قالت مراسلة الفاينانشال تايمز في طهران في تقرير لها إن مفتشي وكالة الطاقة الذرية بدؤوا يوم الإثنين في زيارة تمتد ليومين تزاما مع رفع المتشددين وتيرة معارضتهم للتفاوض حول برنامج البلاد النووي.
وبحسب التقرير الذي أعدته المراسلة نجمة بزرغمير قامت مجموعة من المحافظين في البرلمان يسمون أنفسهم "القلقون" بإلقاء خطابات نارية يهاجمون فيها الرئيس حسن روحاني بخصوص المحادثات.
وذكرت أن عضو البرلمان المتنفذ، علي رضا زاكاني، قال في خطاب له في البرلمان الأربعاء الماضي: "سيد روحاني! إلى أين أنت سائر بالبلاد؟ نحن قلقون و نعتبر أي اتفاق يحد من حقنا في تخصيب اليورانيوم أو يحدد مستوى التخصيب اتفاق لاغ وباطل".
وقالت إن برلمانيا آخر، محمد جواد قدوسي، ألمح إلى أن الرئيس قد يواجه المساءلة وحذر الحكومة من أن السلطة التنفيذية "قد تسحب من تحت قدميها" إن هي تجاوزت حدودها في القضايا الداخلية والخارجية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الخطابات هي الأخيرة في الهجمات على السيد روحاني الذي انتخب الصيف الماضي، حيث وعد بتحسين الاقتصاد وإنهاء عزلة البلاد دوليا. ونجاحه يعتمد على مدى تمكنه من تحويل الاتفاقية المؤقتة التي وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر إلى اتفاقية طويلة المدى لإنهاء عقد من المواجهة مع المجتمع الدولي ولإنهاء المقاطعة التي تشل الاقتصاد الإيراني.
وذكر التقرير أن التفتيش الذي تجريه وكالة الطاقة الذرية هذا الأسبوع هو جزء من الإجراءات التي تم الاتفاق عليها في شهر شباط/ فبراير بين إيران من جانب والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا وألمانيا والصين من جانب آخر.
كما تزامنت زيارة المفتشين هذه مع تصريح نهاية الأسبوع لرئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي يقول فيه إن إيران ستعيد تصميم مفاعل الماء الثقيل في آراك لينتج مستوى أقل من البلوتونيوم.
ومن المقرر أن تبدأ الجولة التالية من المفاوضات بتاريخ 13 أيار/ مايو في فيينا ويجب التوصل إلى اتفاق نهائي في 20 تموز/ يوليو.
ولأن المتشددين الذين يستميتون في منع روحاني من النجاح في الانتخابات لدورة ثانية لا يستطيعون تعطيل المفاوضات النووية بشكل مباشر وذلك لأنها تحظى بدعم القائد الأعلى آية الله علي خامنئي، وبدلا من ذلك يهاجمون وبصوت عال سياسته الاقتصادية أو الثقافية أو سياساته العامة كل من موقعه في البرلمان والقضاء و الإعلام والحرس الثوري، بحسب التقرير.
ويشير التقرير إلى ما قاله السياسي المحافظ حميد رضا طارقي: "إن عدم نجاح روحاني في صفقة نووية ستشكل فشلا خطيرا له وقد تؤدي إلى انهيار حكومته قبل أن ينهي فترة ولايته الأربع سنوات" وتنتهي في 2017.
ويؤكد التقرير أن السيد طارقي، الذي يصر على أنه يدعم اتفاقية نووية طويلة الأمد، أقر بأن المتشددين من المحافظين والإصلاحيين يتمنون فشل السيد روحاني حتى لا تعيش حكومته فترة طويلة.
وذكر التقرير أن روحاني قام بمهاجمة منتقديه الأحد الماضي متهما إياهم بالاستفادة من العقوبات الدولية في الوقت الذي يعاني فيه معظم الإيرانيين جراء تلك العقوبات. فقال: "إن كان هناك من يحب أن تستمر العقوبات فليبين لماذا، فكلما قلنا: نريد تفاعلا بناء مع العالم قالوا: هل تريدون التنازل للعالم؟، لا! نريد أن نحارب العالم ونستل خناجرنا! نعم نريد أن نتفاوض مع العالم".
وأشار إلى أن رئيس البرلمان علي لارجاني وهو مؤيد للمحادثات النووية انضم أيضا إلى الرئيس وحذر من أن "البلاد ليست في وضع طبيعي"، ودعا إلى "تقارب داخلي" لدعم المتفاوضين حول الملف النووي، وتساءل "هل يمكن لهذا الصراع الداخلي أن يتحول إلى خبز وماء للشعب؟".
وتزايدت هجمات المتشددين على الرئيس روحاني في الأسابيع الماضية بما في ذلك فيلم وثائقي بعنوان "أنا روحاني" يدعي أنه يتفحص عقودا من أنشطة روحاني السياسية ويحاول الإشارة إلى ازدواجية في سيرته السياسية حيث أنه تحدى آية الله الخميني قائد الثورة الإسلامية عام 1979 بمشاركته في محادثات سرية مع الولايات المتحدة في الثمانينات من القرن الماضي، بحسب التقرير.
وذكر التقرير أن المتشددين متهمون بإثارة الشغب في سجن ايفن سيئ السمعة في طهران الشهر الماضي. كما أن القضاء قام بإغلاق الصحيفة الإصلاحية (ابتكار) خلال الأسبوعين الماضيين وهي الثالثة منذ أن اكتسح روحاني طريقه للسلطة الصيف الماضي.
كما أن الإعلام المحافظ شن هجوما على زوجة روحاني (صاحبة عربي) بعد أن أقامت حفلا بعيد ميلاد فاطمة الزهراء نهاية الشهر الماضي ودعت إليه زوجات السفراء الأجانب، حيث اتهمت بالبذخ في وقت يواجه فيه الإيرانيون تضخما وصل إلى 33% وبطالة بين الشباب وصلت إلى 24%.
وبحسب المحلل السياسي الإصلاحي سعيد لايلاز فإن "المتشددين مثل الغريق الذي يحاول الإمساك بأي طحالب.. وكل الهجمات الجديدة هي جزء من صراع على السلطة لأن المتشددين يعرفون أنهم سيرون اختلافا وشدة في روحاني عندما يتم التوصل إلى اتفاق نووي".