يواجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما أجندة حافلة بالملفات في زيارته القادمة للسعودية نهاية الشهر الحالي.
فبعد 60 عاما من عقد الرئيس فرانكلين روزفلت ومؤسس المملكة العربية
السعودية تحالفا على بارجة أمريكية في قناة السويس، تجد الدولتان الآن نفسيهما على طرفي نقيض؛ ليس بسبب الخلاف حول الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي؛ السبب الدائم للخلاف وحقوق الإنسان، ولكن حول قضايا جديدة تتعلق بأمن الخليج والحرب الأهلية السورية ومشاكل ما بعد الثورة في دولة حليفة لأمريكا، ومشاكل شائكة مثل
مصر، ثم أضافت السعودية تعقيدا جديدا.
وتشير مجلة "
إيكونوميست" البريطانية في عددها الجديد إلى قرار المملكة العربية السعودية وحلفائها في الخليج؛ البحرين والإمارات بسحب سفرائها من
قطر؛ الإمارة الصغيرة التي تشبه الإبهام في القبضة الكبيرة.
قطر ليست فقط عضوا في نادي الدول الست الغنية بالنفط (مجلس التعاون الخليجي)، ولكنها تستقبل على أراضيها أيضا مركز العمليات الجوية المشتركة للقوات الأمريكية، وهي قاعدة تعتبر من أهم القواعد العسكرية الأمريكية في منطفة الخليج التي تخدم معا 35.000 جندي أمريكي، والتي تقدم الحماية لدول مجلس التعاون الخليج، وتعمل كرادع للعدو المشترك إيران.
وتقول المجلة إن هذا الشجار الدبلوماسي بين العرب يمكن احتواؤه. فقد علقت السعودية علاقاتها مع قطر عدة سنوات في أعوام التسعينات بعد أن قام الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بالإطاحة بوالده. وردت قطر على الأزمة الأخيرة بالتعبير عن "الأسف والدهشة"، مؤكدة أنها لن تسحب سفراءها من دول المجموعة الشقيقة.
وخلف هذا الكلام، تقول المجلة إن الأزمة كانت تغلي منذ مدة، حيث انتشرت شائعات تقول إن الرياض هددت قطر بإغلاق حدودها مع السعودية، وهي المعبر البري الوحيد لقطر نحو بقية العالم، والقريبة للمجال الجوي السعودي الذي تمر منه الطائرات في طريقها إلى قطر.
وعمل من هذا القبيل سيزعج الأمريكيين الذين يقومون بتنسيق عمليات في المجال الجوي بين سوريا وأفغانستان من قاعدتهم العسكرية في قطر.
وعن أسباب الغضبة السعودية، تقول المجلة إنها واضحة، بدءا من إطلاق قناة الجزيرة "المزعجة" في عام 1996، إذ أدى انفتاح الإمارة على المعارضين السياسيين العرب إلى عدم ارتياح جيرانها من الدول الأتوقراطية. وزاد الغضب مع بداية الربيع العربي عام 2011، ليس لأن السعودية وغيرها من الدول الملكية العربية رأت في الانتفاضات تهديدا لها وحسب، ولكن أيضا لأن قطر قامت بإصرار وسخاء بدعم الإخوان المسلمين؛ الجماعة التي برزت في الانتفاضات في كل صراع؛ من ليبيا وتونس إلى مصر وسوريا.
وكان هذا مثار غضب السعوديين، وإلى حد كبير دولة الإمارات العربية المتحدة التي طالما نظرت للإخوان كجماعة تخريبية، تمثل أيديولوجيتها وبنيتها السرية تهديدا كبيرا.
وعندما فاز الإخوان بالانتخابات المصرية عام 2012، قامت قطر بتقديم المال كي تدعم الرئيس محمد مرسي. لكن ومنذ أن قام جنرالات مصر بالإطاحة بمرسي قامت السعودية والإمارات والكويت بضخ كميات أكبر من الأموال. وتحولت قطر بعد الإنقلاب إلى ملجأ آمن للهاربين من مصر، بمن فيهم الجهاديون، إضافة للسياسيين من الإخوان.
وتعرضت قناة الجزيرة لشيطنة في مصر إلى درجة تم فيها اعتقال طاقم القناة الإنجليزية المستقلة عن القناة العربية ومحاكمتهم بتهمة الإرهاب، فيما تحولت القناة العربية إلى منبر للإخوان المسلمين. وتشير المجلة إلى تصريحات الشيخ يوسف القرضاوي الذي يعيش في قطر، والذي اتهم الأنظمة العربية بالتواطؤ مع قادة الانقلاب.
وتتحدث المجلة عن البيان المشترك الذي صدر عن الدول الثلاث التي سحبت سفراءها، واتهمت فيها الأمير تميم بالإخلال بتعهد قطعه في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بالتخفيف، ومنع هذه النشاطات و"الالتزام بمبدا عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى".
وتطالب تلك الدول بطريقة غير رسمية بنفي كل الإسلاميين، وتشير المجلة إلى قرار محكمة إماراتية في 3 آذار/ مارس، عندما حكمت على مواطن قطري بالسجن بتهم التآمر في سلسلة من المحاكمات التي تستهدف الإخوان المسلمين.
من جانبها منعت السعودية كتب الإخوان المسلمين من معرض الرياض للكتاب، ومنعت الدعاة المتهمين بعلاقتهم مع الإخوان من الدعوة في المساجد.
في ضوء هذا الوضع تقول المجلة إن على أوباما أن يتحرك بحذر، فعليه إقناع إيران بأن حلف أمريكا مع دول الخليج لا يزال قويا، مع أن محاولته لإقناع العرب لم تنجح، فهم يشكون أن الولايات المتحدة ترغب في تحقيق اتفاق مع إيران، ومن ثم التحول نحو آسيا، مع أنهم لا يزالون يؤمنون بوجود تهديد فارسي. ويجب على أوباما أيضا تقديم توضيحات بشأن تحفظه على دعم المعارضة السورية بالسلاح، وتقديم الدعم للجنرالات في مصر، خاصة أن دول الخليج تدفع باتجاه التزام أكبر.
وتختم بالقول إن روزفلت كانت أمامه مهمة سهلة مقارنة مع أوباما.