على الرغم من أنه قد مضى أكثر من 45 عاماً على إعلان
القدس المحتلة بشقيها الشرقي والغربي "عاصمة لإسرائيل"، إلا إن المعطيات الرسمية تؤكد أنها أكثر المدن التي لا يرغب اليهود بالاستيطان فيها.
وحسب تقرير رسمي صادر عن مركز الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فإنه ما بين 7000 إلى 8000 مستوطن، معظمهم من العلمانيين يغادرون المدينة كل عام.
وأشار التقرير، الذي نشره موقع "معاريف" بالأمس إلى أن الذي يحافظ على الثقل الديمغرافي لليهود في المدينة هو نسبة التكاثر الطبيعي لليهود المتدينين من التيار "الحريدي".
ويذكر أن الكثير من النخب العلمانية ترى في أتباع التيار الديني الحريدي "عبئاً" على "إسرائيل" على اعتبار أنهم يبقون خارج سوق العمل ويعتمدون على مخصصات الضمان الاجتماعي، علاوة على أن أغلبيتهم الساحقة لا تؤدي الخدمة العسكرية.
يشار إلى أن معظم المشاريع الاستيطانية والتهويدية التي تقام في المدينة مخصصة لاستيعاب اليهود
الحريديم، الذين يستغلون حقيقة أنهم يحصلون على الشقق السكنية تقريباً بالمجان.
وحسب التقرير، فإن متوسط عدد الولادات للمرأة الإسرائيلية هو 2.9، في حين أن متوسط عدد ولادات اليهود في القدس المحتلة يصل إلى 4.2، حيث أن متوسط عدد ولادات المرأة الحريدية هو 8 ولادات.
وعلى الرغم من القيود الهائلة التي تفرضها سلطات
الاحتلال على
الفلسطينيين المقدسيين بهدف دفعهم لمغادرة المدينة، فإن التقرير يؤكد أن الفلسطينيين تمكنوا من زيادة عدد سكانهم في المدينة بنسبة 327% منذ العام 1967.
وأشار التقرير إلى أن المواطنين الفلسطينيين يشكلون 40% من عدد القاطنين في المدينة.
يذكر أن سلطات الاحتلال تعتمد وسائل متعددة لإجبار أهالي القدس على مغادرتها، على رأسها تدمير المنازل وعدم منح راخيص بناء، وفرض ضرائب باهظة، سيما ضريبة "الأرنونا"، وعدم توفير الخدمات، وفرص العمل والتضييق على حرية الحركة.
وفي السياق ذاته اعتبر الجنرال نحمان شاي، الناطق الأسبق بلسان الجيش "الإسرائيلي" أن واقع الأمور في القدس يدلل على زيف ادعاء واحتفاء إسرائيل بأن "القدس" عاصمتها الموحدة، متسائلاً: " كيف يمكن أن تكون المجموعتين الأكثر تواجداً في القدس هم العرب والحريديون "، معتبراً أن هذا الواقع يمثل فشلاً للحكومات الإسرائيلية.
وشدد شاي، وهو نائب حالياً عن حزب العمل المعارض في مقال نشرته معاريف الجمعة 9/1/2014 على أن هذه المعطيات تدلل على أن اليهود الذين يقطنون القدس يقعون في أسفل السلم الاقتصادي والاجتماعي في "إسرائيل"، مشيراً إلى أن هذا يخالف واقع الأمور في عواصم دول العالم المختلفة، حيث تشكل الطبقة المتوسطة جل السكان فيها.
واعتبر شاي أن المعطيات أعلاه تدلل على تآكل مكانة القدس وتهاوي منعتها وقدرتها على مواجهة المشاكل التي تقف أمامها.
وأوضح شاي أن العاصفة الثلجية التي ضربت المدينة وفصلتها عن سائر المدن "الإسرائيلية يدلل على أن الحكومة لم تتعامل من ناحية عملية مع المدينة "كعاصمة"، عبر عدم تخصيص الموارد اللازمة لتمكينها من التحديات.
وأكد شاي أن اليهود الذين يعملون أو يتعلمون في القدس توقفوا عن الانتقال للسكن فيها، حيث يفضلون العودة إلى أماكهم سكناهم في مناطق أخرى بسبب ضعف الجانب الخدماتي.
وأضاف ساخراً: "إن تسيير خط القطار السريع بين القدس وغيرها من المدن سيقلص أكثر من رغبة اليهود للإقامة فيها".