أثارت دعوة المفتي السابق بمصر الدكتور
علي جمعة، المسلمين ببقاع الأرض لزيارة المسجد
الأقصى، غضبا واسعا في الأوساط السياسية
المصرية، التي وصفتها بأنها دعوة غريبة وغامضة وغير مبررة، واعتبرتها دعوة للتطبيع مع العدو الصهيوني "إسرائيل"، واعترافا بتهويد
القدس، وتصفية القضية الفلسطينية، وتصب في صالح "إسرائيل".
وكان جمعة أطلق دعوة لكل المسلمين في بقاع الأرض أن يشدوا الرحال إلى المسجد الأقصى، بالتزامن مع الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة لساحات المسجد، وانتهاك قدسيته.
وقال جمعة - في بيان رسمي له ـ "أيها المسلمون.. من حج البيت الحرام فعليه أن يتوجه الآن إلى القدس. أعطوا أهلها، وحرّموا التعامل فيها مع الكيان الصهيوني.. أعطوا أهلها كل شيء، واطلبوا الذهاب إلى الحرم المقدس، فإنكم لو رأيتموه مرةً واحدةً، فستتعلق به قلوبكم، كما تعلقت بالكعبة بيت الله الحرام".
ورفض عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي دعوة المفتي السابق، واعتبرها نوعا من التطبيع المرفوض، مشيرا إلى أن توقيت الدعوة غير مبرر، ومشددا على أنه لا داعي لمثل هذه الدعوات التي تثير الجدل والخلاف دون الوصول لحل للقضية الفلسطينية.
وأضاف - في تصريحات لصحيفة الأهرام السبت- أنه ومنذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد والشعب المصري كله بمن فيه المسلمون والمسيحيون قد أعلنوا تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، وقرروا عدم التطبيع مع إسرائيل.
وأوضح أن جزءا من مواجهة هذا التطبيع يتمثل في رفض أي دعوة للتعامل مع إسرائيل، خاصة أن إسرائيل مازالت تحتل الأراضي الفلسطينية.
ومن جهته، أعرب المفكر السياسي القبطي جمال أسعد عن رفضته لدعوة المفتي السابق، في أن يشد المسلمون رحالهم إلى المسجد الأقصى، مؤكداً أنها زيارة مرفوضة لأنها نوع من التواصل مع الشعب الإسرائيلي، وليس لها علاقة بالواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني.
وأضاف أسعد - في تصريحات صحفية - أن زيارة المصريين إلى الأقصى بغض النظر عن أنهم مسلمون أو أقباط لا تفيد ولا تمنع الاحتلال الصهيوني، من السيطرة على الشعب الفلسطيني.
واتفق نبيل زكى المتحدث الرسمي باسم حزب التجمع مع الرأي السابق. وأكد لصحيفة "الأهرام" السبت أن دعوة المفتي السابق للزيارة لن تساعد على تحرير القدس المسجد الأقصى، ولن تخدم القضية الفلسطينية.
وسبق أن زار الدكتور على جمعة المسجد الأقصى، وتعرض على أثرها لانتقادات كثيرة، لكنه جادل بأن زيارته تلك صحيحة، لذلك دعا المسلمين للذهاب للقدس.
وأضاف زكى أن توقيت الدعوة غير موفق على الإطلاق، إذ جاء في وقت قررت فيه "إسرائيل" بناء الكثير من المستوطنات بالقدس الشرقية، بالإضافة إلى أن الشعب الفلسطيني ساخط على "إسرائيل" بسبب تحديها لكل القرارات الدولية، فضلا عن إحباط تل أبيب لمهمة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لدفع مفاوضات السلام على الرغم من انحيازه الشديد لها.
وأعرب زكى عن أسفه لهذه الدعوة لأنها بمثابة استسلام للمصريين والعرب للأمر الواقع، وهو احتلال إسرائيل لفلسطين، حسبما قال.
ومن جانبه، رفض ناجى الشهابي رئيس حزب الجيل دعوة الدكتور جمعة. واعتبرها دعوة للتطبيع مع العدو الصهيوني. ووصف علاقة المفتي السابق مع إسرائيل بأنها غير مريحة لافتا إلى أن البابا شنودة سبق أن حذر المسيحيين المصريين من الذهاب إلى القدس إلا بعد تحرير فلسطين.
وتساءل الشهابي: لمصلحة من تصب هذه الدعوة؟، وما صفة المفتي السابق لكى يدعو لمثل هذه الدعوة؟ وما الجهة الممولة لهذه الزيارة؟ هل هي جهة أمريكية أم أوروبية أم صهيونية خاصة ان الشباب المصري يعانى من البطالة، ولا تتوافر معه أموال للسفر، فمن سيتحمل هذه التكاليف؟
وأكد - في تصريحات صحفية- أن الدعوة تصب لمصلحة إسرائيل، وليس لمصلحة القضية الفلسطينية، وأن الجهات الأجنبية هي التي تدعم هذه الدعوة وتمولها.
وقال إن هذه الزيارة ستضع مصر في موقف حرج لمهاترات سياسية من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وتساءل مرة أخرى: ماذا يريد المفتي من هذه الدعوة؟ هل الغرض بقاء إسرائيل داخل الأراضي المقدسة؟ أم إحراج وتوريط الدولة المصرية؟
ومن جهته، رأى السفير محمد العرابي رئيس حزب المؤتمر ووزير الخارجية السابق أن سبب توقيت الدعوة هو انصراف العالم العربي عن القضية الفلسطينية ومقدساتنا خاصة بعد ثورات الربيع العربي، وانشغال العرب بالأهوال السياسية، على حد تعبيره.