من بين ركام منزلها، تبحث الطفلة الفلسطينية، نعمة المليحات (7 سنوات) عن كراساتها وكتبها المدرسية، بعد أن حولت جرافات إسرائيلية منازل في تجمع "عرب المليحات"، شرقي الضفة الغربية إلى ركام، بحجة البناء بدون ترخيص.
وعرب المليحات، هم بدو فلسطينيون يسكنون بيوتا مصنوعة من الصفيح، في منطقة الأغوار، شرقي الضفة الغربية.
وكانت جرافات إسرائيلية هدمت، صباح الاثنين، ثلاثة منازل لعرب المليحات.
ويتكرر المشهد لدى عرب المليحات بشكل شبه يومي في أنحاء متفرقة بالضفة الغربية بشكل عام، وفي منطقة الأغوار بشكل خاص، وكأن بيوت "الصفيح" باتت هدفا للجرافات العسكرية الإسرائيلية.
ويسكن في هذا التجمع البدوي، بحسب عطا الله مليحات، -وهو أحد سكانه- نحو 500 شخص من العائلة نفسها، في بيوت من الصفيح، ويعتمدون في حياتهم على تربية الأغنام.
وقال عطا الله: "الجيش الإسرائيلي لا يتركنا، دوما يأتي ويهدم بيوتنا ويتركنا في العراء وسط البرد، ويخطرنا بهدم بيوت أخرى، وكأنه بات يستهدف بيوت الصفيح، لا يريد سوى أن نرحل من هنا، لكننا لن نرحل وسنبقى هنا".
وتساءل عطا الله: "ما الذي يهدد أمن إسرائيل هنا، نحن لا نقوم سوى بتربية الأغنام لنعتاش منها".
من جهته، قال عبد الله مليحات، أحد أصحاب المساكن المهدمة: "شيدت المنزل عام 2010 من الصفيح، ليأوي عائلتي من برد الشتاء، وحر الصيف".
وأضاف: "لم تقبل الجهات الإسرائيلية منحي التراخيص اللازمة بحجة أنها أراضٍ مصنفة (ج)، هم يريدون منا الرحيل".
وأشار إلى أنه يعيش وعائلته في منطقة الأغوار منذ عام 1948، "يتنقلون من مكان إلى آخر بحثا عن العشب والماء".
والى جانب الطفلة نعمة مليحات، نسوة يحاولن البحث بين الركام عن بقايا أثاث، وأخريات "يندبن" مما آلت إليه أوضاعهن.
وقال مسؤول ملف الاستيطان والجدار في منظمة التحرير الفلسطينية، زياد أبو عين، إن "إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية، وتواصل سياستها التدميرية في الضفة الغربية".
وعادة ما يقوم الاحتلال الإسرائيلي بمنع الفلسطينيين في المناطق المصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو بالبناء، والتوسع، بحجة أنها أراضٍ إسرائيلية.
ويسكن في الأغوار، نحو 10 آلاف فلسطيني في بيوت من الصفيح، وخيام، ويمنعهم الاحتلال الإسرائيلي من تشييد المنازل، ويعتمدون في حياتهم على تربية المواشي والزراعة، بحسب سكان محليين، ومسؤولين فلسطينيين.
وينظر الاحتلال إلى هذه المنطقة كمحمية أمنية واقتصادية، ويردد أنه يريد أن يحتفظ بـ"الوجود الأمني" فيها ضمن أي حل مع الفلسطينيين، لكن الفلسطينيين يقولون إنهم لن يبنوا دولتهم من دون الأغوار، وهو ما يرفضه لاحتلال الإسرائيلي.
ووفق اتفاقية أوسلو الثانية الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل عام 1995، تم تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق (أ) و(ب) و (ج).
وتمثل المناطق (أ) 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيا وإداريا، أما المناطق (ب) فتمثل 21% من مساحة الضفة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.
أما المناطق (ج) والتي تمثل 61% من مساحة الضفة تخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة السلطات الإسرائيلية على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.