تمثل السرية التي يفرضها الحزب على موارده
المالية والأساليب غير التقليدية في نقل الأموال أو استثمارها؛ بابا واسعا أمام احتمالات
الفساد المالي، وهو ما يحاول الحزب التكتم عليه من جهة وإظهار نوع من المتابعة تجاهه من جهة أخرى، حسبما خلص إليه تحقيق نشره موقع لبناني حول القضية.
وتشير حالات تحدث عنها موقع "جنوبية" الالكتروني اللبناني إلى أن الحزب يتبع آلية معينة في متابعة السلوكيات المالية لبعض عناصره وقياداته، لا سيما بعد تكشف قضية رجل الأعمال المرتبط بالحزب صلاح عز الدين عام 2009 والحكم عليه بالسجن، حيث اتهم بالاستيلاء على نحو مليار ونصف المليار دولار، في ظل مؤشرات على تورط نواب ووزراء وقيادات سياسية وعسكرية بالحزب في القضية. كما يتحدث التقرير عن سرقة أراض في الجنوب اللبناني وشراء بيوت أعيد إعمارها بأقل من سعرها الحقيقي.
ويأتي هذا خصوصا أن الحزب حصل على أموال إضافية من إيران بعد حرب تموز/ يوليو 2006، منها ما يُفترض أنه موجه لإعادة الإعمار في مناطق الحزب، أو إعادة بناء القدرات العسكرية. لكن وجود كثير من المتضررين ممن لم يحصلوا على تعويضات فتح الباب حول تساؤلات عن استبعاد متضررين من خارج "بيئة الحزب"، بمقابل حصول مسؤولين أو عناصر في
حزب الله على تعويضات بغير وجه حق، و"فضائح" أخرى عبر شركتي "وعد" و"جهاد" اللتين أنشأهما الحزب للإعمار، وفق الموقع ذاته.
وتشمل عمليات الفساد المالي في الحزب الاستفادة من الإعفاءات الضريبية والجمركية لمواد الإعمار التي أصبحت مدخلا لإثراء بعض المسؤولين أو التجار المرتبطين بالحزب. كما وجهت اتهامات لأقارب قيادات كبيرة في الحزب بالاتجار بالمخدرات أو حتى بيع أسلحة من مخازن الحزب في السوق السوداء، علاوة على اعتراف الأمين العام للحزب حسن نصر الله بأن هناك عملاء لأجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية داخل الحزب، مرجحا أن هذا التعامل هو لأسباب مالية.
وعلى هذا الأساس - يقول الموقع - تم تأسيس لجان تحقيق مالية داخل الحزب، بتعليمات من إيران، حيث يجري استدعاء بعض العناصر والمسؤولين في الحزب لسؤالهم عن ممتلكاتهم ودخلهم ومصروفاتهم، وغير ذلك من جوانب حياتهم المالية والمعيشية. وينسب التقرير إلى "متضررين" من هذه الإجراءات بأن الملاحقات تنطوي على تمييز، في حين تولى نصر الله نفسه استدعاء بعض القيادات العليا ممن قيل إنه "تفاجأ" بتضخم ثرواتهم بعد فضيحة صلاح عز الدين.
وتسري مراحل التحقيق بسرية تامة، بما في ذلك مرحلة المحاكمة التي تتم أمام محاكم الحزب الخاصة. لكن مع ذلك، وبحسب موقع "جنوبية"، فإن كثيرا من المتهمين تجاوزوا التحقيق عبر الادعاء بأنهم تلقوا هدايا وهبات من أصدقاء أو مقابل خدمات.
لكن الحزب يحرص على عدم الكشف عن
الاختلاسات المالية حتى لا يتم تشويه صورة الحزب، وبالتالي تتم تنفيذ العقوبة بصورة غير معلنة أيضا. أما من يتسلمون مواقع حساسة فيتم إبعادهم تدريجيا عن مسؤولياتهم لامتصاصهم وتجنب ردات انتقامية من جانبهم ضد الحزب.
وفي سياق متصل، يُنسب إلى ما يقال إنها "تسريبات" من داخل الحزب؛ أن عددا ممن يدرجون في إطار "الاستشهاد وهو يقوم بواجبه الجهاديّ" هم في الحقيقة قد يكونون ممن اتهموا سابقا بالتعامل مع الاستخبارات الأمريكية أو الإسرائيلية ونفذ بهم حكم الإعدام.