مرحلة جديدة بدأت تظهر في السياسة
الخليجية، فرضتها تطورات الربيع العربي، بخاصة في
مصر وسورية، وتداعياتها المحتملة على دول مجلس التعاون. فقرار
السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من
قطر هو قرار غير مسبوق، وما كان الإقدام عليه إلا بوجود قضايا تعتبرها الدول الثلاث كبيرة ومؤثرة عليها. والقرار السعودي بـوسم جماعة
الإخوان المسلمين بانها "إرهابية" رغم ما تملك من ثقل ووزن سياسي كبير في العالم لم يكن ليخرج لولا وجود دور لها بدأ يمس عصب السياسية العربية.
هذا القرار السعودي الأخير "أظهر تخوفاً كبيراً من تبلور قوة سياسية تنافس الأسرة الحاكمة أو تنازعها الصلاحيات، فهي (السعودية) تقف دائماً ضد أي شكل تنظيمي سياسي له طابع حزبي، فهي دولة لا تعرف النقابات ولا الأحزاب ولا المجتمع المدني بأي شكل من الأشكال". وفق ما يقوله أستاذ العلوم السياسية بجامعة اليرموك في الاردن وليد عبد الحي.
ويضيف عبد الحي لـ "عربي 21" أنه "لمّا كان تنظيم الإخوان المسلمين تنظيما حزبيا (أي يسعى للسلطة) فإن عقيدة هذا الحزب السنية المحافظة يمكن أن تجد لها صدى واسعا وسريعا في المجتمع السعودي المغرق في محافظته الدينية، وقد بدأت بوادر ذلك تظهر تدريجي، مما بدأ يخلق نوعا من القلق في أوساط السلطة السعودية، بخاصة أن للإخوان خبرة تنظيمية جيدة"، مشيراً إلى أن شيوخ الإخوان في السعودية بدأوا يبرزون وكأنهم يستولون على عقول الجمهور في مواجهة "خطباء السلطة" التقليديين المغرقين في تأملات ماورائية، وهو ما جعل السلطة السعودية تفقد تدريجيا أدوات سيطرتها على العقل المجتمعي".
ويتفق معه الكاتب الصحفي عبد الوهاب بدرخان، الذي يؤكد أن علاقة السعودية مع الاخوان انعكست على علاقتها مع قطر، التي ما قطعت "شعرة معاوية" مع إيران، وبقيت على تواصل معها، الأمر الذي أغضب السعودية.
ويؤكد بدرخان لـ"عربي 21" أنه وبمناسبة زيارة أوباما المرتقبة للمنطقة، تريد السعودية أن تدافع عن نمط آخر من الاسلام المعتدل في وجه ما يُعتقد انه "قبول" امريكي للاخوان المسلمين، ودعم قطري له".
"فهذا التشدد تجاه العلاقات مع قطر والاخوان جاء نتيجة خوف السعودية على أمنها الداخلي" يقول بدرخان مشيراً إلى خوف السعودية من ظهور حلف أمريكي إيراني يقصي دورها بالمنطقة.
ردة فعل قطر
ويشير عبد الحي إلى أن قطر ستحاول أن تبحث عن تحالفات توازن التحالف المصري السعودي، ولو لفترة قصيرة، و"لن يكون جذريا ممتداً".
من جهته الأكاديمي والمحلل السياسي القطري محمد المسفر، أكد أن " سحب السفراء من الدوحة هو استعداء للقيادة السياسية القطرية الأمر الذي قد يدفع بها إلى مواقف تندم تلك الدول على استعدائها ومعاداتها الشعب القطري، مؤكداً ل لصحيفة "عربي21"، أن "القيادة السياسية القطرية تقف على أرض صلبة وجبهة داخلية متماسكة".
ومع تماسك الجبهة الداخلية القطرية – بحسب المسفر- فإن الجبهة الداخلية لمجلس التعاون الخليجي بدأت تتفكك، وبدأت تظهر ملامح رفض لأن تكون السعودية هي الموجه الرئيسي للمجلس.
ويقول عبد الحي : "إن تشكيل مجلس التعاون الخليجي جاء ردا على الثورة الإيرانية والتي كان يعتقد انها ستبتلع دول الخليج، الأمر الذي لم يحصل، بل تغيرت صورة ايران لتصبح أكثر سلمية مع دول الخليج، الأمر الذي سيجعل تفككه ممكناً".
وخلال هذا الحراك ضد قطر والإخوان، تُطرح تساؤلات عديدة، كيف ستتعامل السعودية مع البلدان التي يحكمها الإخوان ؟!
عبد الوهاب بدرخان أكد أن بيان وزراة الداخلية السعودي عنى إخوان السعودية بالدرجة الأولى، وفي حال وصول الاخوان الي اي بلد بطريقة ديموقراطية فلن يكون هناك خطر أمني داخلي، لكن سيكون هناك نوع من عدم الثقة.