صحافة دولية

افتتاحية فايننشال تايمز تقرأ ميزان القوى في سوريا

سخرت الصحيفة من إجراء الانتخابات في هذا الوقت (أرشيفية)
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها، الاثنين، إنه منذ اندلاع الثورة ضد الرئيس بشار الأسد في 2011 مرت أوقات ظهر فيها وكأن ديكتاتور دمشق على وشك السقوط ولكن ما حصل خلال الأشهر التسعة الماضية ترك الأسد في حال يبدو فيها أكثر ثقة.

 وتضيف: "صحيح أنه وبعد ثلاث سنوات من الحرب الأهلية التي أودت بحياة 150 ألف شخص لا يزال الصراع بين نظام الأسد وفصائل الثوار المختلفة غير محسوم على الأرض". 

وتقول إن "رجال الأسد أحكموا قبضتهم على دمشق والمناطق التي يسيطر عليها النظام في وسط وغرب البلاد وهم قريبون من الانتصار على الثوار في حمص، ثالث أكبر مدن سوريا. ولكن الثوار لا يزالون يواجهون النظام، فقبل أسابيع قليلة قاموا بالسيطرة على منطقة ساحلية شمال غرب سوريا بالقرب من اللاذقية بما فيها موطن عائلة الأسد. كما أنهم لا يزالون يضغطون على قوات النظام في حلب، ثاني أكبر مدن سوريا، ولا يزالون ينشطون في ضواحي العاصمة دمشق نفسها". 

وترى أن الضغط على الأسد يبدو أقل مما كان عليه من قبل، حتى أن الأسد أعلن عن انتخابات للرئاسة في الثالث من حزيران/ يونيو، وهي أول انتخابات منذ بدء الحرب الأهلية قبل ثلاث سنوات. وتضيف "كون أجزاء كبيرة من البلاد خارجة عن سيطرة النظام فإن هذه اللفتة غاية في السخف ولكنها تعكس ثقة عالية". 

وهي تعكس كما تقول أيضا بعض ملامح هذا الصراع الذي جرى مؤخرا لصالحه، ولا يزال حلفاؤه الخارجيون إيران وروسيا يقدمون الدعم. أما المعارضة من الثوار والجهاديين المتطرفين مثل داعش فهم ممزقون ومتناحرون. كما أن موافقة النظام على تسليم أسلحته الكيماوية فأدت إلى التخفيف من انتقاد الغرب له.  

وتعتقد أنه "من الخطأ قبول الحكومات الغربية بأي حل للأزمة السورية يترك الأسد ممسكا بزمام الأمور، وكان توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، اقترح الأسبوع الماضي أن هذا قد يكون تنازلا ضروريا "وإن كان يبدو بغيضا". ومع أن الأسد يبقى رئيسا غير شرعي وهو المسؤول بشكل مبدأي عن للمأساة الإنسانية التي تعيشها سوريا وأي اقتراح بأنه ممكن أن يلعب دورا في استقرار البلد يجب رفضه.

 وتقول: "لا يمكن للأسد أن يجلب الاستقرار لسوريا أبدا حتى لو أراد ذلك، فسوريا لا تزال منقسمة إلى عدد من المناطق تسيطر عليها المعارضة أو النظام وهذا الحال لن يتغير إلا بتدخل كبير من الخارج".

ولن يستطيع الأسد إعادة بناء بلده المحطم، فسوريا اليوم تحتاج لعشرات المليارات من الدولارات لإعادة بناء بنيتها التحتية. ولن تأتي أي من هذه الأموال من روسيا ولا من إيران. فمن الأقل تكلفة لحلفاء الأسد لدعم نظامه عن طريق الإمداد بالدعم العسكري قصير الأمد أكثر من أن تستثمر أي منهما في إعادة بناء البلد. 

والأهم من هذا هو أن جرائم نظام الأسد أصبحت أبشع من أن يجعل هذا النظام صالحا لأن يكون طرفا في حوار. فاستخدم النظام وبدون تمييز أسلحة ثقيلة لهزيمة خصومه. وجعل الحياة غير محتملة في المناطق التي يسيطر عليه الثوار بتجويعهم حتى يستسلموا، كما يتحمل المسؤولية المباشرة عن تشريد 9.5 مليون سوري، أي حوالي 40% من الشعب،  وهذه مأساة لم يحصل لها مثيل منذ عام 1945.
   
وإذا أخدنا بعين الاعتبار القوة على الأرض فإنه بإمكان الأسد أن يحافظ على سلطته على المدى المتوسط وسيحاول إعطاء مركزه دفعة في الانتخابات القادمة مقدما نفسه على أنه قادر على قيادة ما تبقى من دولة سوريا. ولكن الفكرة نفسها بغيضة، فالمكان الوحيد اللائق بالأسد هو قفص الاتهام في محكمة الجنايات الدولية.