صحافة دولية

نيويورك تايمز: لماذا تراجع الأكراد أمام داعش؟

عناصر من البيشمركة الكردية خلال معارك سد الموصل - الأناضول
قالت صحيفة نيويورك تايمز "أخيرا أجبر التقدم العسكري لمقاتلي السنة المتشددين رئيس الوزراء العراقي الكارثة نوري المالكي على تقديم مصلحة ومستقبل بلاده على خلافاته السياسية، فيم الاثنين،  أمر سلاح الجو بمساعدة الأكراد الذين يحاولون منع المتطرفين من التقدم نحو أراض جديدة، وبالتالي تهديد وجود العراق كدولة ذات سيادة".

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها: "كان القرار ضروريا للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام  والمعروف بداعش، وبدأ نشاطاته كفرع من فروع القاعدة، وكان تنظيما كبيرا يقاتل في سوريا، وبعدها اجتاز الحدود وسيطر على مدينة الموصل في شمال العراق في 10 حزيران/ يونيو ووسع سيطرته من هناك".

وتضيف "في نهاية الإسبوع أعلن التنظيم عن نجاحه الأخير، بالسيطرة على ثلاث مدن شمال العراق مما يهدد سد البلاد الكبير. ويهدف داعش إلى إنشاء الخلافة الإسلامية التي تمتد على العراق وسوريا وتحكم من خلال تفسير متشدد للشريعة، وفي محاولته لتحقيق هدفه؛ لاحق التنظيم الأقليات المسيحية واليزيدية".

وترى الصحيفة أن الانتصار الأخير لداعش هو "المثير للقلق لأن داعش قاتل ضد قوات البيشمركة، القوات الأمنية لمنطقة كردستان الآمنة والمزدهرة نسبيا، وتعتبر البيشمركة من أحسن القوات المدربة والمجهزة والمندفعة للقتال منذ سقوط صدام حسين عام 2003".
 
وفي محاولتها لتفسير تراجع الأكراد أمام داعش تحدثت الصحيفة عن أسباب منها أن "البلدات التي سيطر عليها داعش ليست معاقل كردية قوية ويسكنها اليزيديون وأقليات أخرى، ولهذا كانت عرضة للخطر. ومع ذلك يظل هذا نذير شؤم للأكراد الذين يسيطرون على بلدات مثل كركوك التي يعيش فيها مزيج من الأعراق، ونذير شؤم لآلاف العراقيين الهاربين من العنف، وللولايات المتحدة التي استثمرت الدم والمال في بلد يتعرض لخطر التحول إلى ملجأ للإرهاب". 

وتواصل الصحيفة بالقول: "بعد سقوط الموصل السريع، اعتقد الكثيرون أن الإنجازات كانت ممكنة بسبب الانهيار السريع لوحدات الجيش العراقي وغضب السنة على الحكومة التي يقودها الشيعة، لكن قتال نهاية الأسبوع أظهر أن الجماعة تتمتع بفاعلية قتالية أكثر من تفكير بغداد نفسها، والذي قام على أن داعش لن يستطيع السيطرة على أي معقل شيعي"، أي العاصمة والجنوب.

وأشارت الصحيفة إلى شهادة بريت ماكغراك، كبير خبراء الخارجية الأمريكية في الشأن العراقي والتي وصف فيها داعش بأنه "أسوأ من القاعدة"، قائلا إن التنظيم تحول من منظمة إرهابية إلى "جيش نظامي" يملك المال والسلاح والمتطوعين الأجانب.

ومع أن القادة الأكراد وعدوا بعملية مضادة كبيرة ضد داعش، لكن لا يعرف إن كان عرض المالكي بتقديم الغطاء الجوي سيغير مسار الحرب أم لا.

وتقول في النهاية "بعد تجاهله التحذيرات المتكررة عن خطر داعش، أجبرت الظروف المالكي للتعاون مع الأكراد عسكريا، ولكن لا نهاية في الأفق للشلل السياسي  بين الأكراد والسنة والشيعة، وهو الذي أعاق حتى الآن انتخاب رئيس وزراء جديد يستطيع توحيد البلاد ويواجه المتطرفين" مضيفة أن المالكي "يبدو مصمما على التمسك بالسلطة غير عابئ بالثمن الذي سيدفعه العراق، مع أن إيران والولايات المتحدة وربما العراقيين انقلبوا عليه فيما يتزايد تهديد المتشددين".

ويقول محللون إن داعش مجرد جزء من مكوّن سني كبير، يضم العديد من الأحزاب والجماعات المناهضة لسياسات المالكي "التعسفية" ضد سنّة العراق، وإن إصرار المالكي على إبراز داعش كقوة مهيمنة على هذا المكون إنما من أجل أن يحصل على التأييد والدعم الدوليين حال قرر شن حملة مضادة لمعارضيه بدعوى الحرب على الإرهاب.