في الوقت الذي يقبع فيه الرئيس المنتخب محمد
مرسي في السجن، بتهمة التخابر مع حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين "حماس"، يتلقى قائد الانقلاب العسكري عبد الفتاح
السيسي تهنئة حارة من قادة العدو
الإسرائيلي.
وفيما أغاظ مرسي الإسرائيليين بعدم ذكر اسمها طيلة فترة رئاسته، تلقى الجنرال السيسي مكالمتين هاتفيتين من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس الكيان شيمون بيريز. ولم تكتف إسرائيل بذلك فقط، بل قدمت طلباً رسميا للقاهرة لحضور تنصيب السيسي.
العلاقة بدأت قبل الانقلاب وتواصلت بعده
العلاقة الجيدة للسيسي بإسرائيل ظهرت مؤشراتها مبكراً، عندما فجر المحلل العسكري الإسرائيلي روني دانئيل، قنبلة من العيار الثقيل، وكشف أن السيسي أبلغ "إسرائيل" بالانقلاب العسكري قبل ثلاثة أيام من وقوعه، ونبهها إلى ضرورة مراقبة حركة حماس التي خشي السيسي أن تتدخل في الشأن
المصري.
جاءت مفاجأة دانئيل تلك في حوار له على القناة الإسرائيلية الثانية في 14 تموز/ يوليو، والذي أكد خلاله على أن الانقلاب العسكري جيد لـ"إسرائيل" بل كان مطلباً ملحاً لها ولأمنها، حسبما أوضحت جريدة الشروق الجزائرية.
وتوالت مؤشرات التأييد الإسرائيلي للسيسي بكشف معلق الشؤون الاستخبارية يوسي ميلمان أن إسرائيل حذرت الولايات المتحدة ودولا أوروبية من أي تنديد بعمليات القمع التي تقوم بها سلطات الانقلاب ضد جماعة الإخوان المسلمين، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تعزز معنويات تلك الجماعة.
ووصل الأمر بنتنياهو إلى مطالبة سفراء إسرائيل في العالم بشرح الأسباب التي توجب على إسرائيل التدخل من أجل تمكين الجيش المصري من "استعادة الاستقرار" في البلاد.
منقذ مصر.. وتثبيت الانقلاب
"زعيم جديد سوف يتذكره التاريخ، ومنقذ مصر من السقوط في الهاوية"، هكذا وصف المدير السياسي والعسكري لوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، السيسي.
وأكد جلعاد أنه من الصعب تجاهل حقيقة أن الإسرائيليين والسلطات الجديدة بمصر يتشاركان ليس فقط تعاونا تكتيكيا مؤقتا وإنما تقاطعا للمصالح الاستراتيجية بين البلدين.
ليدعو بعدها السفير الإسرائيلي الأسبق في مصر تسفي مزال الغرب إلى الإسراع في تقديم كل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي لحكم السيسي لعدم السماح بتوفير الأرضية لعودة حكم الإخوان المسلمين في مصر.
ويؤكد على ذلك رئيس الوزراء الأسبق ايهود باراك، عندما دعا الولايات المتحدة في أيار/ مايو الماضي، إلى دعم المرشح الرئاسي في مصر عبد الفتاح السيسي خلال المرحلة الحالية، وعدم انتقاده بشكل علني، وتأجيل أي اختلافات معه إلى ما بعد توليه السلطة، وذلك في كلمة ألقاها أمام معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
السيسي والرد بالمثل
في الوقت ذاته ظل السيسي طوال الفترة الماضية، يبعث برسالات طمأنة للقيادة الإسرائيلية، وأكد في أكثر من لقاء له، على احترام العلاقة بين الدولتين، وقدسية اتفاقية كامب ديفيد.
وأعرب عن تقديره لحرص الإسرائيليين على التواصل معه، مؤكدا على التزام مصر معاهدة السلام، التى تعتبر استحقاقا هاما، يمكن البناء عليه وتطويره، بما يخدم مصالح شعوب البلدين.
مرسي .. انخفاض مستوى علاقات البلدين
مشاهد الحفاوة والتهنئة التي حظي بها السيسي إسرائيلياً، كان عكسها تماما في عهد أول رئيس مدني منتخب "محمد مرسي"، حيث لم يتم أي اتصال بينه والقيادة الاسرائيلية طوال فترة حكمه.
بل إن مواقف مرسي ضد إسرائيل، التي لم يتلفظ بذكرها طوال خطاباته، جعلت منه مصدر قلق للإسرائيليين، حتى أن باراك أعرب عن سعادته وفرحه بـ"عزل مرسي" من الحكم.
مرسي المتهم بالتخابر مع حماس، أغضب إسرائيل بموقفه من حرب اسرائيل على غزة في الـ 2012، والذي أظهر انحيازه للفلسطينين، بعد إرساله رئيس وزرائه هشام قنديل إلى غزة، وهي تحت القصف، لتلعب بعدها مصر دور الوسيط في تلك الحرب، وتفرض اتفاقية رآها المحللون تصب في مصلحة الفلسطينيين.
إذن هذا حال مصر.. تقف اليوم بين رئيس منتخب معتقل بتهمة التعاون مع الفلسطينيين، ورئيس يستعد للتنصيب ويستقبل التهنئة من الإسرائيليين.