أقال مجلس الوزراء الموريتاني خلال اجتماعه الأربعاء مسؤولا كبيرا بوزارة التعليم الموريتانية، وذلك بعد دورة تكوينية نظمتها الوزارة لعدد من العاملين بها على تدريس
اللغة العربية كلغة ثانية.
وقالت مصادر بوزارة التعليم الموريتانية لـ"عربي21"، "إن مجلس الوزراء قرر الأربعاء إقالة المسؤول بوزارة التعليم الداه ولد يدي من منصبه، بعد
الضجة التي أثارها قرار التكوين على اللغة العربية كلغة ثانية".
وكانت
أحزاب موريتانية قد طالبت قبل فترة بإقالة وزير التعليم السابق أحمد ولد باهيه ومساءلته أمام البرلمان على خلفية تصريحات قيل إنه تعهد فيها بالحفاظ على
اللغة الفرنسية لغة للتدريس.
وتعيش
موريتانيا تناقضا صارخا بين الجانب النظري القاضي بترسيم اللغة العربية وفق مقتضيات الدستور وبين الجانب التطبيقي في الترسيم الفعلي للفرنسية.
وعلى الرغم من أن قضية التعريب باتت محسومة من الناحية الدستورية باعتبار اللغة العربية اللغة الرسمية، فإن الإدارة الموريتانية ما زالت عصية على التعريب بإرادة من بعض السياسيين الموريتانيين ودعم من الفرنسيين، وفي غياب كامل لأي مبادرة من شأنها ضمان تجاوز الوضع الراهن.
وقد بعثت مدرسة تكوين المعلمين الموريتانية لـ"عربي21" بتوضيح قالت فيه، إن الدورة التي أثارت الجدل كانت منظمة لغير الناطقين باللغة العربية، مؤكدة أن ما تناوله الإعلام حول هذه الدورة التكوينية يتنافى والأهداف التي أقيمت لأجلها.
إشكالية اللغة والهوية
ويرى خبراء علم الاجتماع بموريتانيا أن قضية تغلغل الثقافة الفرنسية في الجهاز الإداري الموريتاني تطرح إشكالية تتجاوز بعد اللغة لتطال حدود الهوية، وقد عمل الاستخدام الاجتماعي والسياسي الحالي للمعرفة الاستعمارية مجسدا في اللغة الفرنسية بالإدارة على توتير العلاقة بين الإنسان الموريتاني وذاته والمواطن ودولته والتأسيس لعلاقة قلقة مع الذات والتاريخ.
ويعتبر أساتذة علم الاجتماع أن الدولة الموريتانية الناشئة لم تتمكن حتى الساعة من تحقيق القطيعة المطلوبة بين الماضي الاستعماري والحاضر المستقل، فبات ينظر إليها كصنيعة استعمارية لتولي المقربين للثقافة الفرنسية زمام قيادتها، وظلت الفرنسية لغة الإدارة بامتياز مع أنها لم تتسلل إلى المحيط الشعبي الذي تغريه الوضعية الاقتصادية وغياب الإرث الدولتي للبلد بالإبقاء على قليل صلة بالإدارة.
بينما يستمر الجدل في موريتانيا منذ سنوات بين القوميين العرب، والمكونات الزنجية بشأن موضوع تعريب الإدارة، حيث ترى أغلب المكونات الزنجية أن أي قرار عملي بتعريب الإدارة يعني إقصاء الزنوج بشكل كامل من إدارة البلد وتسييره.