قال إيان بلاك وبيتر بيومنت من صحيفة "الغارديان"، في تعليق على
التصويت الذي جرى الإثنين في البرلمان البريطاني، حول الاعتراف بالدولة
الفلسطينية، بأنه تعبير عن المطالب العامة لتحقيق العدل للفلسطينيين، والدفع بإسرائيل كي تعمل بإخلاص لتحقيق السلام.
وكان البرلمان البريطاني قد صوت بأغلبية نوابه على المقترح، الذي تقدم به النائب العمالي غراهام موريس، بواقع 274 مقابل 12 نائبا صوتوا ضد المقترح.
وتشير الغارديان إلى تأكيد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد
كاميرون أن التصويت لن يغير من موقف
بريطانيا إزاء الدولة الفلسطينية، وامتنعت بريطانيا عام 2012 عن التصويت لدعم وضعية فلسطين في الأمم المتحدة، فيما اعترفت حكومة السويد بالدولة الفلسطينية الأسبوع الماضي.
ويرى بلاك وبيومنت أن تصويت مجلس العموم جاء في وقت حساس "ومهما كانت نتيجته فهو جزء من اتجاه دولي يتزايد".
وأشار الكاتبان إلى عمليات الضغط المكثفة، التي قام بها كل من مؤيدي
إسرائيل وفلسطين في البرلمان. وجاءت المذكرة التي تقدم بها موريس للتصويت على موقف بريطانيا من الدولة الفلسطينية وأن على لندن التصويت مثل 135 دولة من بين 193 عضوا في الأمم المتحدة على الدولة الفلسطينية. وترى الحكومة البريطانية أن عدم الاعتراف في الوقت الحالي ضروري لدفع محادثات السلام والتوصل لتسوية تحقق حل الدولتين.
ويلفت الكاتبان إلى أن ما يقال عن عدم إلزامية القرار ورمزية التصويت في البرلمان ليس مهما في الاتجاه الذي تسير فيه الأمور الآن. ففي الوقت الذي يتسم فيه موقف كاميرون بالتردد، ولا يرغب بمخالفة موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما، فإن الأمور قد تتغير بعد الانتخابات النصفية المقرر عقدها في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر.
ويضيف الكاتبان إن التصويت جرى بسبب التغيرات الحاصلة في مواقف الرأي العام البريطاني والأوروبي والداعية لتحقيق العدالة للفلسطينيين، وفي الوقت نفسه لا يصدق مزاعم إسرائيل عن أنها عملت بجد لتحقيق السلام.
وعلى خلاف هذا فحلم الدولتين يتلاشى بعد عقدين من توقيع اتفاقية أوسلو، وتواصل إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية ونشاطاتها الاستيطانية، وفق الصحيفة.
ويرى بلاك وبيومنت أن الانقسام العميق بين حماس وفتح هو جزء من المشكلة ـ أي استمرار إسرائيل في نشاطاتها الاستيطانية.
ويذكر الكاتبان أن حرب غزة في الصيف الماضي، والتي قتل فيها أكثر من ألفي فلسطيني، تذكير بأن هذا نزاع لا يمكن حله بالوسائل العسكرية.
وتنقل الصحيفة قول مسؤول أوروبي بارز "في كل مرة تحصل فيها حادثة كبيرة مثل حرب لبنان الثانية وعملية الرصاص المسكوب وقافلة الحرية التركية، يتراجع فيها الدعم لإسرائيل أكثر". كما أن طبيعة وكثافة انتقاد إسرائيل في بريطانيا أظهرتا تغيرا واضحا في المواقف، وذلك أثناء الحرب على غزة.
ويجد التقرير أن المسؤولين الإسرائيليين يتعاملون مع نقادهم في أوروبا، وحسب التقارير الشفاهية، بأنها تأتي من أطراف "محبة للنازيين ومعادية للسامية" أو "أولاد الحرام الأوروبيين" وهي تعبيرات تدور وتحظى بشعبية في الأوساط المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويعترف الدبلوماسيون الأوروبيون أن هذا الموقف خلق معضلة أمام مؤيدي إسرائيل، لتحذير المؤسسة الحاكمة بأن إسرائيل تواجه خطر العزلة الدولية بسبب سياساتها.
ويعتقد الكاتبان أن النقاش في البرلمان البريطاني جاء بعد اعتراف السويد بالدولة الفلسطينية. ولكن دور بريطانيا مهم لأنها عضو دائم في مجلس الأمن، وبسبب دورها في خلق المشكلة الفلسطينية ووعد بلفور عام 1917.
ويفيد التقرير بأن منظمة التحرير الفلسطينية رحبت بالقرار، وقالت إنها تأمل أن يزيد في الضغوط الدولية على إسرائيل. لكن نقاد الفلسطينيين والمعارضين لما يصفونه "بانتوستان"، رأوا أنه سيعزز الاحتلال الإسرائيلي بدلا من إنهائه. وعارضت حكومة نتنياهو التصويت علانية، لكن عددا من مؤيدي السلام الإسرائيليين دعموا التصويت.
ويخلص بلاك وبيومنت إلى أنه في حال جرت نقاشات برلمانية في الدانمارك وفنلندا وأيرلندا، وخاصة فرنسا التي تعتبر عضوا دائما في مجلس الأمن، فهذا سيؤكد التحول في مواقف الرأي العام في كل أنحاء أوروبا ودعمهم لتحقيق العدالة للفلسطينيين.