يلعب
رجال الأعمال دورا كبيرا
في الانتخابات الأمريكية، خاصة بما يقدمونه في تشكيل الحملات الانتخابية، حيث
تستخدم الشركات الكبرى والمانحون الأثرياء على قدرة المرشحين في الاستمرار في السباق
الانتخابي.
نشر موقع "كاونتر
بانش" تقريرًا تناول فيه تأثير المليارديرات الأمريكيين على السياسة
والانتخابات، مشيرًا إلى تزايد ثرواتهم عبر الإرث بدلاً من ريادة الأعمال. وقد
انضم بعضهم إلى مؤيدي
ترامب بعد الاقتراح الضريبي لإدارة بايدن، الأمر الذي من
شأنه التأثير على نتائج الانتخابات، في ظل تغييرات تنظيمية تتحدى نفوذهم السابق.
وقال الموقع، في تقريره الذي
ترجمته "عربي21"، إن بنك "يو بي إس"، البنك السويسري الخاص
العملاق، يقوم بتتبع الوافدين الجدد إلى صفوف طبقة المليارديرات في العالم منذ عقد
من الزمان حتى الآن. وقد أعلن أحدث إحصاء سنوي أصدره بنك "يو بي إس"
للمليارديرات الجدد في العالم، والذي صدر في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، عن حدث
تاريخي؛ حيث أشار للمرة الأولى إلى أن عدد الأشخاص الذين أصبحوا الآن مليارديرات
عبر الإرث يفوق الذين حققوا ذلك من خلال "ريادة الأعمال".
وأضاف الموقع أن هذا الكشف لم
يلقَ الكثير من الاهتمام العام، لكن من المؤكد أن العديد من المليارديرات لاحظوا
ذلك. لقد استندت شرعية ثروات المليارديرات دائمًا إلى أسطورة ريادة الأعمال التي
يستند إليها الأثرياء في كل فرصة. ووفقًا لهذه الأسطورة، فإن عبقريتنا هي التي جلبت
لنا ملياراتنا، فكيف تجرؤ أي حكومة على اتخاذ أي خطوة لفرض ضرائب على جزء كبير من
ثروتنا "العصامية"!
وذكر الموقع أن إدارة بايدن
تجرأت على ذلك، لا سيما من خلال اقتراح "ضريبة المليارديرات"، وهي ضريبة
تفرض على حاملي الثروات التي تتجاوز قيمتها الـ100 مليون دولار، بحيث يدفعون ضرائب
سنوية على النمو في قيمة أصولهم المالية، التي تشكل أساس ثروة المليارديرات.
وبالنسبة لمارك أندريسين،
المستثمر الملياردير وعضو الحزب الديمقراطي السابق، فإن اقتراح بايدن الضريبي
سيكون "القشة التي ستقصم ظهر البعير". ومنذ ذلك الحين، انضم أندريسين
إلى صفوف مؤيدي ترامب.
وبين الموقع أن هناك عوامل
أخرى، بجانب الضرائب، تدفع قادة التكنولوجيا إلى دعم ترامب. ويشير جون نوتون، محلل
الثروة في الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة، إلى أن ثروات التكنولوجيا في
أمريكا "نمت إلى أبعاد هائلة في بيئة سياسية متساهلة بشكل ملحوظ." ولكن،
قامت الجهات التنظيمية الناشطة مثل لينا خان في لجنة التجارة الفيدرالية بإدارة
بايدن مؤخرًا بإلغاء الشيكات المفتوحة التي كانت تتمتع بها شركات التكنولوجيا
الكبرى.
وأضاف الموقع أن رفض الحكومة
الفيدرالية في عصر بايدن للامتثال التلقائي لرغبات شركات التكنولوجيا الكبرى قد
أطلق طاقة جديدة لدى المليارديرات الذين كانوا سابقًا يهتمون نسبيًا بالسياسة. وقد
أصبح إيلون ماسك رمزًا لهذه الطاقة الجديدة، ويبدو أنه سيستفيد منها أكثر من غيره.
وقد وعد ترامب بالفعل بتعيين ماسك رئيسًا للجنة جديدة لـ"كفاءة الحكومة"
التي يخطط لإنشائها عند عودته إلى البيت الأبيض.
ويمكن أن تمنح هذه المنصة
ماسك السلطة اللازمة لتجاوز التحقيقات الفيدرالية في أعماله، والتي تجري بالفعل في
وكالات تتراوح بين إدارة السلامة على الطرق السريعة الوطنية إلى لجنة الأوراق
المالية والبورصات.
وأفاد الموقع بأن رصد حجم
الأموال التي يضخها داعمو ترامب من عالم التكنولوجيا العالية في حملته الانتخابية
لا يمكن معرفتها بشكل دقيق، نظرًا لوجود مشهد "المال المظلم" الحالي،
لكن هناك بعض الأرقام حول المشهد العام للمليارديرات التي يمكن أن تساعد في فهم
التأثير السياسي الشامل للثروات المتراكمة من مجالات تتراوح بين رقائق الكمبيوتر
إلى الرقائق في ألعاب القمار.
وذكر الموقع أن المليارديرة
ميريام أدلمان، أرملة عملاق الكازينوهات شيلدون أديلسون، قد أودعت 100 مليون دولار
في لجنة العمل السياسي "احفظ أمريكا". كما أن وريث السكك الحديدية
تيموثي ميلون قد منح مبلغًا مذهلاً بلغ 150 مليون دولار لعمليته "اجعلوا
أمريكا عظيمة مجددًا".
وأضاف الموقع أن إيلون ماسك
كان قد ضخ حوالي 75 مليون دولار في "لجنة العمل السياسي الأمريكية" قبل
شهر تشرين الأول/ أكتوبر. وأظهرت الملفات المعلنة حديثًا أن ماسك أضاف 44 مليون
دولار إضافية إلى تلك اللجنة خلال النصف الأول من تشرين الأول/ أكتوبر، بالإضافة
إلى 2.3 مليون دولار أخرى في "صندوق العمل الحارس" المؤيد لترامب.
ماذا تشتري كل تلك الملايين؟
الكثير من وقت الإعلانات، بالطبع، على شاشات التلفزيون والكمبيوتر. لكن
المليارديرات مثل ماسك لا يشترون مجرد انتباه الناس، فهم يبذلون جهدهم لإعادة
أمريكا إلى أيام "العصر الذهبي" القديمة عندما كان بإمكان الأثرياء شراء
الأصوات التي يحتاجونها ببساطة، وقد أصبح إيلون ماسك رائدًا في هذه الحقبة الجريئة
الجديدة من شراء الأصوات.
وكان ماسك قد بدأ، قبل أكثر
من أسبوعين من يوم الانتخابات، بتنظيم يانصيب يومي مفتوح فقط للناخبين المسجلين في
الولايات المتأرجحة الذين وقعوا على عريضة لدعم حرية التعبير وحق حمل الأسلحة،
وكانت الجائزة اليومية تبلغ مليون دولار.
ونقل الموقع ما نشره موقع
"يو إس إيه توداي" مشيرًا إلى أن دفع الأموال للناس لتحفيزهم على
التصويت أو التسجيل يُعتبر "جريمة يعاقب عليها بالسجن"، وأن هذا الحظر
القانوني ينطبق على "أي شيء ذي قيمة مالية مثل المشروبات الكحولية أو فرص اليانصيب"،
وفقًا لما ينص عليه دليل وزارة العدل الأمريكية حول جرائم الانتخابات.
بعد أربعة فائزين يوميًا -
وتحذير من وزارة العدل - أوقف ماسك جائزة اليانصيب اليومية الخاصة به، ولكن إذا
استؤنف اليانصيب، فمن المؤكد أن الجوائز اليومية التي تبلغ قيمتها مليون دولار لن
تؤثر كثيراً على ثروة ماسك الشخصية؛ حيث أنهى ماسك يوم 23 أكتوبر وقيمته 237 مليار
دولار .
وفي الوقت نفسه؛ يكرّس
مليارديرات آخرون مؤيدون لترامب ملايين الدولارات لليوم الذي يلي 5 تشرين الثاني/
نوفمبر؛ حيث كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق من هذا الأسبوع
أن "شبكة سرية من المتبرعين الجمهوريين والمليارديرات المحافظين" قد
أنفقت السنوات التي تلت انتخابات 2020 الرئاسية "لتأسيس قاعدة أكثر تنظيمًا
وأفضل تمويلًا وأوسع نطاقًا للطعن في النتائج".
وتُفيد الصحيفة بأن المجموعات
المرتبطة بمليارديرات مثل قطبي الشحن من ويسكونسن، ريتشارد وإليزابيث أوهلين،
ومؤسس "هوبى لوبي" ديفيد غرين، "تقوم بمراجعة تسجيلات الناخبين على
نطاق واسع وتعمل على إبطاء عملية فرز الأصوات" و"إغراق المسؤولين
المحليين عن الانتخابات بالأعمال الورقية والدعاوى القضائية".
ولإضافة مزيد من الفوضى بعد
الانتخابات، تشير الصحيفة إلى أن إحدى هذه المجموعات المدعومة من المليارديرات
تقدم مكافآت مالية لـ "أي شخص يبلغ عن تزوير الانتخابات أو إساءة استخدامها".
وتقوم مجموعة أخرى تدعم
ترامب، تُعرف باسم "شبكة إيغل إيه آي"، بإغراق مسؤولي الانتخابات بقوائم
طويلة من الناخبين المسجلين التي تدعي أنها بحاجة للتحقيق. ويشير بن هوفلياند،
رئيس لجنة مساعدة الانتخابات الأمريكية الثنائية، إلى أن هذه القوائم تمثل
"تسليحًا" لقوانين السجلات العامة، وتعتبر "استنزافًا
للموارد" له "عواقب حقيقية" على عمل المكاتب المحلية التي تدير
الانتخابات الأمريكية.
واختتم الموقع تقريره قائلًا
إن هذه السنة الانتخابية قد تنتهي بنظام انتخابي معطل، ويقع اللوم في ذلك على
المليارديرات الذين يؤكدون، في كل فرصة، أنهم لا يتمنون شيئًا أكثر من جعل أمريكا
عظيمة مرة أخرى.