استقبل الموريتانيون شهر
رمضان المبارك هذا العام على وقع ظروف معيشية هي الأصعب في البلد منذ 15 سنة تقريبا، وذلك بفعل تدني الأجور وانعدام السيولة والارتفاع المذهل لأسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى الظروف السيئة لمناطق واسعة من البلاد يضربها الجفاف منذ شهور.
وحذرت هيئات موريتانية قبل يومين من مجاعة وشيكة بعدد من محافظات البلاد(الولايات)، حيث سجل نقص شديد للمواد الغذائية بمئات القرى وبات الناس مهددين بكارثة.
وحذر كاتب وخبراء من
ثورة جياع جديدة، على غرار ما حصل في البلاد عام 2008 عندما اندلعت أول ثورة للجياع بموريتانيا، وكادت تدخل البلاد في فوضى عارمة.
الخبير الاجتماعي شوقي ولد عبدي قال لـ"عربي21" إن الأخبار الواردة من عدد من المناطق الشرقية والوسطى تنذر بحراك جديد لأصحاب الأمعاء الخاوية، حيث تضاعفت معاناة الناس مع دخول شهر رمضان المبارك.
وقال ولد عبدي، إن المناطق المهددة حاليا بالمجاعة هي في الأساس المناطق الريفية التي تعتبر مع ذلك خزانا انتخابيا لكل الأنظمة المتعاقبة على البلاد من الاستقلال وحتى اليوم.
وأضاف:"طاحونة الأسعار قضت على أي أمل لسكان الريف والمناطق الفقيرة المنكوبة، المواطن فقد الثقة في وعود السلطات وبات يدرك أنها وعود انتخابية لا أكثر" مضيفا أن بوادر ثورة جياع
موريتانيا بدت تلوح في الأفق وقد تندلع في أي وقت، إن لم يتم تلافي الوضع.
ويشعر السكان بغضب بالغ جراء اختفاء المصالح الحكومية، وغياب أي مساعدات غذائية، ويتذكر عشرات الشيوخ والأرامل ثمانينيات القرن الماضي، حيث باشرت السلطات حينها مساعدات غذائية على الأسر المنكوبة.
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت أن ربع سكان موريتانيا مهددون بالمجاعة، وأن آلاف الأسر بحاجة لمساعدات عاجلة، غير أن أجهزة الحكومة اعتبرت تلك الأرقام مبالغا فيها، وأكدت أن الأوضاع تحت السيطرة وأنها بصدد وضع خطة لمواجهة الآثار التي تسبب فيها تأخر هطول الأمطار هذا العام.
الموريتانيون يحلقون الرؤوس في رمضان
ويستقبل الموريتانيون شهر رمضان المبارك بحفاوة خاصة، وتتنوع تقاليد المجتمع في رمضان من منطقة لأخرى، غير أنهم جميعا يشتركون في عادة حلق الرؤوس تبركا بالشهر الكريم.
الشابة الموريتانية فاطمة (خمسون عاما) تقول لـ:"عربي21" عادة حلق الرؤوس في رمضان عادة قديمة هدفها الحصول على شعر جميل مبارك، وأضافت:"أنا استعد حاليا لجمع الصبية من أجل حلق رؤؤسهم، إنها فرصة لا تعوض".
ويحرص الموريتانيون أيضا على تدريب الأطفال على الصيام في سن السابعة والثامنة، فيما تنتعش كتاتيب تحفيظ القرآن في الشهر الكريم.
الأولويات على مائدة الإفطار
وعلى مائدة رمضان الموريتانية تنقلب العادات الغذائية رأسا على عقب ويتغير فن الطهي لتمتزج الأصالة بالمعاصرة، حيث تتداخل أطباق الأكلات الحديثة إلى جانب الوجبات التقليدية.
ولكن يبقى التمر والحساء المعد من حبوب الشعير والقمح والذرة في مقدمة الأكلات الرمضانية مع الوجبة الرئيسية التي تعقب صلاة التراويح وهي الكسكس واللحم.
تحضير مائدة الإفطار يبدأ من منصف النهار تقريبا، و كؤوس الشاي ومشروب شعبي آخر عبارة عن خليط من الماء وللبن هما الأولوية في هذه المائدة إلى درجة أن تأخر كأس الشاي ربما يتسبب في مشاكل بين الزوج وزوجته، ولذا تحرص المرأة الموريتانية على إتقان الشاي حتى تحافظ على تماسك الأسرة.
وتقام صلاة التراويح في مساجد البلاد كافة، ويحضرها غالبية السكان، بينما يصليها العجزة والمسنون في البيوت. وفي ليلة السابع والعشرين يختم القرآن الكريم في أكثر المساجد. ، وبعض المساجد تختم القرآن مرة كل عشر أيام من رمضان، أي أنها تختم القرآن ثلاث مرات خلال هذا الشهر الكريم.
وفي ليلة السابع والعشرين أيضا تحرق العائلات البخور في البيوت لطرد الشياطين حسب اعتقاد كثيرين منهم، حيث يعتقد الناس في موريتانيا أن الشياطين تنتشر في الأرض ليلية السابع والعشرين من رمضان.