قالت الكاتبة الإسرائيلية عميره هاس إنه برغم أن منظمة حماس اضطرت إلى الهوادة من أجل إنشاء حكومة
المصالحة، فقد برهنت مرة أخرى على طول نفسها، ويبدو أنها فرحة بالتحرر من عبء الحكم في
غزة، مع ما يصاحبه من ثمن باهظ.
وتقول الكاتبة بعد أداء الحكومة اليمين الدستورية: ستفخر الحركتان (
فتح وحماس) بأن المصلحة الوطنية غلبت العداوة بينهما والرواسب والمصالح الضيقة.
وبذلك تتخلص حركة حماس من العبء الثقيل لمهمة حكم قطاع غزة والاهتمام بأكثر من مليون ونصف من سكانها تحت قيود حركة هائلة فرضتها إسرائيل، في وقت تقطع معها فيه أكثر دول العالم.
وتابعت: "حركة المقاومة الإسلامية تبرهن مرة أخرى على مرونتها بتخليها عن بهارج السلطة الخارجية. فهي حركة نفس طويل تستمد الإلهام والقوة من الدين والله وهي متأكدة أنها ستنتصر في المدى البعيد، وهي مستعدة من أجل هذا المدى البعيد أن تزيد في مرونتها في المدى القصير".
وقالت إن الحكم المتعدد العوائق في غزة وانطباع أنها متمسكة بالحكم حتى لو كان ثمنه انقسام الشعب، أضر باسمها وبمهماتها الدينية الاجتماعية.
غير أن حماس طمأنت مؤيديها أن إنشاء الحكومة الجديدة لا يعني التنازل فالحركة ستستمر زمنا طويلا بعدُ على كونها المسؤولة عن الأمن في قطاع غزة، وستدفع من خزانتها المستقلة رواتب الموظفين ورجال الشرطة الذين عينتهم منذ 2007، وسيمتزج جهاز موظفيها بجهاز موظفي السلطة.
وقالت إن حركة فتح، ولا سيما كما تشكلت في العشرين سنة الأخيرة، هي حركة المدى القصير والمدى المتوسط، فهي جسم يحتاج إلى نتائج مادية فورا لتسويغ وجوده مثل الرواتب وتوزيع الوظائف والأعمال والصلات بالخارج. وقبل نحو من عشرين سنة اعتمدت قوة فتح على أمل أكثر الفلسطينيين أن حلم الاستقلال يوشك أن يتحقق قريبا، بحيث كانت الحركة على حق في تغيير الهدف من تحرير فلسطين كلها إلى اعتراف بإسرائيل وإقامة دولة.
وبحسب الكاتبة، كلما خابت الآمال في التحرر القريب أصبحت حركة فتح التي يُماهى بينها وبين السلطة الفلسطينية بصورة آلية أكثر تعلقا بقدرتها على تلبية الأماني في المدى القصير كي تحفظ صلتها بالواقع وشرعيتها. وتساعدها على ذلك الدول المانحة وفي مقدمتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، ولهذا من المهم لها أن تحافظ على سبقها في الحكومة الجديدة أيضا.
وختمت هاس بأن الفلسطينيين لن يكتفوا -مع إنشاء الحكومة الجديدة- بتحقيق آمالهم المتواضعة في المدى الفوري، كالعمل والرواتب والخدمات الأساسية.
وإذا تبين أن
منظمة التحرير الفلسطينية وفتح لا ترسمان الآن أيضا استراتيجية جديدة للتحرر من الاحتلال الإسرائيلي، فستخسران بصورة نهائية صلتهما بالواقع، وستعود حماس لتبزغ مثل حركة صاحبة رؤيا وقدرة.