ستبدو عودة "سليمان
بركة"
العالم الفلسطيني وخبير
الفلك في وكالة الأبحاث الفضائية الأمريكية (
ناسا) إلى قطاع
غزة ضربا من الجنون والخيال لكثيرين.
فترك وكالة الفضاء العالمية والشهيرة، والتحليق في فضاء غزة الفقيرة والمحاصرة، يحتاج لكثير من التفكير، وجرأة القرار غير أنه لم يكن كذلك بالنسبة للعالم الفلسطيني.
ويقول بركة: "إنه قرر العودة إلى غزة المحاصرة إسرائيليا منذ أزيد من سبعة أعوام، لنشر ثقافة العلوم الفيزيائية الفضائية بين السكان المحاصرين.
وبعد سماعه لنبأ مقتل طفله "إبراهيم" 11عامًا، في قصف إسرائيلي لمنزله خلال حرب عام 2008 التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، قرر بركة العودة إلى مدينته.
ويقول بركة إن عودته إلى القطاع نابعة من رغبته، في ترويج علم الفلك عند الأطفال، والسماح لهم لأول مرة، بأن يروا جمال السماء، ونجومها بعيدًا عن القتل والقصف والدمار المرتبط بعقولهم على الدوام.
والتحق بركة (49 عامًا) بالعمل في وكالة ناسا الفضائية في عام 2008م، وتركها بعد مرور عام وعاد إلى القطاع في عام 2009م، إلا أنه مازال يتواصل مع طاقهما إلى الآن.
وإضافة إلى عمله في وكالة ناسا، يعمل بركة بالمراسلة مع مجموعة باحثين في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية لها علاقة مباشرة في أبحاث الفضاء والفلك، ومع وكالة الفضاء الفرنسية واليابانية والصينية.
ومنذ قدومه إلى غزة يسعى بركة إلى إنشاء وكالة فضاء ومرصد فلكي فلسطيني، يجمع الطاقات الفلسطينية المهجرة والموزعة على العالم، وفق قوله.
فقد بذل جهودًا وصفها بالمقعدة لإدخال تليسكوبات إلى القطاع، بمساعدة أصدقاء أوروبيين، وأولها أدخل عام 2010، ووصل عددها الآن إلى 7 تليسكوبات.
وقال:" فلسطين لها خصوصية، نابعة من وقوعها تحت الاحتلال الإسرائيلي، منذ أكثر من نصف قرن، ونحن نحاول اليوم إيجاد منهاج فلسطيني يحتوي على كم كبير من المعلومات الفلكية والفضائية".
وفي مشهد جديد على سكان القطاع المحاصر، بات يتكرر مؤخرًا عقد عدة فعاليات ينظّمها بركة، لرصد "نجم الشمس"، كخطوة لنشر ثقافة الرصد الفلكي والفضائي، ومقدمة كما يؤكد لافتتاح تخصصات جامعية تدرس علم الفلك.
ونفّذ
الخبير الفضائي منذ تمكّنه من إدخال التلسكوبات إلى القطاع المئات من فعاليات الرصد الفلكي لنجم الشمس، تستهدف طلبة المدارس والجامعات وعامة الناس ممن يرغب في المشاهدة، وكان أول رصد فلكي لنجم الشمس لزملاء ابنه الراحل إبراهيم داخل مدرسته.
وتتلخص طبيعة عمل خبير الفلك، في مجال الفيزياء الفضائية أو "طقس الفضاء"، حيث يعمل مع طاقم فيزيائي على البحث في منطقة محددة في الفضاء من أجل تمهيد طريق آمن لحركة المركبات الفضائية التي قد تكون عرضة للنشاطات والإشعاعات الشمسية المفاجئة التي قد تؤثر على أنظمة التحكم في تلك المركبات.
وأضاف بركة :"نعمل على إنتاج بعض الظواهر الفضائية من خلال برامج الكمبيوتر ونقوم بفحصها لماذا حدثت وكيف يمكن تفاديها، وأبحث مع طاقم الباحيثين، في المشاكل الفضائية المعروفة عند العلماء منذ سنيين وأحاول إيجاد حلول لها".
ويؤكد بركة أنه الفلسطيني الوحيد في قسمه، إلا أن أقسامًا أخرى في وكالة ناسا تضم العديد من الفلسطينيين والعرب.
ولفت إلى أن من عوامل نجاح وكالة ناسا عدم وجود أي مشكلة على خلفية عرقية أو دينية، فجميع طاقمها يسعى لحل مشاكل تساعد البشرية في تفادي أخطار عدة في مجال الفضاء.
وتخرّج بركة من كلية العلوم والتكنولوجيا، في جامعة أبو ديس بالضفة الغربية، وحصل على درجة الماجستير في الفيزياء من الجامعة الإسلامية، إضافة إلى درجة الدكتوراة في الفيزياء الفلكية من معهد الفيزياء في باريس.
وعمل بركة في السلك الدبلوماسي الفلسطيني، وأجرى دراسات عليا في الإدارة العامة والمفاوضات من جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
وعمله اليوم كما يؤكد هو نتاج رغبة دفينة بداخله منذ الطفولة، والحلم الذي راوده طويلا بأن يكون عالما يبحر في الفضاء.
ويتقلد بركة في غزة إدارة مركز أبحاث الفلك والفضاء في جامعة الأقصى في غزة، الذي ينفذ بعض الأبحاث العلمية في مجال الفضاء بمساعدة شركاء أوروبيين، وهو حامل كرسي اليونسكو لعلوم الفضاء والفلك والفيزياء الفلكية بغزة ومقره الجامعة الإسلامية.
وتحتضن الجامعة ما يطلق عليه (كرسي اليونسكو لعلوم الفلك والفضاء والفيزياء الفلكية).
وحصل بركة على لقب (حامل كرسي اليونسكو) ممثلًا به الجامعة الإسلامية وجامعة الأزهر وجامعة الأقصى، وهو أحد الطرق في بناء شبكات اتصال بين مختلف الجامعات الدولية في البحث العلمي وبرامج التنمية والتطوير والفضاء والفلك.