ولبنان، والكويت، ونصف العراق، وثلث كلٍّ من مصر والسعودية! هذا
ما يقوله الصهاينة وليس أنا!
وحقيقة
تقول: إن الأرض لأهلها، والمعتدين (لا محالة) راحلون.. راحلون طوعا أو كرها..
فخلال عام، غادر قرابة مليون صهيوني "أرض الميعاد" ولم يعودوا إليها،
وغالبا لن يعودوا أبدا.. أما أهل
غزة، فلم يغادر أحد منهم غزة، إلا للعلاج، أو
لاستكمال الدراسة.. فالغزيون يفضلون الشهادة على الإبعاد، أو التهجير القسري تحت
النار، رغم معاناتهم التي لا طاقة لبشر بها؛ لأنهم أصحاب الأرض والتاريخ والمستقبل
أيضا.. هكذا بكل بساطة ووضوح..
عام
من الجهاد والصمود والتعري
عام
من جهاد المقاومين، وصمود الغزيين.. عام لم نشهد عاما مثله، مذ كان لهذا الكيان
السرطاني وجود بين ظهرانينا.. عام تعرى فيه العدو الصهيوني تماما، حتى من ورقة
التوت التي ظل (منذ نشأته) يستر بها عورته، ويدوِّن عليها تبريراته الوقحة، إثر كل
عدوان يقوم به، وكل جريمة يرتكبها بحق المدنيين العُزَّل، في كل مكان يستطيع
الوصول إليه.. عام ظهرت خلاله حقيقة هذا الكيان العدوانية، المعادية لكل خير،
المتبنِّية والممارِسة لكل شر.. لقد سقط عنه قناع الضحية، ليظهر وجه ذلك البلطجي
الدميم القبيح الذي يعبد ذاته، ويسعى حثيثا لاستعباد الآخرين (حتى داعميه) بكل ما أوتي
من بطش، ورعونة، ووحشية، وجبروت، وفي سبيل ذلك يدمر كل شيء.. حتى ذاته!
وما
كان ذلك التعري ليحدث، لولا القرار التاريخي "الاستباقي الاستشرافي"
الذي اتخذته حركات
المقاومة في غزة، بقيادة حماس، بإطلاق "الطوفان" تجاه
غلاف غزة، في أرض فلسطين المحتلة، الذي تتمركز فيه فرقة عسكرية صهيونية عالية
الكفاءة والتسليح، في سابقة لم نشهد لها مثيلا نحن الذين اعتدنا على تلقي الضربات،
والركلات، والصفعات، والهزائم، والنكسات، على يد هذا العدو الذي يعيش (منذ عام)
أياما وليالي من الهلع، والتخبُّط، والتناحر.. أما الأسوأ فلم يره بعد..
عام تعرى فيه العدو الصهيوني تماما، حتى من ورقة التوت التي ظل (منذ نشأته) يستر بها عورته، ويدوِّن عليها تبريراته الوقحة، إثر كل عدوان يقوم به، وكل جريمة يرتكبها بحق المدنيين العُزَّل، في كل مكان يستطيع الوصول إليه.. عام ظهرت خلاله حقيقة هذا الكيان العدوانية، المعادية لكل خير، المتبنِّية والممارِسة لكل شر
وما
كان ذلك التعري ليحدث لولا المقاومة، وعزيمة وصلابة قادتها
ورجالها، وصناعة سلاحها بأيدي أبنائها، وإعادة استخدام ما يلقيه العدو من حِمم
لم تنفجر، ناهيك عن هذه الشبكة العنكبوتية من الأنفاق التي يقف العالم مشدوها أمام
تصميمها الغامض، ويقف العدو الصهيوني عاجزا عن سبر كنهها وأغوارها، رغم أنه وصل
إلى كل شبر في غزة تقريبا..
إنها معضلة
حسابية لا حل لها على الإطلاق.. مساحة صغيرة من الأرض.. محروقة مكشوفة، وكأنها
سجادة مُلقاة في العراء.. لا جبال، ولا هضاب، ولا مغارات.. أسلحة محلية الصنع..
حصار خانق منذ 18 عاما.. اضطهاد رسمي عربي وإسلامي، غير مبرر، من أي وجه.. مقابل
أسراب لا تهدأ من أحدث طائرات التجسس والاستطلاع.. قاذفات لا تتوقف عن قصف
المدنيين العزل بأطنان المتفجرات، في الخيام، وفي مدارس "الأونروا"، وفي
العراء، إذ لم يعد في غزة بيوت صالحة للسكن.. شحنات لا تنقطع من أشد الأسلحة فتكا
وتدميرا.. تحالف دولي من ست دول كبرى تقوده أمريكا القوة الأولى في العالم.. ولا
تزال صواريخ المقاومة تصل إلى تل أبيب حتى الساعة! ولا يزال الأسرى الصهاينة في قبضة
المقاومة! ولا يزال المقاومون ينصبون الكمائن، وينالون من جنود العدو! أليست هذه
معجزة؟ أليس هذا انتصارا للمقاومة؟ أليست هذه هزيمة منكرة للكيان الصهيوني وحلفائه
الأقربين والأبعدين؟!
وما
كان ذلك ليحدث لولا صمود أهل غزة الذي بَهت العدو وحلفاءه من الدول العظمى، وكذا حلفاءه
من الأعراب المتصهينين.. بينما أثار هذا الصمود أصحاب الضمائر الحية من غير العرب
والمسلمين، فأقبلوا يتساءلون عن السبب.. فقيل لهم: "إنه القرآن"..
فأقبلوا على القرآن، فإذا هم قوم آخرون صالحون.. وللمفارقة المخجلة والمخزية، فإن
نفرا (ليس بالقليل) من "العرب المسلمين" يعادون المقاومة، ويتآمرون
عليها، للسبب نفسه.. القرآن الذي اتخذته غزة (إدارة ومقاومة وشعبا) منهاج حياة، به
تحيا، وبه تقاوم، وبه تصبر وتصمد، وبه تنتصر.. إنه "الإسلام السياسي"
الذي تنادوا لحربه وإبادة أصحابه!
لقد
أبدعت المقاومة في الإعداد لهذه المعركة.. أعدت ما استطاعت من قوة، وأعدت حاضنتها
الشعبية تربويا، ونفسيا، وإيمانيا، وتعاملت بحزم وحسم مع "الطابور
الخامس".. وها نحن نرى النتيجة.. عدو صائل، جائر، متغطرس، ينزف لأول مرة..
اقتصاديا، وعسكريا، وأمنيا، ونفسيا، وأخلاقيا، وسيظل ينزف إلى أن يزول!
عام
من الإسناد والخذلان..
بدأ الطوفان عامه الثاني، وكأنه في يومه الأول، مع الفارق.. فيوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023 بدأ الهجوم "فلسطينيا" من غزة، على فرقة غزة، في غلاف غزة.. أما في السابع من أكتوبر الجاري (2024) فقد كان الهجوم "عربيا" على كامل فلسطين المحتلة.. من غزة، ولبنان، واليمن، والعراق
سيكتب
التاريخ أن من قدم الإسناد الناري للمقاومة "السُّنية" في غزة، هم فصائل
المقاومة "الشيعية" في لبنان، واليمن، والعراق، وأخيرا دولة إيران
"الفارسية الشيعية"..!
أما
الدول "السُّنية"، فبين متفرج، وعاجز، ومعاد للمقاومة، ومتحالف مع العدو
الصهيوني ضد المقاومة! هل هناك بلية أشر من ذلك؟! وأما الشعوب "السنية"
فلا تسمع لها صوتا إلا في اليمن والمغرب! فأين باقي الشعوب العربية
"السنية"؟! لماذا سكتت حين وجب الكلام.. الكلام وحسب!
لقد
بدأ الطوفان عامه الثاني، وكأنه في يومه الأول، مع الفارق.. فيوم السابع من تشرين
الأول/ أكتوبر عام 2023 بدأ الهجوم "فلسطينيا" من غزة، على فرقة غزة، في
غلاف غزة.. أما في السابع من أكتوبر الجاري (2024) فقد كان الهجوم
"عربيا" على كامل فلسطين المحتلة.. من غزة، ولبنان، واليمن، والعراق..
أي أننا نتقدم ولا نتأخر، رغم الصمت والخذلان العربي والإسلامي إلا قليلا..
إن
هذه الحرب بدأت ولن تنتهي إلا والصهاينة يحزمون أمتعتهم لمغادرة أرض فلسطين التي
"استحلّوها" وأفسدوا فيها سنين عددا، بموجب وعود زائفة، وتأويلات توراتية
فاسدة، ولن يبقى منهم إلا مَن كُتب عليه أن يُقتل شر قِتلة على أيدي مقاومي الغد،
أطفال اليوم الذين يلعقون جراحهم كل ساعة، ويوسدون أحباءهم التراب كل ساعتين!
ويبقى
السؤال: بأي وجه سيقابل المطبعون والمتآمرون (يومئذ) الشعب الفلسطيني الذي دفع (عن
الأمة كلها) ضريبة دم، هي الأغزر والأغلى في هذا القرن؟!
x.com/AAAzizMisr
aaaziz.com