أدى الجدل حول حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية الجديدة إلى اتساع هوة الخلاف بين
الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين وصلت علاقتهما الصعبة أساسا إلى مرحلة توتر شديد بعدما كانت في السابق لا تمس، كما يرى محللون.
وبعيد إعلان واشنطن نيتها التعاون مع حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية الجديدة التي أدت اليمين الاثنين، والإبقاء على مساعداتها للسلطة الفلسطينية، سارع
الإسرائيليون إلى التعبير عن غضبهم من الموقف الأميركي.
وفي ما بدا وكأنه رد فعل متوقع جاء ليكمل المواقف التي بدأت تظهر في الأسابيع الماضية، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنها تشعر "بخيبة امل شديدة" من القرار الأميركي.
واعتبر المعلق السياسي في الإذاعة العامة الإسرائيلية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يشعر "بالخيانة والخداع" خاصة بعدما اكد الأحد في اجتماع حكومته الأسبوعي أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري وعده بعدم الاعتراف فورا بالحكومة الفلسطينية.
ونقلت صحيفة إسرائيل اليوم المقربة من نتانياهو عن مسؤول إسرائيلي كبير انتقاده للموقف الأميركي واصفا إياه "بالطعنة في الظهر". لكن احد المعلقين في صحيفة "هآرتس" اعتبر أن الحكومة الإسرائيلية سارعت "للسقوط في الفخ" الذي نصبه الرئيس الفلسطيني محمود عباس على امل إبقاء التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، مشيرا إلى إنه كان يجب أن ينتظروا بعض الشيء ليروا ما سيحصل لا سيما وان الانتخابات الفلسطينية تقترب.
والعلاقات بين البلدين شهدت فتورا في ظل إدارة الرئيس باراك أوباما الذي كانت علاقته على الصعيد الشخصي مع نتانياهو باردة على الدوام رغم الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي السنة الماضية إلى إسرائيل في محاولة لتحسين العلاقات.
وخلف فشل مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة للتوصل إلى اتفاق
سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين استياء عارما في واشنطن ما دفعها إلى التريث اكثر في خوض أي مبادرة جديدة في الشرق الأوسط.
من جانبهم عبر الإسرائيليون عن غضب شديد من تقارير إعلامية نقلت عن مسؤول أميركي كبير لم تكشف اسمه- يعتقد انه كبير المفاوضين الأميركيين مارتن إنديك- حمل فيها بصراحة مسؤولية فشل مبادرة كيري للإسرائيليين.
وحاولت مساعدة الناطق باسم الخارجية الأميركية ماري هارف الثلاثاء تخفيف حدة الغضب الإسرائيلي بتأكيدها انه "لدى الولايات المتحدة وإسرائيل علاقة صداقة طويلة وتاريخية وثابتة على مدى عدة عقود وعبر عدة إدارات متعاقبة، ورغم الكثير من الأوقات الصعبة".
وشددت تكرارا على أن موقف واشنطن من حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة "منظمة إرهابيه"، لم يتغير.
وقالت للصحافيين إن "الولايات المتحدة لن تقدم لها مساعدة". وتابعت "لا نجري اتصالات مع حماس. وأقول إن ليس هناك عناصر من حماس او وزراء تابعين لها في هذه الحكومة".
وكانت الخارجية الأميركية أعلنت الاثنين أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "شكل حكومة تكنوقراط انتقالية لا تشمل عناصر مرتبطة بحماس وسنحكم على هذه الحكومة من خلال أفعالها". لكن الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط مارينا اوتاواي قالت إن القرار الأميركي بالعمل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة "دق أسفينا جديدا" في العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وقالت اوتاواي الأكاديمية البارزة المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط في مركز ويلسون لوكالة فرانس برس إن "إدارة أوباما تثبت مرة جديدة بانها راغبة في تحدي إسرائيل في عدة قضايا".
وأضافت "لكن هناك تساؤلات حول ما اذا سيتمكن أوباما من الثبات على موقفه" مع تصاعد النقمة في الكونغرس. وقالت "ليس هناك ضمانات بان أوباما ستكون له الكلمة الفصل في هذه القضية" متوقعة أن يطلق اللوبي اليهودي الأميركي النافذ جدا في الولايات المتحدة حملة كبرى مضادة في الكونغرس.
وفي مؤشر على معركة جديدة مرتقبة في الكونغرس قال السناتور الجمهوري ماركو روبيو لوكالة فرانس برس الثلاثاء "انهم يرتكبون خطأ، لقد خاب املي كثيرا بقرار الإدارة في هذا الشأن".
وأضاف "اعتقد انه يجب أن نلتزم بالقانون ونقطع المساعدات. القانون واضح جدا: انهم لا يعترفون بحق إسرائيل في الوجود ويجب ألا يتلقوا مساعدات أميركية".
ووافقه الرأي النائب الديموقراطي ايليون انغيل قائلا ان "الولايات المتحدة غير ملزمة على الإطلاق بإعطاء أي فلس للسلطة الفلسطينية طالما أنها تجري مصالحة مع مجموعة إرهابيه معروفة".
وتضم حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية شخصيات مستقلة تكنوقراطية ومهمتها التحضير لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بحلول نهاية العام الجاري.
وكانت إسرائيل عبرت عن استيائها أيضا من قرار واشنطن المضي في مفاوضات مع ايران في محاولة لكبح طموحاتها النووية محذرة بشكل واضح من أن الرئيس الإيراني حسن روحاني ليس معتدلا كما يريد أن يبدو ظاهريا.
وتعرض كيري أيضا لحملة كبرى من قبل وزراء إسرائيليين بعدما اعلن انه بدون التوصل إلى اتفاق سلام ستشهد عزلة متزايدة على الساحة الدولية.
واضطر للتراجع عن موقفه في نيسان/أبريل بعدما نشرت له تصريحات أيضا قال فيها إن إسرائيل يمكن أن تصبح "دولة فصل عنصري مع مواطنين من الدرجة الثانية" في حال لم تتوصل إلى السلام. ثم عاد واعلن انه أساء اختيار كلماته لكنه لم يعتذر علنا عما قاله.