ملفات وتقارير

"صدمة حقيقية".. هل من دور للعراق في سوريا بعد سقوط الأسد؟

العراق لم يتدخل في سوريا خلال الحملة العسكرية التي شنتها المعارضة ضد نظام الأسد- الأناضول
على وقع سقوط نظام بشار الأسد، وسيطرة المعارضة على زمام الأمور في البلاد، برزت تساؤلات عدة عن الدور الذي يمكن أن يلعبه العراق في سوريا، بعدما فشلت كل محاولات بغداد في منع سقوط النظام السوري، والتي كان آخرها استضافة الاجتماع الوزاري الثلاثي.

تمكنت المعارضة السورية، الأحد، من السيطرة على العاصمة دمشق، آخر معاقل رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، الذي فرّ إلى روسيا، بعد 13 عاما على اندلاع ثورة نادت بإسقاطه، وقابلها بقمع شديد استخدم فيه كل أنواع الأسلحة، حتى الكيماوية منها.

"صدمة حقيقية"
وتعليقا على الموضوع، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، فلاح المشعل، إن "ما حصل في سوريا أدخل الجميع في صدمة حقيقية، وتحديدا السلطات العراقية والحشد الشعبي والفصائل الموالية لإيران التي كانت ناشطة على الأراضي السورية، ووضعهم أمام تخوّف حقيقي مما سيحدث لاحقا".

وأضاف المشعل لـ"عربي21"، أن "البرنامج المطروح سياسيا على مستوى المنطقة، هو أن الشرق الأوسط الجديد سيحدث تغييرا في لبنان وسوريا والعراق وإيران، وهذا الأمر ظهر منذ الحرب الأخيرة التي اندلعت بين إسرائيل وحزب الله اللبناني".

وأشار إلى أنه "تأكد لدى الرأي العام العراقي أن الوضع في العراق بات على حافة التغيير، وذلك بعد تصفية حزب الله اللبناني، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا".

وأردف: "الحكومة العراقية، وقوى الإطار التنسيقي الحاكم مدعوة إلى مراجعة موقفها والتعامل بحذر شديد جدا مع الحدث السوري، وحسنا فعل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بعدم التدخل في الساحة السورية رغم الحديث عن الوقوف إلى جانب النظام السوري".

وأشار إلى أن "العراق يعيش أزمات حقيقية، وهو بلد هش ليس لديه القدرة على الدخول في أي معركة، وإذا أزحنا الإنشائيات السياسية والطائفية والدعاية الإيرانية التي تعمل منذ سنوات، تظهر الحقائق واضحة".

وبناء على ذلك، يضيف المشعل، قائلا: "شاهدنا كيف سقط النظام السوري بين ليلة وضحاها وتهشم كل شيء، فقد كان عبارة عن ترسانة عسكرية، وهكذا أجد الأوضاع في بقية البلدان".

ودعا المشعل إلى "ضرورة التزام الهدوء السياسي والابتعاد عن التصادم مع أي ظاهرة في سوريا، وانتظار ما تترشح عنه الأحداث هناك، ولا سيما طبيعة النظام القادم وعلاقاته الدولية ومع دول الجوار".

وشدد على ضرورة أن "تتعامل الحكومة العراقية والطبقة السياسية الحاكمة، بحكمة وتنظر إلى مصالح العراق أولا، لأن سوريا دولة مجاورة ونستورد عبرها العديد من البضائع، إضافة إلى وجود ترابط جغرافي واجتماعي، وتحديدا مع محافظتي الأنبار ونينوى".

وأوضح المشعل أن "مصالح العراق مقدمة على كل شيء، وبالتالي هي من ترسم سياسة البلد الخارجية، وإذا كانت الحكومة تتعاطى بواقعية سياسية بعيدا عن الشعارات والضغط الإيراني، فإنها تتعامل مع طبيعة النظام في سوريا، سواء كان راديكاليا متشددا، يساريا أو يمينيا، فهي غير معنية بذلك".

وبحسب الكاتب، فإن "العراق يسير بمنطقة حذرة جدا ويحسب لكل شيء حسابه، لأنه منذ سيطرة المعارضة السورية على حلب في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تغيرت الكثير من المعايير السياسية وانكشفت حقائق جديدة تتعلق بإيران والوضع الداخلي العراقي وتأثيرات دول الجوار".

ونوه إلى أن "بشار الأسد متهم بزج آلاف السيارات المفخخة التي انفجرت بالعراق وتدريب الإرهابيين بالتعاون مع أطراف إيرانية، بالتالي ينبغي على بغداد الترحيب بأي نظام بديل، لأن نظام الأسد فاشتي ديكتاتوري أجرم بحق شعبه، شردهم وسجنهم وهدم بيوتهم وانتهك أعراضهم".

التعامل بواقعية
وفي السياق ذاته، قال الباحث والمحلل السياسي العراقي، كاظم ياور، لـ"عربي21" إن "الحكومة مطالبة بأن تأخذ بوجهات نظر جميع القوى والكتل السياسية العراقية حتى تحافظ على الأمن القومي للبلاد، وهي مساحة مشتركة بين جميع الكتل".

وأوضح ياور أن "الدستور العراقي يمنع التدخل في شؤون دول الجوار، ويفرض حالة من الحياد لما يجري في أراضي الدول الأخرى، مثلما يرفض التدخل الخارجي في الحالة العراقية".

ولفت إلى أن "الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية (العراق، إيران، سوريا) الذي عقد في بغداد، الجمعة الماضية، جاء بعد تصريحات كثيرة للعراق وإيران، تحدثا عن عدم تركهم نظام بشار الأسد وحده، وأن بعض الفصائل العراقية تتوعد بالدخول للقتال إلى جانبه".

وأشار ياور إلى أن "الأطراف الثلاثة لم يتبلور موقفها بشكل قوي على الساحة الإقليمية والدولية، نتيجة عدم وجود الحليف الرابع المتمثل بروسيا، في اجتماع بغداد، لكنه تواجد في اجتماع الدوحة بعدما انتقلت الأمور على الأرض لصالح المعارضة السورية".

وتابع: "بعدها أصبح تغير في المواقف العراقية الرسمية عبر تصريحات وزير الخارجية، فؤاد حسين، الذي تحدث أن العراق يعمل على ضمان حدوده، وبالتالي اختفت المواقف التصعيدية باتجاه التدخل في الحالة السورية".

وعن فشل الاجتماع الثلاثي، أكد ياور أن "غياب الإجماع الوطني العراقي كان وراء ذلك، فقد صدر عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، بيانات تطالب بعدم التدخل في الشأن السوري".

وأردف: "بالتالي تبين أن الحكومة العراقية لم تستند في توجهاتها وقراراتها على المساحة الوطنية التي تعبر عنها الكتل البرلمانية، ولم يحصل اجتماع للجنة البرلمانية للأمن والدفاع، أو انعقاد البرلمان من أجل بلورة حالة وطنية في هذا الصدد".

وخلص ياور إلى أن ما أدى إلى فشل الاجتماع الثلاثي، هو "تصاعد الأحداث في سوريا، وسيطرة المعارضة السورية بشكل متسارع على المدن، بالتالي تراجعت الأطراف العراقية التي كانت قد اندفعت في رغبتها بالدفاع عن النظام السوري، ثم قبلت بأي حل دبلوماسي".

وأصدر المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، بيانا بعد سقوط نظام الأسد، الأحد، أكد فيه ضرورة احترام الإرادة الحرة لجميع السوريين، وعلى أهمية أمن سوريا ووحدة أراضيها، وصيانة استقلالها.

وأوضح العوادي، أن "العراق يجدد تأكيده أهمية عدم التدخل في الشأن الداخلي السوري، أو دعم جهة لصالح أخرى، ولن يدفع بالأوضاع في سوريا سوى إلى المزيد من الصراع والتفرقة، وسيكون المتضرر الأول هو الشعب السوري الذي دفع الكثير من الأثمان الباهظة".