كتبت رولا خلف، المعلقة والصحافية في صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، عن سوق الفتاوى في
السعودية، حيث يقوم العلماء في المملكة بإصدار فتاوى في كل ما يتعلق بمناحي الحياة في المملكة وتأكيد موقف الإسلام منها، أي حلال أم حرام.
وتقول الصحيفة إن فتاواهم تناولت حكم تناول الطعام في "البوفيه" المفتوح، حيث اعتبروه حراما؛ لأنه قائم على عقد غير معلوم، وأصدروا أحكاما حول لعبة "بوكيمون"، وعبروا عن موقف الإسلام من مسلسل الخارقين "التسعة والتسعين"، الذي اعتبر أول تجربة في مجال إنتاج المسلسلات الكرتونية "كوميك ستريب"، واعتبره الرئيس باراك أوباما "معبرا عن تعاليم وسماحة الإسلام"، إذ لم يتم التسامح مع التسامح الذي يعرضه المسلسل، فقد اعتبره العلماء السعوديون شرا وطالبوا بمنعه.
وتشير خلف إلى أن آخر أهداف العلماء هو شراء الأسهم في
البنوك السعودية، خاصة
البنك الأهلي التجاري، الذي يعتبر واحدا من أكبر البنوك في السعودية، فخلال سلسلة من الفتاوى حاول العلماء تعطيل عرض شراء أسهم بقيمة 6 مليارات دولار أميركي؛ لأن المصرف يتعامل بالفائدة المحرمة بالشرع. فقد أصدر المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز الشيخ فتوى حرم فيها شراء أسهم من البنك الأهلي التجاري.
وترى خلف أن لا جديد في فتوى المفتي العام، خاصة أن علماء الدين في السعودية يعتبرون من أكثر العلماء محافظة في العالم، وفسروا الفائدة البنكية باعتبارها شكلا من أشكال
الربا.
وتضيف الصحيفة أن الحكومة السعودية، التي تزعم عندما يناسبها أنها تتبع ما يقوله العلماء، ولكنها في هذه المرة لم تعر
الفتوى بأي اهتمام، فكيف تلتزم وهي تقوم باستثمار احتياطاتها من العملة الأجنبية من عائدات النفط في مؤسسات وطرق تولد الفائدة.
ويجد التقرير أن السعودية، التي تعتبر مهد الإسلام، لم تكن في يوم من الأيام محبة للمصارف الإسلامية، حتى أصبحت الأخيرة كبيرة بقدر لم يعد بإمكان الدولة تجاهلها.
وهنا تتساءل خلف عن السبب الذي جعل من العلماء يستهدفون البنك التجاري الوطني، والذي لم يكن إسلاميا في نظرهم. وقد تكون وراء الحملة محاولة لإزعاج العائلة المالكة في السعودية، وربما وجد العلماء في عرض الأسهم المطروحة للبيع فرصة لإجبار البنك للتحول من مصرف ربوي إلى لا ربوي أي إسلامي، وقد عرف العلماء من الجهة المقرضة إنها ستتحول مع الوقت إلى مؤسسة تتوافق تعاملاتها مع الشريعة الإسلامية.
وتبحث الكاتبة عن آثار الفتوى على السعوديين، الذين يتعاملون بالتعاملات المصرفية التقليدية، وكذا العرض المقدم من البنك التجاري بأسعار مخفضة، حيث يراهن عادة المجتمع المالي على أن المال أحيانا يتفوق على الفتوى في هذه الحالة.
وفي حالة الفتاوى، تعتقد الكاتبة، أنها مع مواقف حازمة من العلماء إن كانت بطريقة إلى أحكام عملية بدلا من تدمير نظام مصرفي يعمل بطريقة جيدة.
وتبين خلف أنه ربما كان من الأفضل لو فكر العلماء بتقليل ساعات الحصص الدينية في المدارس التي لا تفيد كثيرا في سوق العمل، وقد يفكرون بطرق للترويح عن الطلاب في المدارس أو حتى منع الإعدام بقطع الرأس، حيث أعدمت السعودية 128 شخصا منذ كانون الثاني/ يناير، حسب أرقام منظمة هيومان رايتس ووتش الأميركية. وتضم هذه الأرقام نساء اتهمن بالسحر والشعوذة. كل هذا قد ينهي محاولة البعض مقارنة السعودية الوهابية بممارسات تنظيم الدولة المعروف بـ "داعش".
وبالعودة للفتاوى والبنوك تذهب خلف إلى أن الاستثمار في البنك التجاري لن يترك آثارا خطيرة على العائلة، فمن خلال بحثها على مواقع الفتاوى وجدت هذا السؤال الموجه لعالم من شخص يريد الزواج ويطلب النصح وجواب الأخير.
السؤال: أريد الزواج من شابة ملتزمة، ولكن المشكلة هي أن والدها يعمل في واحد من البنوك الربوية، فما هو الحكم إذا، خاصة أنه ستكون هناك زيارات لوالديها ودعوات على الطعام وحتى هدايا؟
الجواب: إن كانت المرأة تقية ومستقيمة فلا مشكلة، تزوجها وانصح والدها لترك عمله، فلربما وضع الله الهداية في قلبه على يديك.