سياسة دولية

معهد واشنطن "ينبش" وراء تنظيم القاعدة في ظل ذكرى السابع من أكتوبر

لم تجد دعوات تنظيم "القاعدة" لشن موجة جديدة من الهجمات في الغرب آذانا صاغية
برغم اعترافه بأنه لم يقم بأي عملية ضد المصالح الغربية طيلة العام الماضي، إلا أن الباحث في معهد واشنطن هارون واي. زيلين، يرى مع ذلك أن إطالة أمد الحرب في الشرق الأوسط قد يعطي تنظيم القاعدة دفعة.

على الرغم من أن الحامل السابق لراية الجهاد قد فشل في إلهام الهجمات خلال حرب غزة، إلا أنه لا ينبغي الاستخفاف بجهوده لاستغلال تصاعد المشاعر المعادية لإسرائيل وتدريب جيل جديد من الإرهابيين في أفغانستان.

وبحسب زيلين، زميل "برنامج جانيت وايلي راينهارد لمكافحة الإرهاب والاستخبارات"، فإنه في أغلب الأحوال، التزم تنظيم "القاعدة" بنهجه المعتاد على مدار العام الماضي، داعياً إلى شن هجمات ضد الإسرائيليين وكذلك اليهود الأجانب والغربيين الذين يدعمون "إسرائيل".

ويضيف أنه ظهرت جهود أخرى لإثارة الغضب المحلي والتحريض على الهجمات المسلحة في أواخر أيار/ مايو، عندما أطلق جندي مصري النار على قوات إسرائيلية عبر الحدود بعد قصف مخيم للنازحين الفلسطينيين في رفح. وسرعان ما استغل تنظيم "القاعدة" الحادثة بدعوة جديدة للتحرك. وخلال الذكرى السنوية لهجمات 11 أيلول/ سبتمبر الشهر الماضي، سعى تنظيم "القاعدة" وفرعه اليمني "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية" إلى وضع هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر إلى جانب 11 أيلول/ سبتمبر كفصل آخر في حربهما ضد "الصليبيين" و"الصهاينة". ومع ذلك، لم تلق دعواتهما حتى الآن لشن هجمات جديدة آذاناً صاغية.

وفي 16 تموز/ يوليو، أصدر سيف العدل الجزء الرابع من سلسلة مقالاته حول حرب غزة. وبخلاف الأجزاء السابقة التي ركزت بشكل كبير على "إسرائيل" وفلسطين، يقدم المقال الرابع برنامجاً جديداً لاستغلال الواقع الذي نشأ بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر في مختلف أنحاء العالم. ويقوم هذا البرنامج على مقاطع رئيسية من المقال الثالث، الذي دعا المقاتلين الأجانب إلى السفر إلى أفغانستان، والخضوع للتدريب المناسب، ثم العودة إلى بلدانهم الأصلية لتطبيق الدروس المستفادة من التمرد الناجح لحركة "طالبان".

ودعا العدل في مقالاته إلى شن هجمات ضد المؤسسات السياسية والاقتصادية والعسكرية للعدو، سواء في الدول ذات الأغلبية المسلمة أو في الغرب. في رأي العدل ستساعد مثل هذه الجهود في "تعمية العدو" وموازنة التفوق الجوي الغربي إذا نفذ تنظيم "القاعدة" عمليات ضد أفراد عسكريين (مثل مشغلّي الطائرات بدون طيار والفنيين) والبنية الأساسية (مثل مخازن الذخيرة وغرف العمليات).

ويتساءل زيلين إن كان هناك فرع لتنظيم "القاعدة" في غزة، ويزعم أنه في 5 أيلول/ سبتمبر، أصدرت جماعة جديدة في غزة تُدعى "حراس المسرى" برنامجا أيديولوجيا يعكس الرؤية العالمية لتنظيم "القاعدة". فبالإضافة إلى الدعوة إلى حكم الشريعة، انتقدت الوثيقة العديد من الجهات المعتادة التي يعتبرها تنظيم "القاعدة" رسمياً منافسة لها، مثل حزب الله وإيران وتنظيم الدولة، والفصائل الإسلامية التي تخضع لحكومات الدول. ومن اللافت للنظر أن الوثيقة لم تذكر "حماس".

وبحسبه فقد تم على مدار الشهر الماضي، تداول هذه الوثيقة وإصدارات أخرى من "حراس المسرى" من قبل مؤثرين مؤيدين لتنظيم "القاعدة" على "تلغرام"، مما عزز شرعية هذه الجماعة الجديدة وأشار إلى أنها قد تكون فرعاً رسمياً لتنظيم "القاعدة" في غزة.

وعلى الصعيد العملياتي، زعمت "حراس المسرى" تنفيذ هجوم واحد منذ ظهورها، وهو إطلاق صاروخ "غراد" من شمال غزة في 15 أيلول/ سبتمبر. كما بدأت الحركة في طلب التبرعات بعملة "تيثر" الرقمية (العملة المشفرة) في 23 أيلول/ سبتمبر، داعية المتبرعين إلى دعم "صمود ومثابرة إخوانكم في غزة". وتزعم الحركة أنها جمعت ما لا يقل عن 11,000 دولار حتى الآن.

وبالرغم من صعوبة التنبؤ بالمسار المستقبلي لـ "حراس المسرى"، إلا أن زيلين يزعم، أن "الموقف اللّين لتنظيم القاعدة تجاه حماس، التي تزداد ضعفاً، قد يمكّن هذه الحركة الجديدة من أن تكون متنفساً للشباب الذين يسعون إلى الانتقام من إسرائيل".

ومع ذلك فإنه بعد مرور عام على حرب غزة لم يستجب سوى عدد قليل، إن وُجد، لدعوات تنظيم "القاعدة" لشن موجة جديدة من الهجمات في الغرب.

وعلى الرغم من أن هذا الصمت يدعو إلى التفاؤل في الأجل القصير، بحسب زيلين، إلا أن الرسائل الأخيرة لتنظيم "القاعدة" تشير إلى خطة أطول أمداً، وهي إرسال أعداد متزايدة من المقاتلين الأجانب إلى أفغانستان تحت الحكم المتعاطف لـ "طالبان"، ثم إعادتهم إلى بلدانهم بمهارات جديدة.

ويخلص زيلين إلى أنه "على نطاق أوسع، من المؤكد أن هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر والبيئة المحفزة للتطرف التي خلقتها حرب غزة ستخلف أثراً طويل الأمد". مضيفا أن "فشل "القاعدة" في حشد دعم أكبر في العام الأول من الحرب هو أمر إيجابي، لكن عدم التعبئة أو تنفيذ الهجمات قد لا يستمر إذا استمرت الحرب في الشرق الأوسط في التوسع".