حذرت منظمة
الصحة العالمية من مخاطر الالتهاب الرئوي وإمكانية أن يتحول لمرض قاتل مرة ثانية مما يجعل من العمليات الجراحية مجازفة ويتحول الإسهال إلى
مرض خطير كل هذا بسبب تراجع فدرة
المضادات الحيوية وأثرها على الجسم الإنساني.
وقالت المنظمة إنه لم يكن هناك تحرك سريع للحفاظ على قوة المضادات الحيوية الموجودة حاليا وتطوير مضادات أخرى فالإنسان في خطر.
وفي أول تحقيق للمنظمة عن مدى المقاومة للمضادات الحيوية على مستوى العالم قالت المنظمة إننا نواجه تهديدا كبيرا للصحة العامة وهذا قد يؤثر على أي شخص وفي أي سن.
وليس هناك بلد عندها مناعة خاصة حيث أن البكتيريا والفايروسات المقاومة للمضادات الحيوية تنتقل عبر العالم بسهولة.
ففي المملكة المتحدة كما في الأماكن الأخرى هناك خوف من بكتيريا الكلبسيلا الرئوية وهي بكتيريا تعيش في الأمعاء وأصبحت مقاومة لآخر خط دفاع في المضادات الحيوية (الكاربابينيمات). وهذه البكتيريا لدى ضعاف المناعة أو حديثي الولادة قد تكون قاتلة. وفي الوقت ذاته فإن مرض السيلان الذي ينتقل بالاتصال الجنسي هو أيضا في ازدياد وأصبحت البكتيريا المسببة له مقاومة لآخر خط دفاع من المضادات الحيوية لعلاجه.
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن الدكتور كيجي فاكوندا المدير المساعد للأمن الصحي في
منظمة الصحة العالمية: "بدون اتخاذ إجراءات منسقة وعاجلة من العديد من أصحاب المصلحة فإن العالم يسير نحو حقبة ما بعد المضادات الحيوية، حيث تصبح العدوى العادية والإصابات البسيطة والتي كانت قابلة للعلاج لعقود قادرة على القتل مرة أخرى".
وأضاف: "المضادات الحيوية الفعالة كانت من الدعائم التي سمحت لنا في العيش لفترة أطول وبصحة أفضل أن نستفيد من الطب الحديث، وما لم نتخذ خطوات مهمة لتحسين الجهود لمنع العدوى ونغير كيفية أنتاج ووصف واستخدام المضادات الحيوية فإن العالم سيخسر شيئا فشيئا هذه المنتجات الضرورية للصحة العامة وستكون الآثار مدمرة".
وكان تقرير الأربعاء هو الأول الذي جمع بيانات شاملة من منظمة الصحة العالمية حول مقاومة المضادات الحيوية ويحتوي على معلومات من 114 دولة.
ومع أن البيانات أكثر اكتمالا من بعض البلدان عن غيرها فإنه من الواضح أن وجود سلالات مقاومة للمضادات الحيوية من البكتيريا والفيروسات حقيقة مشتركة ومحاولة إبقاء فعالية المضادات الحيوية الحالية هو معركة خاسرة".
وقالت الدكتورة كارمن بيسو دا سيلفا، التي تقود فريق مقاومة المضادات الحيوية في منظمة الصحة العالمية، للغارديان: "ليست المشكلة مشكلة دولة واحدة أو منطقة واحدة هي مشكلة تتعلق بالعالم بأسره، وهذا مهم، فليس هناك بلد واحد مهما كان لديه من سياسات يستطيع معالجة هذه المشكلة على حدة، بل نحتاج كل البلدان أن تجتمع وتناقش وتطبق الحلول الممكنة ".
ويشير تقرير المنظمة إلى القلق تجاه مرض السل المقاوم للعلاج والآخذ في الانتشار والذي يحتاج إلى أكثر من سنة من العلاج بتركيبات من المضادات الحيوية التي لا تحتمل تكلفتها في بعض البلدان، كما أن التقرير يتفحص نشوء سلالات من فايروس نقص المناعة البشرية والمنتشر في أمريكا الشمالية وأوروبا.
ولكن تركيز التقرير كان على البكتيريا المسؤولة عن العدوى العامة والتي أصبحت تهدد الحياة بسبب مقاومتها للمضادات الحيوية وكان الأكثر إثارة للقلق هو بكتيريا الكلبسيلا الرئوية والتي أصبحت مقاومة للمضادات الحيوية على مستوى العالم وكذلك الفشل في علاج السيلان في عشرة بلدان بما فيها المملكة المتحدة، هذا بالإضافة لمقاومة المضادات الحيوية من عائلة (الفلوروكينولونات) الأكثر استخداما في علاج عدوى المسالك البولية والتي تتسبب بها بكتيريا (الإشريكية القولونية).
يقول الدكتور دانيلو لو فو وونغ، كبير المستشارين لدى المنظمة في أوروبا حول مقاومة المضادات الحيوية إنه لا يوجد علاجات جديدة في الأفق، ولم يكن هناك فئات جديد من المضادات الحيوية على مدى ربع القرن الماضي.
فشركات تصنيع الأدوية لا تستطيع تغطية تكاليف البحث والتطوير لأن أي مضادات حيوية جديدة يجب استخدامها بحذر لكي لا تطور مقاومة ضدها وعندما تنزل إلي السوق تكون حياتها قصيرة "وما يسمى بمضادات حيوية جديدة هي في الواقع مجرد تعديلات على مضادات قديمة"، مما يجعلها عرضة لأن تطور البكتيريا مقاومة لها بشكل اسرع.
وأضاف: "نرى العلاج يفشل ونرى الناس تموت لأنهم لا يتلقون العلاج في الوقت المناسب، في بعض أنحاء العالم الأمر متعلق بالتوفر"، ولكن في بلدان أخرى يقومون بتجريب مضاد حيوي ثم آخر لمحاولة إيجاد واحد يعمل مما يعرض المريض للخطر ومساعدا في رفع مستوى المقاومة لدى البكتيريا. بعض البلدان في أوروبا لا تقوم بفحص اتوماتيكي لمعرفة طبيعة العدوى وخاصة إذا كان في هذا تكلفة زائدة للمستشفى أو للمريض.
ودعت منظمة الصحة العالمية كل البلدان أن تقتصد في استخدام المضادات الحيوية للبشر والحيوانات وتحسين نظافة اليدين والتي عزي إليها تخفيض عدد حالات الإصابة في المملكة المتحدة ببكتيريا الـ (إم آر إس إيه) المقاومة لمضاد الحيوي (الميثيسيلين).
كما أن مؤسسة أطباء بلا حدود قالت إن وجود خطة على مستوى العالم للاستخدام المنطقي للمضادات الحيوية المعتدلة التكلفة أصبح أمرا ملحا.
تقول الدكتورة جنيفر كوهن، المديرة الطبية لحملة الوصول للعلاج في المنظمة: "نرى مستويات غير معقولة من المقاومة للمضادات الحيوية في كل مكان في حقل عملنا بما في ذلك الأطفال الذي يدخلون إلى مراكز التغذية في النيجر والمرضى في وحدات العمليات والطوارئ في الأردن". فالبلدان بحاجة إلى تطوير أساليب رصد مقاومة المضادات الحيوية وإلا سيكون عملنا هو مجرد رمية في الظلام، فبدون هذه المعلومات فإن الأطباء لا يعرفون مدى تعمق المشكلة ولا يستطيعون اتخاذ القرارات السريرية المناسبة.
وتضيف: "يجب أن يكون تقرير منظمة الصحة العالمية بمثابة جرس إنذار للحكومات لتشجيع صناعة الأدوية كي تنتج مضادات حيوية بأسعار معقولة وليس عليها حقوق ملكية وأسعار عالية بحيث تفي بحاجة البلدان النامية".
ويتفق الخبراء البريطانيون حول خطورة المشكلة، حيث تقول البروفيسورة لورا بيدوك، أستاذة الميكروبيولوجي في جامعة برمنغهام: يجب على العالم التفاعل مع هذه المشكلة كما تفاعل مع مشكلة الإيدز في الثمانينات.. ولنفعل هذا يجب أن نطمح للنجاح".
وترى "الغارديان" أن حملات مراقبة المشكلة وحملات التعليم على مستوى العالم أمر مهم، "ولكن هذه نقاط بداية فنحن بحاجة لفهم أعمق لكل نواحي المقاومة بالإضافة إلى الاكتشافات الجديدة والبحث والتطوير لإنتاج مضادات حيوية جديدة". ولكنها حذرت أنه ومع هذه الحاجة فإن الحكومة البريطانية خفضت من تمويلها للأبحاث.