قال الكاتب الصحفي "
يوآف ليمور" في صحيفة "إسرائيل اليوم" في مقالته المعنونة بـ " تحدي
الجهاد العالمي: مقدمة للمستقبل فقط" إنّ قدرة إسرائيل على الردع والرد أصبحت محدودة في معرض تعليقه على ما أسماه "الواقع الأمني" الذي نشأ على طول الحدود في ظلّ وجود عدوّ "غير معروف الهويّة.
واتهم الكاتب من أسماهم مرتزقة "منظمات الجهاد العالمي" بمحاولة نشر الفوضى بشكلٍ كبير في المنطقة.
وختم الكاتب مقاله بأن رد إسرائيل أمس باطلاق نار كثيف لن يمنع العملية التالية لمنظمات الجهاد على حد تعبيره.
وتالياً نص المقال:
كانت قذائف الكاتيوشا التي أطلقت أمس على كريات شمونة المقدمة كما يبدو للواقع الامني الذي أخذ ينشأ على طول الحدود والذي ينطوي على عمليات ينفذها عدو غير معروف الهوية وغير مردوع، ومن هنا تكون قدرة اسرائيل على الرد محدودة ايضا.
إن الممثلة الواضحة لهذا الواقع هي منظمات الجهاد العالمي التي تعمل اليوم في سيناء وهضبة الجولان ولبنان. وبرنامج عملها الوحيد هو الفوضى وبمقادير كبيرة: فهي ترى أن كل الأهداف مشروعة وكل الوسائل الى احرازها مقدسة. إن بعضها في الحقيقة مخلصة للعقيدة السلفية المتطرفة التي تؤمن بها القاعدة لكن أكثرها من مرتزقة يبحثون عن حركة.
تنفق هذه المنظمات أكثر وقتها في كفاح للادارة ومندوبيها – الاسد في سوريا والحكم العسكري في مصر وحزب الله في لبنان. ومن المؤكد أن اسرائيل هدف بالنسبة اليها لكنها هدف ثانوي، فهي أولا ستهزم الأعداء في الداخل وتتفرغ بعد ذلك لعلاج اولئك الموجودين في الخارج، ولهذا فان عدد العمليات الموجهة على اسرائيل قليل نسبيا الى اليوم، وإن كان التقدير الامني يتحدث صراحة عن مواجهة مسلحة مع منظمات الجهاد العالمي يتوقع أن تقوى.
كانت قذائف الكاتيوشا التي أطلقت صباح أمس على كريات شمونة دون انذار سابق ودون معلومات استخبارية ودون علم من حزب الله أو باغماضه عينه، كانت مثالا على ذلك. وكانوا الى ما قبل سنة قد اعتادوا في اسرائيل القول إنه لا يمكن أن يحدث شيء في لبنان دون أن يريده حزب الله أو يعلم به على الأقل، لكن الفترة الاخيرة تشهد على حدوث أمر في بلد الأرز ايضا: فالقتال في صور وصيدا وبيروت وطرابلس، والعمليات التفجيرية في الضاحية وبالقرب من السفارة الايرانية، واغتيال مسؤول المنظمة الكبير حسن اللقيس، تدل على أن مشاركة حزب الله العميقة في الحرب في سوريا تجبي منه ثمنا باهظا في الداخل – في لبنان.
وعلى هذه الخلفية يوجد خبراء يعتقدون أن قذائف الكاتيوشا التي أطلقت أمس كانت ترمي الى احراج حزب الله مع اسرائيل: فلأن المنظمة غارقة كلها في سوريا وليست معنية بجبهة اخرى، كان قصد مطلقي القذائف إحداث تصعيد على الحدود يجرها الى ورطات غير مرغوب فيها.
ويعتقد خبراء آخرون أن الواقع أبسط: فالجهاد العالمي يريد كل من يراهم كفارا من المسلمين والمسيحيين واليهود. وفي اللحظة التي أُتيحت له فرصة ضرب اسرائيل لم يحجم عن ذلك كما فعل في بداية الشهر عند استعمال الشحنة الناسفة على الحدود السورية وفي اطلاق القذائف أمس ايضا.
من الصحيح الى أمس أن الباعث الواضح على اطلاق القذائف غير واضح وقد ينبع من اسباب متعددة. والمدة بالنسبة لاسرائيل أقل من سنة، ففي المرة الثانية في غضون بضعة ايام أصبحت حدود لبنان تنشيء قتالا (كانت الحادثة السابقة قتل الرائد شلومي كوهين في رأس الناقورة)، وقدرتها على الرد مكبلة.
في حين يمكن في غزة القاء المسؤولية عن كل عملية على حماس حتى لو نفذتها منظمة لا أهمية لها وأن يُطلب اليها تغليب النظام، أصبح ذلك في سوريا ولبنان اليوم أقل عمليةً؛ فللاسد وحزب الله ما يكفي من الاسباب الخاصة ليريدا التخلص من منظمات الجهاد، والضغط والتهديد من اسرائيل لن يحثهما على العمل.
ردت اسرائيل أمس باطلاق كثيف لقذائف على منطقة اطلاق القذائف الصاروخية كي تُبين في الأساس أن الاطلاق حتى لو لم يوقع خسائر – لن يبقى بلا رد. لكننا نشك في أن يمنع هذا أو يعوق العملية التالية، ومن هنا يأتي تقدير أن حادثة أمس في الصباح كانت مثالا أول على الواقع الذي ينتظرنا على الحدود في الفترة القريبة.