يزخر التراث الفلسطيني بالكثير من الأدوات والقطع التراثية - عربي 21
لكل ماض عريق أجداد يتركون خلفهم عادات وتقاليد تجسد حضارة الشعب وأصالته، وتحرص الشعوب على جمع تراثها وماضيها لتضعه بين يدي الأحفاد وتفتخر به بين الشعوب، ورغم أن الأدوات التي استخدمها الأجداد لا يمكن استخدامها اليوم لتطور العصر، إلا أنه يظل لها ألقا خاصا.
ولا يتوقف الأمر عند ذلك فقط، فبالإضافة إلى عدم استخدامها نرى أن المخزون المعرفي والثقافي لدى الشباب حول هذه الأدوات قليل جدا، ولعل السبب في ذلك يعود لغيابها عن أعينهم وعدم التفات الأهل لأهمية تعريف الأبناء بتراث الأجداد العريق.
ويزخر التراثالفلسطيني بالكثير من الأدوات والقطع التراثية التي نعرفها والتي يغيب عن ذهن الجيل الحالي بعض منها، كـ: القبعة والبيرو وعود البلق والبكرج والهاون والمهباش والكثير من الادوات.
صحيفة "عربي21" الإلكترونية، سألت عددا من الشباب حول مدى معرفتهم بهذه الأدوات التي استخدمت قبل سنوات ليست بالبعيدة، حيث ظهر جهلهم بمعظمها، ومرد ذلك كما قال الطالب ليث اشقر إلى عدم استخدامها في الحياة اليومية، واختلاف اهتمامات الشباب الذي ينشغل معظمه بالأدوات التكنولوجية الحديثة والتي أبعدته إلى حد ما عن واقعه الاجتماعي وليس فقط عن تراثه.
بدورها قالت الحاجة فريدة عطا (81 عاما) لـ"عربي21": "عندما كنا صغارا كنا نرى أمهاتنا يصنعن بعض الأدوات مثل الجونة وغيرها، وكنا نستخدم قطعا قد لا نراها في أيامنا الحالية، ولا زلت أذكر كل شيء من تلك الأدوات وآلية صنعها فالتعلم بالممارسة أفضل بكثير من الحديث عن الشيء".
وتضيف، "كل شيء كان وقتها من صنع أيدينا نأكل مما نزرع، ونشرب من نبع القرية، وأودوات الحراثة والمنزل كنا نصنعها، لذلك كانت أيام خير وبركة".
أدوات يجهلها شباب اليوم
ومن الأدوات التي يجهلها معظم الجيل الحالي، (محراث البلق)، فالمحاريث تتعدد وتختلف في شكلها والمواد المصنوعة منها واستخداماتها، فـ(محراث البلق) مثلا هو أحد الأدوات الزراعية التي كان الأجداد يستخدمونها في حراثة الأرض، وما يميزه عن غيره من أدوات الحراثة هو أنه محراث خاص بالجِمال، ويصل طوله حوالي المترين، صنع في عهد الانتداب البريطاني، وكان آنذاك يرخص وعليه ضريبة وله رقم خاص يطبع خلف سكة الحراث.
أما (القُبْعَة) فمصنوعة من القش والتي غالبا ما تكون ملونة ومزخرفة وكانت تستخدم لحفظ المحاصيل والمواد الأخرى والفواكه وغيرها، يتم صناعتها بنفس طريقة صناعة الطبق (صينية القش)، وبعد ذلك تبدأ بصنع حافة جدار دائري لها حتى الوصول إلى الارتفاع المرغوب والمناسب، وليصبح شكلها مثل الوعاء، وغالبا ما يكون قطر القبعة 25 سم تقريبا وارتفاعها 20 سم.
ولا تختلف (الجونة) كثيرا عن مبدأ صنع القبعة ولكنها تمتاز بكبر حجمها وتتسع إلى حوالي 30-40 كغم من القمح، وتختلف الجونة أيضا بأنها تحاط من الخارج بجلد الماعز أو البقر حفاظا عليها من التلف ولكي تخدم أطول فترة زمنية ممكنة، وكان يحفظ فيها القمح أو الشعير أو الطحين أو بذور أخرى حسب الحاجة.
و(البيرو) هو صندوق خشبي مرصع بالنحاس وأحيانا بالصدف يحتوي على جوارير أفقية طويلة، وكان يعدّ من أهم ما يحضر للعرائس في الماضي، فكانت توضع فيه الأدوات الصغيرة لا سيما أدوات المطبخ وقطع الملابس الصغيرة وغيرها من الأمور التي تتعلق بالعروس.
المتاحف الفلسطينية تواجه صعوبات كبيرة في جمع الأدوات التراثية للاحتفاظ بها وتعريف الناس بها، فالعائلات الفلسطينية ممن لديهم أدوات تراثية لا يتخلون عنها خوفا من أن يبيعها العاملون في المتاحف أو الجمعيات التراثية.
وفيما يتعلق بهذا الموضوع يقول مدير متحف يبوس في مخيم الفارعة بمحافظة طوباس الشاب محمد عايدي لـ"عربي21": هناك صعوبة في التواصل مع المجتمع وبالأخص الفئة الشابة في توصيل المعلومات حول مواضيع التراث والأدوات التراثية، بالإضافة إلى صعوبة التواصل مع الناس للتبرع بأدواتهم التراثية رغم وجود نظام التوثيق الذي يتبعه المتحف ووزارة السياحة والآثار.
ويضيف عايدي "نسعى من خلال يبوس الارتقاء بالفكر التراثي بكافة جوانبه ونقله للمجتمع بكافة فئاته ونعمل على تعريفهم بالأدوات وآليات استخدامها ومميزاتها ومواد صنعها ليكون عندهم دراية ولو متواضعة حول تراث الأجداد لنرسم مستقبل حضارتنا بمنهجية منظمة".