تستنزف الحرب في
سوريا منذ 2011 النظام وضحاياه، ما يجعل المعارك القائمة غير متوازنة، وغير مستقرة. وعليه فإن ما يبدو مؤخرا تقدما لقوات النظام في جغرافيا معينة، يقابله تقدم آخر تحرزه
المعارضة السورية في جبهات مختلفة، وفق ما يراه خبراء عسكريون.
من جهته قال الخبير العسكري والمحلل الاستراتيجي، اللواء المتقاعد فايز الدويري، الأحد، لـ"عربي 21" إن أطراف النزاع السوري لا يملكون حاليا القدرة على تحقيق النصر الحاسم.
وأضاف أن المعارك بين كتائب وألوية المعارضة السورية والنظام إلى جانب
حزب الله الآن، أصبحت تستنزف جميع الأطراف، ما بين كرّ وفرّ.
وأشار اللواء المتقاعد لـ"عربي 21"، إلى أن النظام في الفترة الأخيرة تعاظمت انتصاراته العسكرية، بدءا من معركته في جبال القلمون بدمشق، تلتها هدنة حمص، وأخيرا في السيطرة على سجن حلب، مشيرا إلى أن المعارضة في المقابل قامت بهجمات معاكسة على مناطق مثل الشيخ نجار وريف إدلب وأريحا وريف حماة، إلى جانب النوى والجولان.
وقال الدويري إن "انشغال النظام بالمعارك شمال البلاد، استغلته الكتائب المعارضة في الجنوب"، لافتا إلى أن "المعارضة عملت على تعزيز سيطرتها على مدينة نوى في ريف درعا، وهي المنطقة الواصلة بينها وبين القنيطرة، وهي مناطق استراتيجية، قد يستغلها الثوار ليعيدوا المعركة في الجنوب إلى المربع الأول، وبالتحديد إلى منتصف الـ 2012، حيث كانوا بعيدين عن ساحة العباسيين في دمشق مئات الأمتار".
وشكك الدويري في وجود إشارات دقيقة واضحة على أن تكون قوات حزب الله الحليفة لرئيس النظام السوري بشار الأسد، انتشرت في منطقة
الجولان لتقاتل إلى جانب النظام على الحدود مع إسرائيل. ولكنه أوضح أن حزب الله يطمح إلى أن يكون هناك، "فهو موجود على معظم الجغرافيا السورية إلى جانب الفصائل الشيعية، ومتورط في معارك بالنوى والمخابرات العسكرية والغوطة ومناطق أخرى".
وقال الدويري إن معركة "الأنفال" التي أعلنتها المعارضة السورية في منطقة كسب الحدودية مع تركيا، أصبحت جزءا من الماضي، والمعارك هناك قائمة ما بين كر وفر، ولا تستقر موازين القوى لأي من الأطراف في عموم سوريا، الأمر الذي أقره المحلل العسكري والاستراتيجي الأردني، اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، مشيرا إلى أن موازين القوى غير مستقرة، ولكنها تميل قليلا إلى جانب النظام، حيث يأخذ "المبادءة"، على حد قوله.
وأضاف في حديثه لـ"عربي 21" أن المعادلة العسكرية الموجودة على الأرض السورية لا يوجد فيها ضعيف لكسر إرادته.
وتابع بأن مفتاح الحل في الأزمة السورية يبقى من الخارج إلى الداخل، وقال إن ما يسمى بالتحالف الروسي الصيني الإيراني ملتزم بالمعادلة، ما يشكل بالنسبة له معركة وجود. وأما الجانب الآخر من التحالف العربي الغربي الداعم للثوار فهو "متخوف وغير موحد الرأي، ولا يثق بالائتلاف السوري المعارض"، مضيفا أن النصر ممنوع لأي من الأطراف، وذلك لإنهاك جميع الأطراف، ويتم بالفعل قلب موازين القوى في حال مالت كفة الميزان إلى طرف على حساب آخر.
ويرى أبو نوار أن النظام السوري استخدام شتى أنواع العنف من براميل متفجرة و سلاح كيماوي، حيث أنه يعلم أن الغرب لن يأتي لينقذ السوريين، وسيحاول السيطرة على الجبهة الحساسة وهي القنيطرة، ويحاول أيضا دخول درعا والسيطرة على الحدود مع الجانب الأردني، ولكنه -بحسب أبو نوار- ينقصه القوة البشرية لفعل ذلك.
وفي المقابل، قال إن المعارضة السورية لن تستسلم وستحرز تقدما ولو بطيئا على الأرض، فإذا
تمكن الثوار من أخذ القنيطرة وكسب معركة الجبال الحمر للوصول إلى منطقة القسوة وكناكر، فسيهددون الريف الشمالي في دمشق ويحرزون بذلك تقدما. ولكن المعارضة تنقصها الأسلحة والعدد لذلك.
وأشار إلى أن إسرائيل تحاول أن تزيد من المنطقة الحدودية المنزوعة السلاح، لتعزل نفسها عن منطقة
الصراع، في ظل أنباء عن مساندة حزب الله النظام السوري في الجولان لأول مرة، وفق ما نشرته صحيفة "يديعوت" الإسرائيلية، في عددها السبت.