في مشهد
دراماتيكي أعاد تشكيل الخارطة السياسية في
سوريا، أُطيح بالرئيس السوري المخلوع بشار
الأسد في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر لينتهي بذلك عهد امتد لقرابة الـ24 عاماً من
حكمه، و50 عاماً من سيطرة عائلته على البلاد.
كان هذا التحول
جزءاً من انتفاضة معارضة نجحت أخيراً في إسقاط النظام السوري، مدعومة بتغيرات
دولية ومحلية قلبت موازين القوى.
ومنذ عام 1970،
تركزت السلطة في يد عائلة الأسد، بدءا مع حافظ الأسد، والد بشار، الذي حكم سوريا
لثلاثة عقود بقبضة من حديد، ثم استلام
بشار الأسد زمام السلطة عام 2000، وقد شهدت فترة حكمه حرباً أهلية دامت أكثر من عقد، تاركة البلاد في حالة من الفوضى والتدمير.
تفاصيل الفرار
إلى روسيا
مع تقدم
المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام وسيطرتها السريعة على دمشق في أواخر تشرين
الثاني/ نوفمبر لم يجد بشار الأسد وعائلته خياراً سوى الهروب.
أكدت تقارير
إعلامية روسية أن الطائرة التي نقلت عائلة الأسد إلى موسكو انطلقت بشكل سري من
مطار دمشق تحت حماية روسية مباشرة، ما يعكس الاستعدادات الروسية المسبقة لهذا
السيناريو.
وكانت
روسيا الداعم
الأساسي للأسد خلال الحرب الأهلية؛ إذ إن تدخلها العسكري في عام 2015 قلب موازين المعركة
لصالحه، إلا أن انشغال موسكو بحربها في أوكرانيا وتراجع مواردها جعلها غير قادرة
على دعم الأسد في لحظاته الأخيرة.
تشير تقارير إلى
أن روسيا كانت تعلم بتحركات المعارضة المسلحة، لكنها فضلت الحفاظ على قواعدها
ومصالحها في سوريا بدلاً من التدخل لإنقاذ النظام.
علاقات الأسد
بروسيا
تمتد العلاقة
بين عائلة الأسد وروسيا لعقود، وقد اعتبرت موسكو الملاذ الآمن للعائلة في
أحلك الظروف. في عام 2019، كشفت صحيفة فاينانشال تايمز أن عائلة الأسد امتلكت ما
لا يقل عن 20 شقة فاخرة في موسكو، بقيمة عشرات الملايين من الدولارات، هذه
الاستثمارات كانت جزءا من استراتيجية طويلة الأمد لتحصين العائلة مالياً خارج
سوريا.
كما أن الابن
الأكبر لبشار الأسد، حافظ، يدرس للحصول على درجة الدكتوراه في موسكو، ما يعكس عمق
العلاقة بين الجانبين. يُذكر أن حافظ كان الوجه العام للعائلة في الأوساط
الأكاديمية الروسية، حيث إنه كان يظهر في مناسبات عدة تعكس القرب بين الأسرة والنخبة
الروسية.
مصير العائلة
بعد الفرار
أسماء الأسد:
زوجة بشار الأسد، المولودة في بريطانيا، تحمل جواز سفر بريطانياً، ما يتيح لها
العودة إلى المملكة المتحدة إذا رغبت. مع ذلك، تشير التقارير إلى أنها قد تفضل
البقاء في موسكو بسبب العقوبات الغربية المفروضة على عائلتها، بما في ذلك والدها.
الأبناء: لدى
بشار وأسماء ثلاثة أبناء؛ حافظ، زين، وكريم. الابن الأكبر حافظ، الذي يبلغ من
العمر 22 عاماً، يواصل دراسته في موسكو، بينما يظل مستقبل الأبناء الآخرين غير
واضح، ويعتقد أن الأسرة تعتمد على ثروتها الموزعة دولياً لضمان مستوى معيشة عالٍ في
روسيا.
هل ستتم محاكمة
الأسد؟
أثار سقوط نظام
الأسد تساؤلات حول إمكانية محاكمته بجرائم حرب، وفقاً لمنظمة العفو الدولية، إذ يُتهم
نظام الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية
والتعذيب والاختفاء القسري. وفرنسا، على سبيل المثال، سعت لإصدار مذكرة توقيف
دولية بحق الأسد بتهمة التواطؤ في جرائم حرب.
رغم ذلك، فإن فرص محاكمته تظل ضئيلة إذا ما بقي في روسيا، لأن موسكو لا تسلم مواطنيها أو اللاجئين
السياسيين تحت حمايتها. كما أن الحماية التي توفرها روسيا للأسد تندرج ضمن مصالحها
الاستراتيجية للحفاظ على نفوذها في المنطقة.
موقف روسيا من
المعارضة
مع سقوط نظام
الأسد، بدأت موسكو محادثات مع المعارضة لتأمين مصالحها الاستراتيجية في
سوريا، بما في ذلك قواعدها العسكرية والبعثات الدبلوماسية. ويبدو أن روسيا تحاول
التوصل إلى اتفاقيات تضمن استمرارية وجودها في المنطقة، مع الحفاظ على علاقات
متوازنة مع القوى الجديدة في سوريا.