نشرت منظمة العفو الدولية، الخميس، تقريراً جديداً بشأن مصر، قبيل يومين من إحياء الذكرى الثالثة "لثورة 25 يناير" يدين السلطات المصرية، ويقع في 41 صفحة، حيث قالت فيه، إن "السلطات استخدمت جميع الموارد التي تحت تصرفها، لسحق المعارضة، ودهس حقوق الإنسان".
وفيما يلي نص الملخص الذي نشرته المنظمة لتقريرها الذي جاء تحت عنوان "خارطة طريق للقمع: لا نهاية تبدو في الأفق لانتهاكات حقوق الإنسان".
"يرسم التقرير صورة قاتمة لحالة الحقوق والحريات في مصر منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو الماضي.
وتقول حسيبة حاج صحراوي، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، في التقرير المذكور أعلاه، إن "مصر شهدت سلسلة من الضربات المدمرة لحقوق الإنسان، وعنفا من الدولة على نطاق غير مسبوق خلال السبعة أشهر الأخيرة، وبعد ثلاث سنوات تبدو المطالب التي نادت بها ثورة 25 يناير، وهي الكرامة، وحقوق الإنسان أبعد منالا من أي وقت مضى، والعديد من مهندسيها أصبحوا وراء القضبان، وأصبح القمع والإفلات من العقاب هو سمة اليوم".
وأضافت: "السلطات المصرية ضيقت الخناق على الجميع فيما يتعلق بحرية التعبير، والتجمع، كما أدخلت تشريعات قمعية تسهل على الحكومة إسكات منتقديها وقمع الاحتجاجات، وأطلقت العنان لقوات الأمن للتصرف فوق القانون مع عدم وجود أي احتمال لإخضاعهم للمساءلة حول الانتهاكات".
وتابعت: "بوجود كل ذلك الضغط، تنزلق مصر بشكل ثابت على الطريق نحو مزيد من القمع والمواجهات. ومالم تغير السلطات الوضع وتتخذ خطوات ملموسة لإظهار احترامهم لحقوق الإنسان وسيادة القانون، بدءا من الإفراج الفوري وغير المشروط عن سجناء الرأي. من المرحج أن تجد مصر سجونها مكتظة بالسجناء المحتجزين بصورة غير مشروعة، ومشارحها ومستشفياتها بمزيد من ضحايا القوة التعسفية والمسيئة من قبل الشرطة التابعة لها".
وفي حديث له في نهاية الأسبوع الماضي وصف الرئيس عدلي منصور الدستور المصري المعتمد حديثا بأنه يمهد الطريق لبناء دولة "تحترم الحرية والديمقراطية، وتجعل من العدل والحقوق طريقة للعمل والحياة".
واستطردت: "في الواقع، الحالة الراهنة لحقوق الإنسان في غاية السوء. سيحكم على الحكومة المصرية من خلال أفعالها لا أقوالها. التطمينات الشفهية ستكون جوفاء إذا كان القمع على الأرض آخذا في الازدياد، وإذا كانت مجرد تغريدة يمكن أن تقودك إلى السجن".
"على السلطات المصرية أن تخفف قبضتها على المجتمع المدني وأن تسمح بالاحتجاجات السلمية والسبل الأخرى للمعارضة المشروعة. سياساتهم الحالية تعد خيانة لكل طموحات ثورة "25 يناير" من العيش و الحرية والعدالة الاجتماعية".
لقد شهدت البلاد عنفا على نطاق غير مسبوق في الشهور الأخيرة، حيث ارتكبت قوات الأمن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، باستخدام القوة المفرطة بما في ذلك القاتلة في مواجهة الاحتجاجات المعارضة والمظاهرات في حرم الجامعات.
ومنذ 3 تموز/ يوليو قتل 1400 شخص خلال العنف السياسي، أغلبهم قتلوا بسبب القوة المفرطة التي استخدمتها قوات الأمن. و لم تجر تحقيقات حقيقية حول مقتل أكثر من 500 من مؤيدي مرسي عندما استخدمت القوة المفرطة لفض اعتصام رابعة العدوية في آب/ أغسطس 2013. ولم يتهم فرد واحد من قوات الأمن حول الواقعة التي كانت حمام دم قاس على نطاق غير مسبوق.
وقالت حسيبة حاج صحراوي إنه "بدلا من كبح جماح قوات الأمن، قامت السلطات بتسليمهم تفويضا للقمع. ومرة أخرى في مصر، يستخدم خطاب "مكافحة الإرهاب" لتبرير القمع الكاسح الذي فشل في التمييز بين المعارضة المشروعة والهجمات العنيفة".
"يجب أن تتم مساءلة قوات الأمن عن انتهاكات حقوق الإنسان. على العكس من ذلك شجعتهم السلطات بالسماح لهم بالإفلات من العقاب. لن يتم كسر دوامة الانتهاكات إلا عندما يطبق القانون على الجميع بغض النظر عن رتبتهم أو انتماءاتهم السياسية".
منذ "ثورة 25 يناير"لم يدن بقتل المتظاهرين إلا القليل من أفراد الأمن ذوى الرتب المنخفضة. وفي الشهور التي تلت إزاحة الجيش لمحمد مرسي كرئيس، أضحت نقاط التفتيش التابعة للجيش وأفراد الأمن والمنشآت الحكومية تخضع لهجمات متصاعدة من قبل جماعات تصفها السلطات "بالإرهابية".
وعلى الرغم من أنه من واجب الحكومة أن تحمي الأرواح ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم، فيجب ألا تتم التضحية بحقوق الإنسان تحت مسمى "مكافحة الإرهاب".
قبيل الذكرى الثالثة للثورة حذر وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم من أن السجون ومركز الشرطة تم تأمينها بالأسلحة الثقيلة، في استعراض واضح للقوة، ما يشير إلى مدى الجرأة التي أصبحت عليها قوات الأمن، وتحدى أي شخص أن يحاول اختبار قوتهم.
أبرز تضييق سافر كان على حرية التعبير والتجمع. الآلاف ممن تبين أنهم من مؤيدي الإخوان المسلمين أو أعضائها ساقتهم قوات الأمن، لانتقادهم لإطاحة الجيش بمحمد مرسي. ولم يسلم الرجال والنساء والأطفال المعبرين عن آرائهم بسلمية.
في كانون أول/ ديسمبر أصبحت الإخوان المسلمين رسميا "منظمة إرهابية"، ما سهل على السلطات اتخاذ إجراءات قمعية ضد الجماعة. في 23 كانون أول/ ديسمبر تم تجميد أصول 15055 مؤسسة خيرية عل الأقل تابعة للإخوان المسلمين.
كما اعتقل آلاف الطلاب أثناء الاحتجاجات والمواجهات. في أحد الحالات الرمزية في تشرين ثاني/ نوفمبر أطلق النار على الطالب محمد رضا ذي الـ 19 عاما وقتل في جامعة القاهرة عندما قامت شرطة مكافحة الشغب بإطلاق قنابل الغاز والخرطوش داخل أرض الجامعة.
تم استهداف النشطاء والطلاب العلمانيين في محاولة واضحة للحكومة لقمع أية معارضة في المجال السياسي. أصبح نشطاء "ثورة 25 يناير" اليوم في السجن لأنهم تجرأوا على المطالبة بالمساءلة وحقوق الإنسان.
تم سن قانون جديد للاحتجاج (التظاهر) وضع قيودا على التجمعات العامة والمظاهرات، ما يشكل تهديدا كبيرا لحرية الرأي والتجمع ومنح قوات الأمن ترخيصا لاستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين. والنتيجة كانت ميثاق للقمع أقرته الدولة وتفويضا مطلقا لانتهاكات قوات الأمن. وقد اقترن هذا بالاعتداء على الصحفيين وحرية وسائل الإعلام فضلا عن المداهمات ومحاولات وضع المزيد من القيود على المنظمات غير الحكومية.
وقالت حسيبة حاج صحراوي إن "هناك جهدا مشتركا يجري حاليا، لإبعاد أي مراقبين مستقلين سواء من النشطاء، الصحفيين أو حتى المنظمات غير الحكومية. هناك محاولة متعمدة لتعسير عملهم واستمراره في مصر وتوثيق والإبلاغ عن انتهاكات الدولة".
وتسعى السلطات أيضا لاستخدام نظام العدالة الجنائية كأداة للقمع.
حيث قالت حسيبة حاج صحراوي إن "القضاء يتم استخدامه لمعاقبة خصوم الحكومة بينما تسمح لمرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان بالسير بحرية".
الحكومة المؤقتة تنفي
وردا على تقرير العفو الدولية، وصف مسؤول بارز بوزارة الخارجية المصرية في الحكومة المؤقتة تقرير منظمة العفو الدولية بشأن مصر، الذي أصدرته في وقت سابق الخميس، بأنه "غير متوازن وغير دقيق ويعكس استخفافًا بطموح الشعب المصر"، على حد تعبيره.
وقال مساعد وزير الخارجية لشؤون الهيئات الدولية والأمن الدولى، هشام بدر، في بيان له الخميس، إن "التقرير يتضمّن ادعاءات مرسلة حول حالة حقوق الإنسان فى مصر، بما يجافي الواقع".
وأضاف أن "الحكومة المصرية مسؤولة أمام شعبها أولاً وأخيرًا، ولا تلتفت إلى محاولات تشويه الحقائق، خاصة عندما يتضح لها ضعف قدرة الطرف المعنى على فهم الواقع الوطنى وتطوراته والتحديات التى يواجهها شعب مصر وحكومته وفى مقدمتها مكافحة الإرهاب ومواجهة العنف".
وأشار مساعد وزير الخارجية المصري في الحكومة المؤقتة، إلى أن "الحكومة حريصة كل الحرص على مراعاة احترام حقوق الإنسان فى سياق مكافحتها للجريمة والعنف والإرهاب وفى سعيها لتحقيق الأمن لمواطنيها، ولا يمكن إنكار وقوع بعض الأخطاء الفردية بين حين وآخر، إلا أن الحكومة عازمة على مواصلة العمل بكل جدية على حفظ القانون والحيلولة دون الإفلات من العقاب، باعتبارهما ركيزتي بناء دولة ديمقراطية تحترم الحقوق والحريات للجميع، دون استثناء أو تمييز".