حذّرت صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية الاحتلال
الإسرائيلي من أثر ممارساته الفظيعة في قطاع
غزة على سمعتها في العالم.
وقالت الصحيفة، الأحد، في افتتاحيتها إن "عودة الأشكال العدائية في غزة بعد نهاية اتفاق وقف إطلاق النار الأخير لم يكن مفاجئا مثلما هو مثير للغضب، لأن فكرة تحقيق أي طرف من الأطراف أثرا جوهريا أو دائما فكرة بلهاء، لاسيما بعد شهر من العنف".
وأضافت الصحيفة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم أنه قتل 900 من مقاتلي "
حماس" ودمر 3.000 صاروخ من ترسانة الحركة، واكتشف ودمر 32 نفقا، ولكن هنا آلاف من الصواريخ لا تزال في مكانها، "وبناء على تصريحات حماس الأخيرة فهي مصممة على استخدامها وكل الوسائل المتوفرة لديها لمواصلة القتال".
وتتوقع الصحيفة زيادة عدد الشهداء ومعظمهم من المدنيين بسبب مواصلة القتال، فقد سقط حتى الآن 1900 منهم، فيما جرح الكثيرون، ومن بين الشهداء هناك 400 طفلا.
وتقدر نسبة المشردين في داخل القطاع بـ 30% من بين 1.8 مليون نسمة يعيشون فيه.
وهذه الخسائر لا تبرر ولا تخدم -كما تقول الصحيفة- "الأهداف الفلسطينية على المدى البعيد".
وتابعت بأن "حماس لن تستطيع الانتصار في هذه الحرب مثل إسرائيل، حيث لم ينتصر أي طرف في الحروب السابقة منذ عام 2008 و2012" و"لكن كل طرف لا يريد أن ينظر إليه باعتباره الخاسر"، ولهذا يستمر القتال ومعه التدمير "الأحمق والذي لا معنى له".
وتعتقد الصحيفة أن كل ما استطاعت "حماس" وإسرائيل تحقيقه رغم كل التصريحات الانتصارية هو "توازن العقم".
وترى الصحيفة أن إسرائيل تخسر المعركة، وهو ما يشعر به قادتها ومن يحملون مصالحها في قلوبهم ويتمنون لها الخير.
وتعتقد أن ضبط النفس الذي أظهره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البداية بعد خطف الإسرائيليين الثلاثة كان قصير الأمد. "فتأكيد نتنياهو على حق الإسرائيليين العيش بسلام زعزعته الحملة الأخيرة من العنف، بل وأكدت على عرضة إسرائيل للخطر، حيث سقط 64 جنديا في الحرب الحالية، ولم تكن قادرة كما فعلت مع حزب الله عام 2006 لمحو أعدائها. فلا تزال الصواريخ تتساقط على جنوب إسرائيل وما بعدها، ولم يتم نزع سلاح حماس".
وفي الحقيقة "فلا مبالاة إسرائيل بأمن المدنيين العرب خلّف صدمة وعزلها دوليا"، بحسب الصحيفة.
وتحتاج إسرائيل التي تعودت على فترات تقوم بها بسفك دم الفلسطينيين كي تكتشف الضرر الذي تركه المسلسل الأخير على سمعتها الدولية، فلم يُغضب فقط الأوروبيين من أصحاب القلوب الرقيقة أو المسلمين ممن يتابعون التغطية على التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي. فالسخط على ما اعتبر استهدافا غير مناسب ظهر على العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، حيث تراجعت إلى أدنى مستوياتها حسب الصحيفة، وهذا الصدع في العلاقات ليس مجرد نكسة في العلاقات.
وتربط الصحيفة الموقف الرسمي الأمريكي بما تراه تغيرا مهما في مواقف الأجيال الأمريكية الجديدة، ما يفرض على نتنياهو وغيره ممن يعتمدون على العلاقة الطيبة مع الولايات المتحدة التعامل مع الوضع بجدية.
وتضيف أن الضربة الإسرائيلية على غزة تركت أثرا مهما وضارا بمصالحها ومصالح حلفائها، وهي تشير هناك لما تراه تزايدا في الهجمات المعادية للسامية التي سجلت في فرنسا وألمانيا. "فمع أن أصحاب النزعة العنصريين مسؤولون عن أفعالهم العنصرية إلا أن غزة حركت المشاعر المتحيزة ضد اليهود، وإن كانت هامشية لكنها تغذي وبشكل خطير الغضب العام الذي شعر به الكثيرون تجاه ما يجري لغزة، ومعاناة سكانها".
كما أن الاستخدام المفرط للقوة في غزة لن يخدم الأهداف المشتركة، وهي هزيمة التطرف في العراق وسوريا والمغرب. وبدورها لم تفعل الدول العربية إلا القليل من أجل التعاطف مع الفلسطينيين على المدى القصير".
وتقول إن قادة إسرائيل يشتكون من المعايير الغربية المزدوجة تجاه بلدهم، ولكن الاتهام موجه للطرفين "فهناك الكثير من الناس حول العالم يتساءلون محقين أم لا عن السبب الذي يدعو الدول الغربية القيام بغارات جوية للدفاع عن الأطفال والنساء المحاصرين في جبال شمال العراق، ولكنها تتجاهل وبشكل سريع مصير من دفنوا تحت أنقاض غزة"، و"مع قيام إسرائيل بقصف غزة بطريقة لا تميز فالجواب على هذا السؤال تصبح أكثر صعوبة".