كتبت موناليزا فريحة: لن يغيّر قرار الروائي والمعلق السياسي علاء الأسواني الامتناع عن الكتابة مخططات الرئيس عبد الفتاح
السيسي. ولن تزعج الرجل القوي لمصر الاتهامات بفرضه الرأي الواحد والفكر الواحد والكلام الواحد. فعندما يكون مديح السلطة على حساب الحقيقة شعاراً ثابتاً لـ"
مصر الجديدة"، تصير حكماً
دراجة المشير رمزاً وحيداً للتغيير.
عندما يدعي
القضاء على صحافيين بمساعدة "منظمة ارهابية" مستنداً الى أدلة مضحكة، لا تعود حتى المقارنة بعهد مبارك جائزة. أفلام الحصان المهرول وقطيع الغنم والأفلام الوثائقية عن الصومال وكينيا لا عن مصر، لم تقنع أحداً بالتهم الموجهة الى الصحافيين. في الواقع لا أفلام كهذه ولا أي أفلام أو تقارير صحافية تساعد "منظمة ارهابية" وتهدد مصر بمقدار ما تفعل أحكام جائرة في حق اعلاميين.
تاريخياً كان القضاء المصري مستقلاً نسبياً، إلا أنه طالما تماهى مع النظام القديم، معتبراً أن أحد أهم أدواره هو الدفاع عنه. وبعدما شعر بالتهديد في عهد مرسي، ها هو يستعيد دوره في الدفاع عن الدولة ضد "الارهابيين"، واضعاً جانباً كل معايير العدالة. وفي أي حال، لا يمكن قرارات كهذه أن ترى النور من دون مباركة الرئيس. وحتى لو افترضنا أن السيسي لم يكن يريد مثل هذه الأحكام المشددة، فهو ساهم حتماً في تهيئة الظروف لها، في ظل هذا الاصطفاف الحاد في المجتمع المصري والذي تتمدد تبعاته الى القضاء وغيره، وتضع أجهزة الدولة في مواجهة قسم كبير من مواطنيها.
قد لا يبدي مصريون تواقون الى الاستقرار، استياء من بضعة أحكام في حق صحافيين أو من تضييق على ناشط تحدى قانون منع التظاهر هنا أو آخر انتقد السيسي هناك. فبعد ثلاث سنوات من الاضطرابات، بما فيها سنة حكم "الاخوان" التي أعادت بلادهم سنوات الى الوراء، يريد كثيرون لحكم السيسي أن يطوي نهائياً صفحة "الاخوان" ويمهد الطريق لاستعادة مصر دورها في المنطقة. ولعل الدعم المعنوي الكبير الذي حصل عليه في الأيام الأخيرة من "لقاء الطائرة" مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وبعده من وعود كيري بتحرير الملايين الأميركية، زاد اقتناع هؤلاء بافتراضاتهم. ولكن من المؤكد أن هذه ليست مصر التي حلم بها شباب "25 يناير" و"30 يونيو". ولا هذا هو الرئيس الذي هتفت له الميادين "انزل يا سيسي مرسي مش رئيسي". لم يخلع المصريون رئيسين في سنتين لينتهوا في قبضة ثالث يكم الافواه ويجعل الحقيقة جرماً. لا يقنعهم الكلام عن دور اقليمي لدولة تخشى صحافياً. لا يهمهم استقراراً يبنى على أنقاض الحريات... لن تذعن مصر بسهولة لقضاء السيسي ولن تذهب طوعاً الى قدر العراق.
(النهار اللبنانية)