أكد الصحافي باتريك كوكبيرن في صحيفة "اندبندنت أون صاندي" أن
السعودية تصنع أعداءً لها من الجهاديين والإخوان المسلمين، وأنها شجعت الجهاديين على القتال في
سوريا ومن ثم تركتهم.
وقال إن خطة تجريم الجهاديين جاءت لإرضاء الولايات المتحدة وإقناع الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الرياض لا تدعم جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة.
وأشار كوكبيرن إلى العلاقة التاريخية وغير الطبيعية بين ملكية محافظة وجمهورية ديمقراطية تعتبر نفسها حارسة الديمقراطية في العالم، ومع ذلك لم تتأثر العلاقة بين البلدين بسبب هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 والتي كان معظم المهاجمين فيها من السعوديين.
وأضاف الكاتب أن السعوديين يريدون إقناع واشنطن بتكثيف الجهود للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، مشيرا إلى تصريحات ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز لمؤتمر القمة العربية الذي انعقد الأسبوع الماضي في الكويت، والتي تحدث فيها عن خيانة المجتمع الدولي للمقاومة الشرعية السورية.
وهي تصريحات يراها كوكبيرن غير واقعية في بلد يسحق حرية التعبير ويبلغ عدد السجناء السياسيين فيه 30 ألف سجين.
وأشار كوكبيرن إلى قرار الحكومة السعودية في 3 شباط/ فبراير، الذي منح الجهاديين السعوديين المقاتلين في سوريا مهلة 20 يوما للعودة. والفكرة من هذا القرار هو خنق الإمدادات من المتطوعين للقتال في سوريا، والذين يصل عددهم إلى 2500 متطوع حسب بعض التقديرات. وهو قرار يتناقض مع سياسة غض الطرف التي سهلت سفر السعوديين لسوريا.
وقال الكاتب إن التغير في الموقف السعودي لم يترك أثره بعد؛ لأن الدعم الشعبي للحرب السورية واسع.
ورغم دعوة السعودية لأبنائها للعودة من سورية فهي تقوم بإنشاء جبهة عسكرية ثالثة وجديدة تعمل من الأردن، لقتال كل من نظام الأسد والقاعدة في نفس الوقت. وهي جبهة لن تؤتي ثمارها سريعا وتحرف ميزان الحرب في ضوء التطورات الأخيرة هناك.
ومن وجهة نظر كوكبيرن فإن مجرد موافقة الأمريكيين على الخطة تعني دخولهم في حرب بالوكالة طويلة الأمد، وهذا يناقض ما تقوله واشنطن والرياض من أن الهدف هو إنهاء المعاناة السورية.
وأشار إلى أثر الحرب السورية على العراق، حيث أدى دعم واشنطن للمعارضة إلى زعزعة استقرار العراق. ودلل على كلامه بسيطرة جبهة النصرة على منطقة الفرات إلى الحدود السورية مع تركيا. وفي الأسبوع الماضي دخل مقاتلو النصرة منطقة الساحل قرب اللاذقية.
وقال كوكبيرن إن مشكلة السعوديين أنهم اعتمدوا على الجماعات الجهادية لتنفيذ سياساتهم الخارجية، حيث يعتقد السعوديون أنهم بهذه الطريقة سيتحللون من المسؤولية. والمشكلة في هذه السياسة -كما ظهر في أفغانستان وسوريا والعراق وباكستان- أن السعودية لا تتحكم بالجهاديين الذين يشعرون بأن الرياض تتعامل معهم كمنبوذين. ولهذا بدؤوا بالهجوم على العائلة الحاكمة في مواقع الإنترنت والتويتر بنشر صورة للملك عبدالله وهو يقلد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ميدالية وتحتها "ميدالية لغزو الدول الإسلامية".
وفي صورة أخرى تظهر شاحنات محمّلة بالمقاتلين وتحتها عنوان أنها متجهة نحو شمال السعودية.
ورغم النجاحات التي حققتها السعودية في قمع الثورات العربية ودعم الثورات المضادة في البحرين التي أرسلت إليها قواتها عام 2011، وتمويل الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013 إلا أنها تشعر بحالة من العصبية.
وتصرفات كهذه بحسب الكاتب لا تخلق أصدقاء؛ بل أعداء، وليس
الإخوان المسلمون في الخليج وحدهم من يشعرون باستهدافهم كإرهابيين رغم كونهم جماعات إصلاحية وسلمية، بل يشعر
الجهاديون في سوريا أيضاً أن السعودية شجعتهم على مواجهة الأسد ومن ثم تجاهلتهم، فضلاً عن الليبراليين السعوديين الذين هم أنفسهم أصبحوا عرضة للمساءلة حتى لو كان الأمر متعلقاً بتغريدة عادية.
وختم الكاتب حديثه بالقول "لقد تجاوزت السعودية ثورات الربيع العربي بدون اضطرابات محلية، ومضت في الطريق كي تعيد الأنظمة الديكتاتورية القديمة للحياة في الشرق الأوسط، ولكن البلد نفسه أصبح منقسما وغير مستقر، أكثر من أي وقت مضى".