من المتوقع أن يصدر عاهل
السعودية الملك عبدالله في الأيام المقبلة قرارا يتعلق بالقانون الجزائي للإرهاب وتمويله، رغم مخاوف وقلق منظمات حقوق إنسان دولية من
القانون الذي تقول إنه لا يفرق بين
الإرهاب والنشاطات السلمية.
ويأتي القانون في ظل تعديل القانون الجنائي بداية الشهر الحالي.
ويُعرِّف القانون الجزائي الذي صادقت عليه الحكومة السعودية في 16 كانون الأول/ ديسمبر الإرهاب بأنه "الإخلال بالنظام العام"، و"تعريض الأمن القومي للخطر"، و"تشويه سمعة الدولة ووضعها"، ويسمح القانون الجنائي الذي مرر في 16 كانون الأول/ ديسمبر باعتقال الأشخاص لمدة طويلة دون توجيه اتهامات.
وترى لوري بلوتكين بوغارت، الزميلة الباحثة في شؤون الخليج بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في مقال نشره موقع المعهد، أن القانون الجديد لمكافحة الإرهاب هو إشارة أخرى إلى الضغوط التي تشعر بها العائلة الحاكمة بشكل متزايد منذ بداية الربيع العربي.
وتضيف أن التشريع الأخير الذي يضع العمل الإرهابي والفعل السلمي في سلة واحدة يتناقض بشكل كبير مع الحقوق في أمريكا، رغم تأكيد الرئيس أوباما على أهمية استقرار السعودية.
وتشير إلى أن "التشريعات الجديدة ستشدد الإطار الحكومي وطريقة تعامل المملكة مع الإرهاب والمعارضة وغيرها من النشاطات التي ينظر إليها كمعادية للحكومة.
وحتى هذا الوقت، لم يكن لدى المملكة العربية السعودية قانونا جنائيا مكتوبا، وكان القضاة يصدرون أحكامهم على المتهمين بناء على تفسيرهم للفقه الإسلامي المستند إلى القرآن والسنة.
وترى الكاتبة أن القانون الذي مرر في 16 كانون الأول/ديسمبر الحالي يعود إلى بداية عام 2011، حيث شهدت السعودية أسوة بدول الربيع العربي مظاهرات واحتجاجات مطالبة بالتغيير، وهي مظاهرات ممنوعة في البلاد.
ومع ذلك شهدت البلاد مظاهرات تطالب بالإفراج عن أقارب معتقلين منذ فترة طويلة، ومن سعوديين شيعة يطالبون بإصلاحات اجتماعية وسياسية، ومن مدرسين وخريجي جامعات يبحثون عن فرص عمل جيدة، ومن نساء يطالبن بحق قيادة السيارات.
وكانت منظمة "أمنستي" حصلت في نفس ذلك العام على نسخة من مسودة القانون سربت إليها، وقامت بانتقادها مما قاد إلى حملة نقد وسخرية منها قامت بها منظمات حقوق إنسان محلية ما أدى إلى وضع المسودة على الرف.
وفي هذه المسودة الأخيرة اعترفت الحكومة بالانتقادات السابقة، وصرح وزير الثقافة والإعلام عبد العزيز خوجة بأن أهم ملامح قانون الإرهاب لعام 2013 هو الموازنة بين المخاطر النابعة من جرائم الإرهاب وحماية
حقوق الإنسان التي يمنحها الإسلام.
وتقول الكاتبة إن "من المتوقع أن يدعم التشريع الجديد السياسات الحكومية القائمة على مواجهة المعارضة السياسية التي ينظر إليها بوصفها غير متوائمة مع القيم الدينية عبر نشاطات مثل قيادة المرأة للسيارات والإرهاب نفسه، وقد تدعم ممارسات أكثر شدة وقسوة من الدولة".
أما المستهدفون من التشريع فهم:
- حملات الدعوة لقيادة السيارات التي تتهم الداعيات لها بالإخلال بالنظام العام، والتي يمكن اعتبارها عملا إرهابيا بناء على القانون الجديد.
- الشيعة في المنطقة الشرقية الذين يتظاهرون ويُتهمون بالإرهاب والتحريض على زعزعة الاستقرار من بين تهم أخرى.
- الإخوان المسلمون ومؤيدوهم: وقد أظهر بعضهم نشاطات سياسية متزايدة بعد الإطاحة بمحمد مرسي.
- الإرهابيون وممولوهم، وهؤلاء يضمون من يرتبطون بتنظيم القاعدة في السعودية في الفترة ما بين 2003-2008 مثل السعودي الذي حكم عليه الشهر الماضي لمشاركته في هجوم كانون الأول/ ديسمبر 2004 على القنصلية الأمريكية بجدة.
- المتظاهرون الذين يحتجون على الاعتقال بدون تهم ولمدد طويلة.
- السجناء أنفسهم والمعتقلون منذ فترات طويلة، فالقانون الجديد سيضفي شرعية على اعتقالهم.
- دعاة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، والذين يتهمون بالخروج عن الحكام ومحاولة تشوية سمعة ومكانة السعودية في الخارج.
وتقول الباحثة إن "التشريع الجديد أصاب ناشطي حقوق الإنسان وبقية الناشطين السعوديين الداعين للتغيير والإصلاح ممن هم في الداخل والخارج بخيبة أمل، مع أن بعض السعوديين العاديين سيرون بأنه يساعد في حماية المجتمع السعودي والحفاظ على القيم السعودية المحافظة.
ولم ينجح الناشطون في مجال حقوق الإنسان ولا حملات المطالبة بقيادة السيارات بالحصول على دعم من الشارع السعودي الذي لا يزال يشعر بالولاء للملك".
وترى أن الحملة من أجل حقوق الإنسان تتزايد قوة في السعودية، وتلقى مساعدة من الجيل السعودي الشاب المتعلم ممن يستخدم وسائل التواصل الإجتماعي. وعليه فهذه العوامل ستترك أثرها على الطريقة التي سيرد من خلالها الرأي العام على ممارسات الحكومة، وكذلك على الدعوات المطالبة للإصلاح.