طالب عناصر من قوى الأمن
اللبنانية محتجزون منذ مطلع آب/ أغسطس لدى "جبهة
النصرة" في شريط فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، ليلة الجمعة-السبت، بانسحاب
حزب الله من
سوريا ليتم الإفراج عنهم.
وحمل الشريط توقيع "شبكة مراسلي المنارة البيضاء"، الشبكة التي تنشر إجمالا بيانات وأخبار "جبهة النصرة" الجهادية التي تقاتل في سوريا، ونشر على حساب "مراسل القلمون" على موقعي "تويتر" و"يوتيوب".
وقد بدا فيه تسعة عسكريين يرجح استنادا إلى البزات التي يرتدونها، أنهم جميعهم من قوى الأمن الداخلي، بينما ارتدى أحدهم لباس الجيش، وهو الوحيد الذي عرف عن نفسه بأنه المجند محمد معروف حمية.
وتم خطف هؤلاء إلى جانب عدد آخر من عناصر قوى الأمن والجيش خلال هجوم شنه مسلحون قدموا من منطقة القلمون السورية الحدودية مع لبنان في آب/ أغسطس، على بلدة
عرسال اللبنانية، واشتبكوا مع الجيش لأيام قبل أن ينسحبوا من البلدة.
وقد بدا الرجال التسعة في صحة جيدة مع لحى خفيفة، يجلسون أرضا مع علم "جبهة النصرة" الأسود وراءهم. وقد طالبوا حزب الله اللبناني الذي يقاتل إلى جانب قوات النظام السوري، بالانسحاب من سوريا.
وإن كانوا أكدوا أنهم هم من طلبوا من "جبهة النصرة" التوجه إلى الإعلام، وانهم لا يخضعون لأي ضغط، إلا أن بعض العبارات التي استخدموها تدخل في قاموس المجموعات المسلحة المعادية لحزب الله في سوريا في وصفها للحزب الشيعي، مثل "حزب الشيطان" و"الحزب الكافر".
وقال المجند حمية: "أناشد أهلنا في قرية طاريا (في قضاء بعلبك ذي الغالبية الشيعية في منطقة البقاع في شرق لبنان) أن يردوا هذا الحزب الكافر. (...) أناشدهم أن يقوموا بتظاهرات ضده، أن يتحركوا، لأنهم إذا لم يتحركوا سنقتل".
وصرح آخر: "أناشد أهلي وسكان قرية البزالية (منطقة البقاع، قرية ذات غالبية شيعية) أن يقطعوا الطريق ضد حزب الشيطان، (...) فقط ليوقف أعماله الإرهابية التي يقوم بها في سوريا".
وأكد ثالث متوجها إلى عناصر الحزب: "اذا لم تخرجوا، سيقتلوننا بالتأكيد"، مضيفا: "نحن شيعة. أتمنى من أهلي ومن جميع من هم حولي وكل الشيعة أن يدركوا أن الحزب لا علاقة له بنا".
وقال عنصر آخر: "أُطمئن أهلي أنا بخير. لكن إذا بقي حزب الله يتدخل في أمور لا تعنيه، بالتاكيد لن أكون بخير (...). إذا بقي حزب الله على تدخله سنموت".
والتقط الشريط في مكان ما في الطبيعة في وضح النهار. ونصبت خلف الرجال التسعة بطانيتان من الصوف بنيتا اللون.
وقال المخطوفون إن "جبهة النصرة" تعاملهم بشكل جيد، وذكر أحدهم أنه مريض ويتم تقديم الدواء له.
وتتكتم قيادتا الجيش وقوى الأمن الداخلي على أسماء العسكريين المخطوفين وعددهم. إلا أن العدد المتداول كان حتى الآن 19 عنصرا في الجيش، و15 عنصرا في قوى الأمن. ونشرت صحيفة "السفير" اللبنانية للمرة الأولى، اليوم السبت، أسماء المخطوفين نقلا عن "مراجع عسكرية لبنانية"، وتُبيِّن أن عدد الجنود عشرون.
وتفيد بعض التقارير أن العسكريين محتجزون لدى أكثر من مجموعة، لكن لم يتسن التحقق من ذلك من مصدر موثوق.
وأعلنت "هيئة علماء المسلمين" التي كانت تتولى التفاوض مع ممثلين للخاطفين حول مسألة الإفراج عن العسكريين، أمس الجمعة "تعليق وساطتها".
وجاء في بيان للهيئة "إن ملفا بهذا الحجم والتعقيد دونه صعوبات كثيرة، وتحديات أكبر من قدرة الهيئة منفردة، لذا ارتأت الهيئة تعليق وساطتها مبدئياً لحين إنضاج ظروف أفضل، وإفساحاً في المجال لأطراف أخرى قد يكون لها قدرة أكبر على تسوية هذا الملف".
وأوضح مصدر في الهيئة أن المقصود بهذه الأطراف "جهات إقليمية".
وسبق لهيئة علماء المسلمين أن نقلت إلى السلطات اللبنانية مطلبا للخاطفين يتمثل، بحسب ما ذكر مصدر قريب من الملف، بالإفراج عن عدد من الإسلاميين غير اللبنانيين المسجونين في لبنان، وبينهم عماد أحمد جمعة، الذي أوقفه الجيش مباشرة قبل أحداث عرسال، واعتبر هجوم المسلحين ردا على هذا التوقيف.
وجمعة هو زعيم مجموعة "فجر الإسلام" التي تقاتل في سوريا، وأعلنت بعد توقيفه انضمامها إلى تنظيم "الدولة الاسلامية".
وتسببت معارك عرسال التي تعتبر من أضخم تداعيات النزاع السوري على البلد الصغير المجاور ذي التركيبة السياسية والطائفية الهشة بمقتل 19 جنديا لبنانيا، و16 مدنيا من أهالي عرسال، بالإضافة إلى عشرات المقاتلين المتطرفين.
وقتل المدنيون خلال مشاركتهم في مواجهة المسلحين، أو في القصف الذي تبادله الجانبان المتقاتلان.
وتستضيف عرسال ذات الغالبية السنية والمتعاطفة إجمالا مع المعارضة السورية، عشرات آلاف اللاجئين السوريين.