مقالات مختارة

ما دخلُ فرنسا في إفريقيا؟

الأناضول
ما قاله الرئيس السنغالي “باسيرو ديومايي فاي”، في حوار أجرته معه وكالة الأنباء الفرنسية، عن كيف يجب أن تكون العلاقة بين فرنسا والبلدان الإفريقية المتحررة، وضرورة أن ينتهي التواجد العسكري الفرنسي في القارة الإفريقية، ومقارنته الجريئة بين فرنسا التي تريد أن تأخذ كل شيء بقليل من المبادلات والاستثمارات، والصين التي بكثير من المبادلات والاستثمارات غير طامعة في أي شيء، ما قاله الرئيس السنغالي لمرآة الصحافة الفرنسية، يمكن اعتباره خارطة طريق أو وثيقة تحرّر، يجب أن تسير عليها البلدان الإفريقية المتبقية، على قلّتها، تحت السيطرة الفرنسية.

تضيّع فرنسا في الفترة الأخيرة بسرعة فائقة، الكثير من البلدان التي ظنت بأن الثورة لن تصلها، عندما ارتضت لها الفقر والحروب الأهلية والتبعية الاقتصادية والثقافية، فبعد أن ظنت الأمر مقتصر على بلدان الساحل التي يعتصرها الجوع، من بوركينا فاسو إلى مالي والنيجر، انتقل الربيع الإفريقي إلى بلاد أخرى، مثل السنغال وتشاد، وواضح بأن فرنسا التي تبنّت بالقوة، الحكومات والشعوب، لن تجد موطئ قدم في القارة الإفريقية في قريب الآجال.

إلى غاية سنة 2014 كانت فرنسا تفتخر في اجتماعات المنظمة الدولية للناطقين باللغة الفرنسية أو المنظمة الفرانكوفونية، وكانت تعدّ بافتخار ونرجسية، ثمانين دولة في هذه المنظمة، غالبيتها من الأعضاء والبقية من المراقبين، وتطمح في المزيد، قبل أن ينقلب السحر على ممتهنه، ولن تضيع فرنسا من هذه المنظمة الغريبة مزيدا من الأعضاء والمراقبين فقط، بل قد تضيّع المنظمة بالكامل، وتبقى فيها وحيدة.

لا يتحمل إيمانويل ماكرون وحده ما يحدث لفرنسا، التي كانت تريد أن تكون إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، فصارت كيانا لا تطلّ عليه الشمس، وإنما يشاركه في هذا السقوط كل رجال السياسة والثقافة والاقتصاد الذين يظنون بأنهم مازالوا يعيشون فترة أوريول وريني كوتي وديغول، عندما كانت فرنسا تتنفس بمستعمراتها.

في الأسبوع الماضي فقط، ثارت دولة هايتي الواقعة في البحر الكراييبي، وهي مستعمَرة سابقة لفرنسا، كما ثار شعبها، على خلفية تصريح غريب للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وصف أعضاء المجلس الانتقالي في هايتي بـ”الأغبياء”، لأنهم أقالوا صديقه رئيس الوزراء، كما وصف الشعب الهاييتي بـ”مدمن مخدرات”، وبالرغم من التوضيحات التي حاولت الحكومة الفرنسية تقديمها، إلا أن الرئيس الفرنسي الحالي أخرج الكثير من المستور، وسيُفقد فرنسا مزيدا من المصالح التي حققتها تحت مظلة ما يسمى “الفرانكوفونية”.

ما شيّده زعماء فرنسا من عهد نابليون إلى زمن جاك شيراك، بدأ في الانهيار، وقد لا تنتهي عهدة ماكرون إلا وفرنسا وحيدة مع خارطتها ولغتها وشعبها المتواجد في أوروبا فقط.

الشروق الجزائرية
الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع