كتاب عربي 21

كتائب عبدالله عزام تغيّر قواعد اللعبة مع إيران

1300x600
يبدو أن قواعد اللعبة التي حكمت العلاقة بين تنظيم القاعدة وأنصارها وإيران وحلفائها قد تغيرت، فقد دشن الحدث السوري قطيعة أسفرت عن تغيّر قواعد الاشتباك عبر استهداف المصالح الإيرانية بشكل مباشر، حيث نفذت كتائب عبدالله عزام التابعة لتنظيم القاعدة هجومين انتحاريين على مقر السفارة الإيرانية في بيروت أسفرا عن مقتل 25 شخصا بينهم الملحق الثقافي الإيراني في لبنان إبراهيم الأنصاري وإصابة أكثر من 150 جريحا.

تاريخيا تميزت العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة بـ "التحالف الموضوعي" على أسس مصلحية مشتركة على الرغم من الخلاف الإيديولوجي، فإيران التي تنتمي إلى المذهب الشيعي والقاعدة التي تتبع المذهب السني اجتمعتا على العداء للولايات المتحدة وإسرائيل أو ما يعرف بالعدو "الصليبي الصهيوني"، إلا أن انطلاق الثورات في العالم العربي ووصولها إلى سوريا قلب جملة من التصورات حول طبائع الصراع في المنطقة، فقد ساندت إيران حليفها النظام السوري في قمعه الوحشي للثورة الشعبية السورية عبر الحرس الثوري وفيلق القدس الخاص بالعمليات الخارجية ومن خلال أدواتها الناعمة والصلبة في المنطقة كحزب الله في لبنان والمليشيات الشيعية في العراق كلواء أبو الفضل العباس.

السردية الكبرى لمحور طهران ــ دمشق المتعلقة برواية المقاومة والممانعة لم تعد مقنعة للجمهور السني عموما وتنظيم القاعدة وأنصاره خصوصا؛ فالروح الطائفية طغت على فعاليات وتدخلات طهران والتقارب مع الولايات المتحدة "الشيطان الأكبر" بات أمرا واقعا والتوصل إلى اتفاق بخصوص الملف النووي مع مجموعة الخمسة زائد واحد يوشك على النفاد، على الجانب الآخر تكشف نظام الممانعة والمقاومة في دمشق عن مهزلة لا نظير لها عبر "صفقة الكيماوي" التي سلم بموجبها مخزونه من الأسلحة الكيماوية التي استخدمها ضد شعبه فيما جبهة الجولان المحتل هادئة للأبد.

السردية الجديدة لمحور طهران ــ دمشق تقوم على مفارقة غريبة أثيرة لدى الولايات المتحدة والغرب وهي "محاربة الإرهاب" فالدولتان اللتان طالما اعتبرتا راعيتين للإرهاب يقدمان نفسيهما كشركاء في تحالف "نادي الحرب على الإرهاب"، بغض النظر عن كونهما خلقا الشروط والظروف والأسباب المنتجة "للإرهاب"إلا أن هذه الرواية التي تعيد انتاج التحالفات الموضوعية في المنطقة على أسس إرهابوية لا يمكن أن تمر دون عواقب وخيمة، فقد دشنت عملية استهداف السفارة الإيرانية في بيروت مرحلة فارقة في العلاقة بين القاعدة وأنصارها وإيران وحلفائها.

 كتائب عبدالله عزام اعلنت مسؤوليتها عن الهجمات على لسان الشيخ سراج الدين زريقات، أحد عناصر التنظيم  بعيد التفجيرين، عبر حسابه على موقع تويتر للتواصل الاجتماعي، وأكد أن "سرايا الحُسينِ بن علي - كتائب عبدالله عزام"، نفذت "عملية استشهادية مزدوجة لبطلين من أبطال أهل السنة في لبنان"، متوعداً باستمرار العمليات التفجيرية، حتى انسحاب حزب الله من سوريا، وإطلاق سراح سجناء التنظيم المعتقلين في لبنان، وقد ظهرت كتائب عبدالله عزام  كأحد أذرع القاعدة في بلاد الشام على يد صالح عبدالله القرعاوي بتوجيهات من أبو مصعب الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق عام 2004، وهو من أخطر المطلوبين على قائمة الـ 85السعودية.

 تنقل القرعاوي بين السعودية والأردن والعراق وسوريا ولبنان وإيران وباكستان، واستهدفته طائرة أميركية من دون طيار بقذيفة، في وزيرستان على الحدود بين باكستان وأفغانستان 20012، ولحقته إصابة بليغة نجم عنها بتر ساقيه، ويده اليمنى، وفقد عينه اليسرى، وتهشم فكه، قبل أن تتسلمه السلطات السعودية في يونيو 2012.

توسع نطاق عمل كتائب عبد الله عزام في مصر عقب لقاء القرعاوي مع أحد قيادات القاعدة في باكستان محمد خليل الحكايمة الذي قتل بطائرة بدون طيار شمال غرب باكستان في سبتمبر 2008، وكان القرعاوي قد تزوج من ابنة الحكايمة، وبهذا بات اسم الفرع الجديد للقاعدة "تنظيم القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة/كتائب الشهيد عبد الله عزام"، وتم تدشين مجموعة من السرايا العاملة في منطقة نفوذها وهي: سرايا زياد الجراح في لبنان وفلسطين وسرايا محمد عطا في مصر وسرايا يوسف العييري في جزيرة العرب ومؤخرا سرايا الحسين بن علي التي تعمل على استهداف إيران وحزب الله في لبنان وسوريا.

ومن أبرز العمليات التي نفذتها كتائب عبدالله عزام إطلاق ثلاث قذائف صاروخية من نوع كاتيوشا استهدفت تجمعا للبوارج الحربية الأميركية الراسية في ميناء العقبة إضافة إلى ميناء إيلات في  آب/أغسطس 2005، وإطلاق صواريخ على الأراضي الفلسطينية المحتلة في تشرين الأول/ أكتوبر 2009،واستهداف مواقع سياحية في منتجعات دهب في مصر في نيسان/إبريل 2006،إضافة إلى الهجوم على ناقلة النفط اليابانية إم ستار في مضيق هرمز  في حزيران/يونيو 2010.

عقب أصابة القرعاوي تولى قيادة التنظيم السعودي الآخر المطلوب على قائمة الـ 85 السعودية ماجد محمد الماجد، الذي ساهمت الثورة السورية في تثبيت أقدامه في سوريا ولبنان وكانت عملية استهداف السفارة الإيرانية في بيروت باكورة عملياته الكبرى، وتدشينا لعلاقة عدائية حادة بين تنظيم القاعدة وفروعه من جهة وإيران وحلفائه من جهة أخرى.