اقتصاد عربي

طرح شركات الجيش في البورصة.. هل رضخ السيسي لشروط صندوق النقد الدولي؟

القرار يعكس تحولا كبيرا في استراتيجية الاقتصاد المصري- حساب صندوق النقد الدولي على إكس
قررت الحكومة المصرية طرح بعض الشركات التابعة للقوات المسلحة في البورصة، في إطار ضغوطات لصندوق النقد الدولي.

وطرحت شركات تتبع مختلف القطاعات، منها النفط والمياه والبنية التحتية، حيث شمل التوجه عدة شركات تابعة للقطاع العام  مثل "الوطنية للبترول" و"صافي للمياه".
 
ويعكس القرار بطرح شركات تابعة للقوات المسلحة في البورصة تحولًا كبيرًا في استراتيجية الاقتصاد المصري، ويعتبر تنازلاً حكوميًا، على الرغم من أن الجيش المصري يسيطر على عدد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد، إلا أن الحكومة قررت اتخاذ قرارات تتماشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي.

من غير المرجح أن يؤدي طرح هذه الشركات في البورصة إلى تغيير جذري في هيمنة الجيش على الاقتصاد المصري، فالجيش لا يزال يعد أحد اللاعبين الرئيسيين في قطاعات استراتيجية، رغم الخطوات التي تتخذها الحكومة لفتح بعض أبواب الاقتصاد أمام القطاع الخاص.


ومع ذلك، يعتبر العديد من المراقبين أن هذه الخطوة لا تهدد مصالح الجيش بشكل كبير، بل هي مجرد تعديل في آليات الاقتصاد الوطني لتلبية مطالب المؤسسات الدولية.



ومنذ انقلاب رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز / يوليو 2013 شهدت مصر توقيع عدة اتفاقيات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قروض لدعم الاقتصاد الوطني.

في عام 2016، وافق صندوق النقد على إقراض مصر مبلغ 12 مليار دولار، وذلك مقابل تنفيذ مجموعة من القرارات الاقتصادية مثل تحرير سعر الجنيه المصري، خفض الدعم عن الطاقة والوقود، وتقليص عجز الموازنة العامة.

وتسبب تطبيق هذه السياسات في آثار سلبية على مستوى معيشة المواطنين، حيث شهدت الأسعار ارتفاعًا حادًا، وأدى ذلك إلى احتجاجات شعبية وتذمر واسع في بعض الفئات الاجتماعية، خاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة. رغم ذلك، شهدت مصر بعض التحسن في مؤشرات اقتصادية أخرى مثل احتياطي النقد الأجنبي والاستثمار الأجنبي، لكن بقاء الدين الخارجي في مستويات مرتفعة أصبح يشكل تحديًا مستمرًا للسياسة المالية.

وفي عام 2020، وقعت مصر مرة أخرى اتفاقًا مع صندوق النقد للحصول على قرض آخر بقيمة 5.2 مليار دولار، وذلك لدعم الاقتصاد في ظل تداعيات جائحة كورونا، وتواصل الحكومة المصرية التزامها بالقرارات الاقتصادية المطلوبة من صندوق النقد في سبيل الحصول على قروض جديدة، مما يجعل مصر في دائرة الاستدانة المستمرة مع الصندوق.


وفي المفاوضات الأخيرة بين مصر وصندوق النقد الدولي، كانت مصر تسعى للحصول على دعم مالي إضافي لمساعدتها في مواجهة التحديات الاقتصادية الحالية. في بداية عام 2024، بدأ الجانبان في التباحث حول إمكانية الحصول على قرض جديد

وتضمنت النقاشات إصرار صندوق النقد على ضرورة خفض الدين العام وتحقيق استدامة مالية على المدى الطويل، إلا أن الضغوط الاجتماعية والسياسية التي يواجهها السيسي من الداخل، والظروف الاقتصادية العالمية المعقدة، جعلت من هذه المفاوضات عملية حساسة.