استأنف الاعلامي
المصري الساخر
باسم يوسف برنامجه المتوقف منذ ثلاثة اشهر، بالسخرية من حالة الهوس والتأييد العارم في مصر لقائد الجيش المشير عبد الفتاح السيسي سواء في الشارع أو في وسائل الإعلام.
مساء الجمعة، عاد كثير من المصريين باختلاف توجهاتهم السياسية للتجمع مجددا أمام شاشة التلفزيون لمتابعة "البرنامج" الذي يبث على قناة مختلفة هي قناة "
ام بي سي مصر"، متسائلين جميعا "هل سيجرؤ على مواصلة سخريته من الجيش؟".
لم يتردد باسم في مواصلة انتقاداته لكنها اتخذت اتجاها اخر: حالة الهوس الشديد والتأييد المبالغ فيه للسيسي خاصة في وسائل الإعلام المصرية.
فقد أبحر باسم يوسف الجمعة عكس التيار العام وقدم محتوى ساخرا ومخالفا لاتجاه البرامج التلفزيونية التي تؤيد الجيش وقائده التي تطالبه بالترشح للانتخابات الرئاسية والتي من المتوقع أن يفوز بها بسهولة في حال ترشحه.
وبأسلوب يمزج بين الجد والهزل أكد باسم "احنا مكملين وهنقول كل اللي نفسنا فيه ومش هنخاف من حد". وعرض خلال البرنامج مقاطع فيديو من فضائيات مصرية وأخرى من الشارع تعكس المبالغات الكبيرة في التعبير عن مشاعر الحب للسيسي.
فهناك مشهد لسيدة تطالب التلفزيون المصري باعادة بث كلمات السيسي للمساعدة في"انقاص الوزن" حيث أنها تنسى تماما الأكل والشرب وهي تشاهده وأخرى لبائع يروج "لبنطلون بامضاء السيسي" واعلان تجاري ل"زيت السيسي"، ومحللين رياضيين يربطون بين الصعود لكأس العالم والسيسي، وأغان وأشعار تتغنى به.
كما كان لمعارضي باسم نفسه نصيب كبير من السخرية، حيث استعرض الانتقادات التي يتعرض لها في وسائل الاعلام المصري مع مشاهد مختلفة لمذيعين ينتقدون آخر حلقة له قبل توقف البرنامج.
فبعد هذه الحلقة التي كانت الأولى له منذ الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي واجه باسم يوسف سيلا من الانتقادات الحادة التي وصلت إلى حد الاتهام بالخيانة والعمالة لجهات اجنبية وهي اتهامات شائعة في مصر لكل من يعارض الجيِش.
وعند إعداد الحلقة الثانية تجمع عدد كبير من المتظاهرين أمام مبنى سينما راديو في وسط القاهرة حيث يقوم بتسجيل برنامجه موجهين له افظع الشتائم والاتهامات.
وفي صندوق بريد أخضر، وضع باسم رسائل لمعارضيه معتبرا أن انتقاداتهم تخلو من المنطق ولا تفهم روح السخرية.
ويعتبر الإسلاميون باسم يوسف خصما عتيدا بسبب انتقاداته اللاذعة وسخريته من الرئيس المنتخب والقيادات الاسلامية عامة إبان حكم محمد مرسي.
لكن بعد الانقلاب على حكم الإسلاميين وسيطرة الجيش على المشهد السياسي في مصر اكتسب الاعلامي الساخر خصوما جددا من المؤيدين لقائد الجيش.
في مقهى في وسط القاهرة، اكتظ بمشاهدين اغلبهم شباب، يقول المحاسب سامح "الحلقة جيدة وتثير الضحك. لكن أنا لا يعجبني انتقاد السيسي. لذلك فأنا لست من محبي باسم يوسف".
ويرى التاجر أحمد محمد أن "البلاد تحتاج للانضباط وليس للسخرية ممن يحكمونها. نريد الاستقرار وليس تصيد الأخطاء".
لكن الضحك والابتسام من أداء باسم ارتسم على وجوه الجميع، معارضيه قبل مؤيديه. فيما ساد الصمت المطبق أرجاء المنطقة أثناء العرض.
في المقابل، يقول شاب يدعى عبد الرحمن "البرنامج ألقى الضوء على المبالغة الشديدة في حب السيسي. وباسم انتقد طريقة الناس في صناعة الفرعون".
ويقول المهندس علي محروس "باسم أثبت أنه قادر على التحدي وتخطي الحدود الحمراء. لكن السؤال الحقيقي هل هو قادر على الاستمرار في الانتقاد؟".
تأتي عودة البرنامج وسط احتدام حالة الاستقطاب السياسي في مصر بين مؤيدي الجيش وبين معارضيه من مؤيدين لمرسي ونشطاء سياسيين.
كان باسم يوسف أنهى تعاقده مع قناة "سي بي سي" الفضائية المصرية الخاصة بعدما أوقفت برنامجه مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الفائت بعد أول حلقة له، لما اسمته بعدم "احترام الرموز والثوابت الوطنية"، في إشارة لانتقاداته للجيش والسيسي.
وقد استهل برنامجه الجمعة بحوار رمزي بينه وبين مالك مفترض لقناة يملي عليه محتوى جديدا لبرنامجه لا "يكون مثيرا للجدل".
ويقول باسم لمالك القناة بسخرية "مش عارف ارضيك ازاي.. دا انا ناقص اطلع في البرنامج متكلمش خالص". مضيفا "دا الموسم الجديد.. ودي اول حلقة في البرنامج واحتمال ايضا ان تكون اخر حلقة".
ويقول المحلل الإعلامي محمد عبد الرحمن لفرانس برس إن "باسم يوسف خالف التوقعات وأظهر تمسكه بسياسته التحريرية وأنه لن يخضع لرغبات جمهوره الذي يؤيد أغلبه الجيش والسيسي".
وتابع "لقد انتقد الهوس العام بالسيسي. وهذا شيء حقيقي وموجود. باسم لا يقدم كوميديا قدر ما يقدم ملخصا لما يحدث في مصر".