"الاتهامات عادة غامضة، الأدلة مراوغة، والاعتقالات تحدث بسرعة ومثلها توجيه الإتهامات، لا شفافية في عملية يقول المحللون أنها الأقسى التي تشهدها
مصر منذ عقود"، هذا ما تبدأ به أبيغيل هوسليننر تقريرها في
واشنطن بوست الصادرة اليوم .
وتنقل الكاتبة عن محللين وناشطين أنه منذ تصنيف
الإخوان منظمة "إرهابية" في 25 كانون الأول/ديسمبر، فإن مخاطر الارتباط بالجماعة أصبحت كبيرة.
وتشير الصحيفة إلى اعتقال صحافيي الجزيرة الشهر الماضي، حيث وجهت السلطات إليهم تهمة الإرتباط بخلية سرية، كما واستدعت السلطات مبعوثين دبلوماسيين وتعهدت بقطع علاقتها مع دولة قطر التي انتقدت القمع والملاحقة.
وتنقل عن محللين ودبلوماسيين وأعضاء في منظمات غير حكومية؛ أنه لم يعد باستطاعتهم لقاء أعضاء في جماعات سياسية كانت في وقت قريب تدير البلاد.
وتضيف الصحيفة بأن قمع الحكومة متواصل فيما تتصاعد موجة "عبادة" شخصية عبد الفتاح السيسي قائد
الانقلاب، تاركة أثارا بعيدة لدرجة أن الإخوان يقولون أن مصر اتجهت نحو الفاشية.
وترى الصحيفة أن هذه الرؤية مرتبطة بالخطاب الشوفيني الذي يمارسه إعلام الحكومة، فعلى الرغم من تخلي جماعة الإخوان عن خيار العنف منذ عقود وحصولها وبقية الأحزاب الإسلامية على نصيب الأسد في الإنتخابات التي نظمت في العامين الأولين من الثورة، وعلى الرغم من بناء الإخوان المسلمين سلسلة من الجمعيات الخيرية والخدمية، الا أن هذه الصورة اللطيفة تحاول السلطة القائمة الآن محوها من أذهان الناس من خلال التحريض التي تسوّق له، إذ تصور الإخوان كمتعطشين للدم ويريدون تدمير البلاد.
وفي تعليقها على محاكمات يوم الأربعاء للرئيس
مرسي وعدد من قادة الإخوان، سألت الصحيفة أحد الصحافيين (من جماعة السلطة) عن تعليقه على فقدان محمد البلتاجي أحد قادة الإخوان وعيه في قاعة المحاكمة أجاب بدون اهتمام "من يهتم، دعهم يموتون من إضرابهم عن الطعام".
وتقول الصحيفة: "لم تقدم السلطات بعد أدلة على أن الإخوان خططوا وشاركوا في تفجير السيارات أو أي من الهجمات التي نفذت ضد أهداف حكومية، حيث أعلنت منظمة متطرفة في سيناء اسمها أنصار بيت المقدس مسؤوليتها عن الهجمات، فيما شجب الإخوان العنف بشكل متكرر".
ويقول دبلوماسي غربي بارز عن ممارسات الحكومة "يحملون فرشاة كبيرة، وكل من يقف ضدهم فهو (إرهابي)"، مضيفا أن الأمر "ببساطة هو لعبة أبيض- أسود".
وتحدثت الصحيفة عن ملاحقة القوات الأمنية للناشطين ومداهمة بيوت الإخوان والمدارس والجامعات وبكثافة عالية، وتقول: "في الأسابيع الأخيرة اشتبكت قوات الأمن مع الطلاب، وطالبت السلطات الأمنية بتشريع فصلهم بناء على أسس سياسية، وقام رجال الأمن باعتقال الرجال والنساء والأحداث بسبب حيازتهم صورا لمرسي أو ملصقات معادية للانقلاب".
وتضيف الصحيفة إن المصريين سيصوتون على الدستور المعدل في الأسبوع المقبل بعد أن وضع الجيش على الرف دستورا أقر وصودق عليه في ظل حكم الرئيس محمد مرسي الذي عزله الجيش في تموز/ يوليو الماضي.
وتقول الصحيفة إن الظروف الاقتصادية والإضطرابات السياسية جعلت المصريين يواجهون عنفا نتج عن الانقلاب، حيث لم يعد الكثير من المصريين ممن يعيشون أوضاعا اقتصادية سيئة يرون في الديموقراطية وحرية التعبير وسيلة لتحسين أوضاعهم.
وتنقل عن إتش إي هيللر وهو خبير في مصر بمعهد بروكينغز في واشنطن، أنه عندما قدم للمصريين خيارا بين ديموقراطية لن تحقق لهم الإستقرار على المدى المتوسط ،وبين نظام مدعوم من العسكر ويحقق لهم الإستقرار، فإن بعضهم لسوء الحظ اختاروا الأخير.
وتختم الصحيفة بالقول إن بعض المصريين الفقراء تحلقوا حول الحكومة المدعومة من العسكر باعتبارها المنقذ من الأزمات الإقتصادية، لكن المثير في الأمر أن النخب التعليمية كانت من أكثر الفئات الداعمة للقمع والملاحقة، وهي نزعة يقول دبلوماسيون غربيون تحاول الحفاظ على مكتسبات حقبة مبارك.
ويقول الباحث في العلوم السياسية بجامعة هارفارد، طارق مسعود "بالتأكيد لم تعد مصر بلدا ديموقراطيا"، ولكن على الجميع توقع هذا.
ويقول إن الإنتفاضة عام 2011 هزت ستة عقود من الحكم العسكري، ولكنها لم تؤثر على شعبية الجيش أو تأثيره في المجتمع. فتأثير الدولة العميقة لا يزال قويا وإعلامها مستعد للتواطؤ معها وشعبها فقير ومحتاج.