انشغلت الصحف الاسرائيلية الصادرة اليوم الاثنين بالاتفاق الذي احرزته الدول الكبرى وايران في
جنيف، وانفردت هارتس بمقال لمراسلها في جنيف تحدث فيه ان الاتفاق الذي حصل ليس كما يرروج له الايرانيون.
كيف روّج الايرانيون لمعركة انسحاب في جنيف
وأمّا إنشل بابر فقد كتب لصحيفة "هآرتس" تحت عنوان: " كيف روّج الايرانيون لمعركة انسحاب في جنيف":
حينما دخل وزير الخارجية الايراني، محمد جواد ظريف، الى المؤتمر الصحفي في مركز الاعلام في جنيف في فجر أمس، بعد دقائق من توقيعه على الاتفاق المرحلي لتجميد برنامج بلده الذري، صفقت له بحماسة مجموعة كبيرة من الصحفيين الايرانيين. وحينما سأل مراسل غربي لماذا يهتف الصحفيون لسياسي قال مغترب ايراني يعمل في وسيلة اعلام اوروبية: "دعك من ذلك، يجب عليهم أن يصفقوا لمن يدفع إليهم الأجور".
لكن فرح الصحفيين الايرانيين حينما عُرف أمر التوقيع لم يكن اضطراريا ألبتة. فهو لم يُشر عندهم خاصة الى الحفاظ على قدرة بلدهم الذرية بل الى خروج من عزلة دولية طويلة في الأساس وقبول في أسرة الشعوب مرة اخرى وأمل في تخفيف العقوبات الخانقة التي تضر بجيوبهم مباشرة. فقد كان ابتهاجهم حقيقيا، وكانت حسابات التويتر التي لهم مليئة بتغريدات صدرت عن صحفيين استمدا من نائب وزير الخارجية الايراني عباس عرقجي، واقتبسا من كلامه يقول إن ايران لم تتخل عن مطالبها المركزية.
لكن بعد ساعة حينما كان شعاع رمادي ينير جنيف بدأوا يتعمقون في تفاصيل الاتفاق ولا سيما بعد أن سمعوا كلام وزير الخارجية جون كيري الذي وجهه الى الشيوخ في مجلس الشيوخ الشكاكين في واشنطن والى دار الحكومة في القدس، وبيّن ما حصلت عليه ايران في الاتفاق وما لم تحصل عليه في الحقيقة.
"ماذا؟ ألا يوجد في الاتفاق اعتراف بحقنا في تخصيب اليورانيوم؟"، سأل واحد وقد صعب عليه أن يُصدق أنهم تحدثوا مدة ايام عن اعتراف مكتوب وصريح بأنه "خط احمر" للزعيم الأعلى خامنئي. "هل سنضطر الى تجميد البناء في أراك؟ بعد أن أنفقوا هناك مليارات؟"، قال آخر غاضبا. "ولماذا يفرجون لنا عن 7 مليارات دولار فقط؟ هذه قطرة في بحر بالنسبة لدولة كبيرة جدا".
كان يصعب في اربعة ايام أن نلاحظ ماذا من بين مقولات الايرانيين وأفعالهم يرمي الى إحداث زخم ايجابي في التفاوض، وما الذي يرمي الى إحداث انطباع في وسائل الاعلام الدولية وما هو الشيء الموجه الى الرأي العام في الداخل.
تخلى الايرانيون في واقع الامر في اطار الاتفاق المرحلي عن مطالب مركزية أصروا عليها حتى الآن: فان انشاء مفاعل المياه الثقيلة في أراك لن يستمر، ومخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 20 بالمئة – ويبلغ نحوا من 200 كغم – سيحول الى وقود أو الى غاز، ولم يُعترف بحق طهران في تخصيب اليورانيوم اعترافا صريحا ولن توجد تخفيفات للعقوبات على النفط وعلى النظام المصرفي الايراني.
الاتفاق محدود في ستة اشهر ويخط مخططا لاتفاق دائم يشرف على البرنامج الذري الايراني ويُقدم ضمانات تمنع ايران من احراز سلاح ذري. والتزمت ايران في الاتفاق المرحلي الكف عن تخصيب اليورانيوم فوق درجة 5 بالمئة وأن تقطع وصل اجهزة الطرد المركزي التي استُعملت لتخصيب بدرجة أعلى. والتزمت كذلك بألا توسع قدرتها على التخصيب لتركيب اجهزة طرد مركزية اخرى من أي نوع. والتزم الايرانيون ايضا ألا يستعملوا اجهزة الطرد المركزي الجديدة التي في حوزتهم وألا ينشئوا منشآت تخصيب جديدة.
سيُسمح لايران بالاستمرار في تخصيب اليورانيوم بدرجة 3.5 بالمئة، لكن سيُحظر عليها أن تزيد في مخزونها. وكل اليورانيوم الذي سيُخصب سيحل محل كمية اخرى ستحول الى غاز. وفي مدة الاتفاق المرحلي لن يزيد مخزون ايران من اليورانيوم المخصب.
ووافقت ايران على وقف تطوير مفاعل البلوتونيوم في أراك. وحُظر عليها كذلك أن تستعمل المفاعل أو أن تُدخل اليه أو الى ما حوله وقودا أو ماءا ثقيلا، وأن تُنقص بنصف مقدار انتاج الوقود للمفاعل وأن توقف تجارب على الوقود المخصص للمفاعل.
وحُظر على ايران ايضا أن تبني منشأة لفصل البلوتونيوم عن وقود ذري من المفاعل يمكن أن يُستعمل لانتاج قنبلة ذرية. والتزمت ايران ايضا أن تقدم معلومات تقنية عن المفاعل في أراك وأن تُمكّن من رقابة مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المكان. وسيمكن وصول مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوميا الى المنشآت في نتناز وفوردو ايضا. ويفترض أن تُمكّن الرقابة المجتمع الدولي من أن يكشف سريعا عن كل تجاوز ايراني للاتفاق.
وفي مقابل تنازلات طهران ستُسقط عقوبات التجارة عن قطاعات مختلفة في اقتصادها ومنها العقوبات على تجارة الذهب والمعادن النفيسة، وقطع غيار لصناعة السيارات وتصدير الصناعة البتروكيميائية. والحديث عن ايراد يتوقع أن يبلغ 1.5 مليار دولار في نصف سنة. وسيُسمح للايرانيين مع ذلك استيراد قطع غيار لطائرات الركاب التي يملكونها واجراء تصليحات تأمينية عليها.
ومن بين ايرادات ايران المجمدة سيفرج عن 4.2 مليار دولار اخرى ستُنقل على دفعات بحسب وفائها بالتزاماتها. وسيُفرج كذلك عن 400 مليون دولار اخرى من اموال مجمدة لحكومة ايران ستحول للانفاق على دراسة طلاب ايرانيين في دول اجنبية.
والحديث في الحاصل العام عن الافراج عن ممتلكات تبلغ قيمتها 6.1 مليار دولار في الاشهر الستة القريبة. وستبقى العقوبات المركزية على تجارة النفط وعلى الجهاز المصرفي على حالها وستُطرح للنقاش من جديد بعد نصف سنة.
والآن وقد أصبح معلوما من أنباء نشرت أمس أن الامريكيين أقاموا ايضا قناة محادثات سرية مع الايرانيين، أصبح واضحا أن المخطط الرئيس للصفقة كان واضحا منذ اسابيع إن لم نقل منذ أشهر، وكاد يوقع عليه في جولة المحادثات السابقة قبل اسبوعين ونصف.
لكن نقاط الاختلاف التي بقيت كانت حقيقية وصعبة. ولم يشارك الامريكيون تقريبا في المباحثات مع الايرانيين حتى آخر ايام التفاوض مع وصول كيري الى جنيف فأُلقي اجراء المحادثات على وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون في سلسلة لا نهاية لها من اللقاءات بينها وبين ظريف (تم بينهما في الحاصل العام تسعة لقاءات شارك كيري ايضا في اللقاءين الاخيرين منها).
في حين لم يصدر عن ممثلي القوى العظمى الست تفاصيل عن المحادثات الى وسائل الاعلام، تقريبا – اشتغل الايرانيون بتسريب أنباء منهجي الى كتيبة المراسلين والمصورين والمقربين وأفراد جماعات الضغط الذين أحاطوا بممثليهم.
وأُنزل الصحفيون الذين جاءوا من طهران في مجموعات كبيرة في فنادق في المدينة ونُقلوا معا الى مركز الاعلام والى فندق "انتركونتننتال" في سيارات تجارية بل تناولوا معا طعاما ايرانيا جيء به إليهم في أطباق تُستعمل مرة واحدة (وعلى كل حال لم يستطيع أكثر الايرانيين أن يسمحوا لأنفسهم بدفع ثمن الوجبات الغالية بصورة مخيفة في جنيف). واستُخدموا ليكونوا صدى لما يفكر فيه اعضاء الوفد وقناة لتيار لا ينقطع من الاقتباسات والحيل الدعائية كان عرقجي مصدر أكثرها. وقد رفع طوفان المعلومات المُحرفة وخفض التوقعات في الداخل وأعطى المراسلين الغربيين ايضا مصدر المعلومات الوحيد عما يجري في المحادثات وعن الموضوعات المختلف فيها.
في إرشاد لوسائل الاعلام الايرانية قام به عرقجي في يوم الخميس صباحا، أشار الى اللغم الرئيس وهو طلب الايرانيين أن يتم الاعتراف بما رأوا أنه حقهم في تخصيب اليورانيوم – وهو طلب أصر الغرب على تأجيله الى الاتفاق النهائي. وعاد الحق في التخصيب مرة بعد اخرى ليكون الطلب المركزي ولا سيما بعد أن ذكر الزعيم الأعلى علي خامنئي في خطبته في يوم الاربعاء ذلك بصراحة باعتباره "خطا أحمر". وبقي هذا الموضوع مختلفا فيه حتى ساعات المحادثات الاخيرة.
ومع اعلان التوقيع بدأت معركة اعلامية بين الامريكيين والايرانيين. فقد أنكر البيت الابيض ووزارة الخارجية أن الايرانيين حصلوا على طلبهم، وحينما سُئل ظريف عن ذلك تهرب من الجواب – "يوجد في موضعين من الاتفاق ذكر صريح لكوننا سنستمر في تخصيب اليورانيوم حتى في المستقبل". وحينما سُئل ظريف مرة اخرى عن ذلك الموضوع قدم تفسيرا معوجا عن حقوق ايران لكونها موقعة على ميثاق منع نشر السلاح الذري. "لا تحتاج ايران الى أن يكون ذلك مكتوبا، إن ايران ستخصب"، قال.
وقد شوشت اسئلة المراسلين على ظريف أن يروج للاتفاق بين أبناء شعبه. ففي كل الخطب التي جاءت بعد ذلك، لظريف ورئيسه حسن روحاني، زعما أن المجتمع الدولي اعترف بحق ايران في تخصيب اليورانيوم، لكن كيري كان قاطعا. "إن الاتفاق لا يعني أن لايران حقا في التخصيب ولا يهم كيف يفسرون ذلك"، قال. لكن الاتفاق في واقع الامر يبيح للايرانيين الاستمرار في تخصيب اليورانيوم بدرجة 3.5 بالمئة بكميات محدودة، وجاء في المقدمة أن الاتفاق النهائي "سيشمل خطة تخصيب يُتفق عليها مع قيود عملية ووسائل للشفافية تضمن أن يكون البرنامج لأهداف سلمية". وهذه صياغة غامضة لا تضمن في الحقيقة الحق في التخصيب بصورة صريحة، لكنها كانت كافية لروحاني وظريف ليعلنا "نصرهما" في طهران.
لم يحظ الايرانيون باعتراف بحقهم في التخصيب، لكن يبدو الآن أن ذلك يقنع جزءا من الشعب الايراني على الأقل، بل إن متطرفي النظام يُثنون على ظريف. إن تصريحات
نتنياهو بأن الحديث عن اتفاق سيء لاسرائيل والعالم ستُعمق الثقة الايرانية بانتصارهم الأجوف.
في وردية نتنياهو
كتب شمعون شيفر في صحيفة "يديعوت" تحت عنوان:" في وردية نتنياهو"
في البيت الابيض يعرفون أنه ما كان يمكن لاي اتفاق، غير الاستسلام التام من جانب الايرانيين، ان يرضي القدس. ولكن لا ينبغي لاسرائيل ان تتمترس في يأسها: ففي الاشهر القريبة القادمة، كما يمكن أن نتوقع، سيجري حوار حميم بينها وبين الولايات المتحدة بهدف تحسين الاتفاق الدائم الذي سيعيد الى الوراء البرنامج النووي.
الامريكيون، والامر ينبغي أن يقال، لم يفاجئوا اسرائيل في سلوكهم. فمنذ أكثر من سنه وهم يقيمون قنوات حوار سرية، مع مسؤولين كبار من ايران. الاتصالات التي نضجت فجر أمس الى اتفاق مرحلي. ويتبين ان العقوبات الاقتصادية للغرب، فعلت فعلها اكثر من تهديدات الهجوم من جهة القدس.
مهما يكن من امر، فانه من ناحية نتنياهو السطر الاخير بشع: ايران وصلت الى درجة دولة حافة نووية بالذات في ورديته، وردية رئيس الوزراء الذي جعل الحرب ضد القنبلة مهمة حياته.
فقرة واحدة كتبت في "نيويورك تايمز" توضح له – ولنا – ما ينتظرنا الان في سياق الطريق: "اوباما وعد بمنع القنبلة النووية عن ايران. الرئيس الامريكي لم يعد وما كان يمكنه أن يعد بمنع القدرة على الوصول الى قنبلة نووية عن ايران. وهو يعرف انه لا يمكن من خلال هذه الصفقة أو تلك، ولا حتى من خلال حملة عسكرية، شطب المعلومات التي اكتسبت في ايران لانتاج القنبلة. فقد بات هذا متأخرا للغاية".
رئيس الموساد الاسبق مئير دغان توصل الى استنتاج مشابه منذ زمن بعيد, ففي حديث طويل اجريته معه باقرار من رئيس الوزراء في حينه ارئيل شارون قال انه في يوم من الايام ستصبح ايران دولة تملك سلاحا نوويا. وشرح يقول ان "دولة بحجم ايران، اذا قررت التزود بمثل هذا السلاح فستصل اليه. ما هو ملقي علينا هو عمل كل شيء كي نؤجل الموعد النهائي لهذا المشروع".
دغان، الذي بدا من خلف طاولة عمله ذا حجوم صغيرة جدا، ابتسم امام خزانة فيها أغراض تذكارية جلبها من دول مجاورة تتقاسم معنا القلق واضاف وكأنه يفشي سرا: "ونحن نفعل قدر استطاعتنا".
منذ بداية سنوات الالفين تحدد مبدأ أعلى لعمل رؤساء الوزراء في اسرائيل. وحسب هذا المبدأ فان النووي الايراني يجب أن يعالج، من الاسرة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة. وقد تمسك شارون واولمرت بهذا المفهوم وذلك لانه محظور باي شكل من الاشكال وضع اسرائيل كدولة تتصدر الصراع. ولكن عندها جاء نتنياهو، ولشدة الاسف غير الخطوط الهيكلية لسياسة اسرائيل. ووضع القدس حيال طهران، رأسا برأس. هدد بالهجوم وحده. وفجر أمس تبين أن هذا الرهان كان خطأ.
ايران: البرنامج الأعلى مستمر
وتحت عنوان "البرنامج الأعلى مستمر" كتب افرايم كام في صحيفة "إسرائيل اليوم":
لم تفاجئنا أحداث نهاية الاسبوع في جنيف. إن الاتفاق الذري قد وقع عليه حقا بعد مفاوضات قصيرة نسبيا، لأن الطرفين، ايران والغرب، أراداه جدا. وتعرض الادارة الامريكية الاتفاق على أنه انجاز مهم في الطريق الى حل القضية الذرية، وتعرضه ايران كذلك ايضا باعتبار أنه لم يوجب عليها تنازلات مهمة. وعلى جانب المسرح توجد اسرائيل والسعودية اللتان تنتقدان الاتفاق بعبارات شديدة بأنه "خطأ تاريخي".
يجب أن نؤكد أن الوثيقة التي وقع عليها هي اتفاق مرحلي لنصف سنة، يرمي الى وقف البرنامج الذري الايراني بل الى إعادته الى الخلف في بعض مركباته مقابل تخفيف العقوبات. وتُرك المعنى الرئيس للاتفاق النهائي الذي سيُبحث فيه في الاشهر القريبة والذي ستكون غايته إعادة جميع مركبات البرنامج الذري الى الخلف.
ولهذا السبب ينبغي عدم الحكم على الاتفاق الحالي باعتباره المشهد العام، وينبغي أن نراه في تناسب متوازن، ففيه نقائص ملحوظة بيد أنه يُفترض أن تعالج في الاتفاق النهائي اذا وقع عليه. والى ذلك فان تفصيلات الاتفاق الذي وقع عليه أكثر ايجابية بصورة نسبية بالنسبة لاسرائيل من تلك التي نشرت في بداية المحادثات، ويبدو أن ذلك بسبب إصرار فرنسا على التشدد في الاتفاق وانتقاد اسرائيل له.
تكمن ميزة الاتفاق الحالي الرئيسة في أنه اذا نُفذ فانه يستطيع أن يوقف البرنامج الذري الايراني في وضعه الحالي، بل قد يخفضه الى مرحلة أدنى. وسيتم وقف البرنامج في عدد من العناصر المركزية: أ. وقف تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 بالمئة الذي يُقربها من انتاج مادة انشطارية، وتحييد كل المخزون بهذه الدرجة بواسطة مضاءلته أو تحويله الى مادة لا تلائم تخصيبا آخر؛ ب. تجميد مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 3.5 بالمئة وعدم تركيب اجهزة طرد مركزي اخرى ومنها اجهزة من الطراز المتقدم، ومضاءلة عدد اجهزة الطرد المركزي الفاعلة الى النصف في المنشأة في نتناز والى الربع في المنشأة في فوردو، وعدم بناء منشآت تخصيب اخرى ايضا؛ ج. عدم الدفع قدما بالنشاط في المنشأة في أراك التي يفترض أن تنتج البلوتونيوم ويشمل ذلك عدم بناء منشأة تكرير لا يمكن من غيرها فصل البلوتونيوم؛ د. زيادة الرقابة على المواقع الذرية. ومقابل هذه التنازلات ستُسقط عقوبات ما مفروضة على ايران تبلغ كلفتها 7 مليارات دولار.
بيد أن للاتفاق نقائص كبيرة ايضا. أولا، لما كان مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 3.5 بالمئة سيبقى موجودا فان ايران ستستمر على الحفاظ على خيار الانطلاق نحو السلاح الذري اذا استقر رأيها على ذلك، وقد أصبحت اليوم قادرة على الوصول الى هذا السلاح في خلال اشهر. والاتفاق ايضا يمنح ايران اعترافا بحقها بالفعل في تخصيب اليورانيوم بخلاف قرار مجلس الأمن – وهذا ما تقوله ايران. وثانيا، لا يُبين الاتفاق الحالي ماذا سيحدث اذا لم يُحرز الاتفاق النهائي وهل تبقى الاتفاقات التي أُحرزت سارية المفعول. وثالثا، صحيح أن الرقابة على المنشآت الذرية ستقوى لكن بقيت فيها ثقوب ملحوظة. فلا يوجد في الاتفاق التزام زيارات مفاجئة للمواقع أو رقابة منظمة على الموقع في بارتشين، الذي يُشك في أنه يُستعمل للتجارب على سلاح ذري، ولم تُجز ايران الوثيقة المسماة "البروتوكول الاضافي" الذي يحدد تشديد الرقابة على المواقع.
ويوجد تأثيران سلبيان مهمان آخران. الاول هو أن العقوبات المؤلمة الرئيسة يفترض أن تبقى على حالها، لكن ليس واضحا أيكون تعليق العقوبات الثانوية أهم مما خُطط له وهل يفضي الى تشديد الموقف الايراني بعد ذلك، أو يكون من الممكن فرضها مرة اخرى اذا تراجعت ايران عن التزاماتها. والثاني أن توقيع الاتفاق يُسقط الخيار العسكري الامريكي والاسرائيلي ايضا في شبه يقين اللذين يضغطان على ايران إلا اذا نكثت هذه الاتفاق بصورة سافرة.
والسؤال المركزي هو هل يعبر الاتفاق عن تنازل ايران عن طموحها الى وجود قدرة على انتاج سلاح ذري في وقت قصير؟ من شبه المؤكد أن جواب ذلك لا: فالبرنامج الذري الايراني موجود منذ 26 سنة ودفعت ايران عنه ثمنا باهظا – من التكاليف والعقوبات وشبه عزلة في الساحة الدولية. ولم تدفع ايران هذا الثمن لتتخلى الآن عن المشروع الذي يقوم في مركز طموحاتها الاستراتيجية. فاذا كان هذا الفرض صحيحا فستستمر ايران في فعل ما تعرف فعله جيدا وهو التهرب والخداع والاخفاء.