نظم ممثلون لأسر الشهداء، معارضون لسلطة الانقلاب، وحقوقيون، مؤتمرا صحفياً ظهر اليوم بالقاهرة تحت عنوان "لجنة إخفاء الحقائق.. الجريمة مستمرة"، بعد اجتماع مغلق ومشاورات على مدار اليومين الماضيين لإعلان موقف نهائي من لجنة تقصي حقائق 30حزيران/ يونيو التي يترأسها الدكتور فؤاد رياض، خاصة بعد مقابلتها للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وصفته بالمتهم الأول في مجازر الإبادة البشرية.
وأعلن الحضور عدم صلاحية اللجنة للقيام بتقصي الحقائق لانحيازاتها المسبقة ومخالفتها القانون ومعايير الاستقلال، كاشفين عن بدء ملاحقتها قانونيا.
وطالبوا اللجنة برد أموال الشعب التي حصلت عليها خلال الفترة الماضية، داعين لإنشاء لجنة مستقلة تقوم بدورها طبقا للمعايير الدولية القانونية المستقرة، محذرين من مغبة تعطيل القصاص ومحاولات إفلات الجناة.
من جهتها، أكدت سناء عبد الجواد، رئيس رابطة معتقلي سجون طرة ووالدة الشهيد أسماء البلتاجي، أن الدماء المظلومة التي أراقها القتلة "مبارك" و"السيسي" ومن عاونهما دون قصاص هي سبب ما نحن فيه.
وقالت في كلمتها: "أمهات
مصر.. شعبنا المصري الحر: رسالتنا لكم تأتي في أطار اغتصاب أموالكم، لصرفها على لجنة قالوا إنها لتقصي الحقائق، واتضح أنها لإخفاء الحقائق، ونحن نتهم السيسي بقتل المصريين ومنهم أبناؤنا، ثم نراهم يجلسون سويا مع القاتل الأول يبتسمون، ودماء ذوينا لم يأت لها حق في مشهد غير إنساني لا يبالي بوجع أهالي الشهداء".
وتابعت "عبد الجواد":" هذه لجنة لإقصاء الحقائق، ويتأكد يوما بعد يوم أنها لجنة الهدف الواحد لجنة إفلات الجناة من العقاب، وإننا كأسر شهداء نعتبر لقاء القاتل بلجنته دليل إدانة جديد على إهدار العدالة وحقوق الشهداء، ودليل صحة ما ذهبنا إليه من عدم مقابلة تلك اللجنة بعدما تأكدنا منذ الوهلة الأولى أنها لجنة فقدت استقلالها، ولا شرعية لها، ولا يعتد بكلامها المليء بخيانة الشهداء".
ووجهت رسالة إلى أمهات الشهداء، قائلة "اشهدوا على ثباتنا على حق أبنائنا، فنحن لن نفرط قط في دمائهم، ولن نقبل بحوار مع القتلة أو بتقارير لجنتهم المغموسة في دماء أبنائنا، فهذه لجنة ساقطة غير نزيهة، ولا تعترفوا بتقاريرها وحاصروا أعضاءها في كل مكان يذهبون إليه بالحقيقة، بصور الشهداء، مختلطة بدماء كل الشهداء المغدور بهم برصاص الجيش والشرطة والبلطجية، وكل ما نرجوه من الجميع الثبات حتى الانتصار والقصاص".
واختتمت كلمتها بقولها: "نقسم بالله العظيم ألا نفرط قط في دماء شهداء مصر، وألا نقبل بحوار مع القتلة، وأن نفعل ما في وسعنا، حتى يكتب الله لنا النصر والقصاص أو الشهادة، لنلحق بأبنائنا في جنات عدن عند ملك الملوك وقاهر الطغاة".
بدورها، اعتبرت هدى عبد المنعم، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان السابق وعضو اللجنة الحقوقية بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، اللجنة وتقريرها بأنه جهد منحاز مسبق غير قائم على أسس قانونية سليمة، ودليل في ملف دعوى تلاحقهم على مشاركة الدكتور فؤاد رياض ومعاونيه في إخفاء الحقائق وتعطيل العدالة وسيادة القانون.
وطالبت اللجنة بإعادة كل ما تحصلت عليه من أموال الشعب المصري، وتقديم اعتذار واضح للشعب عن فشلهم في إنجاز العدالة والمساهمة في إشعال الغضب المتوقع، في ضوء عدم تفعيل القصاص بحق الجناة عن طريق المسار القضائي الطبيعي.
ودعت "عبد المنعم" إلى استمرار الملاحقة القانونية والحقوقية والثورية، واختصت الدعوة على المعنيين بالمسارين الثوري والحقوقي، وفي مقدمتهم التحالف الوطني لدعم الشرعية في الداخل، والمجلس الثوري المصري في الخارج، وكافة المنظمات الحقوقية والقانونية المستقلة في الداخل والخارج إلي مواصلة طريقهم النضالي حتى الانتصار والقصاص للشهداء.
وأشار محمد أبو هريرة، المستشار القانوني لمرصد طلاب حرية والمتحدث الرسمي للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، إلى رصدهم تبنّي بعض أعضاء اللجنة لوجهات نظر سياسية معينة قبيل أحداث حزيران/ يونيو وبعدها، ما يفصح بشكل يقيني عن اتجاه اللجنة وانصراف إراداتها إلى توصيف الأمر وفقا لوجهة نظر معينة، بحسب قوله.
وانتقد الغموض الذى يشوب أعمال اللجنة، حيث لم تقم اللجنة بالإعلان الدوري عن ما تتوصل إليه من نتائج للرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، إضافة إلى ذلك قصورها في أداء أعمالها، وعدم سعيها بشكل جدى في تحقيق تلك الأحداث المختلفة والمستمرة التي حدثت منذ الثلاثين من حزيران/ يونيو من العام الماضي.
وأوضح "أبو هريرة" أنه يعضد التشكيك في مساعي اللجنة وقدرتها على إصدار تقرير حقوقي لا ميل فيه لجانب على حساب آخر عدم نشر تقارير تقصى الحقائق السابقة منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن.
وأوصى المتحدث باسم التنسيقية بحل لجنة تقصى الحقائق الحالية والمشكلة بموجب القرار 689 لسنة 2013 وإنشاء لجنة أخرى بصلاحيات واسعة تتمتع بحياد ونزاهة أعضائها للوقوف على حقيقة ما تم ويحدث من أحداث وانتهاكات جسيمة بحقوق الإنسان في مصر وتقديم القائمين عليها لمحاكمات عاجلة.
من جانبها، شنت الجماعة الإسلامية هجوماً حاداً على تقرير
لجنة تقصي الحقائق الذي يتهمها بالاعتداء على الأقباط، واصفة إياه بأنه كاذب ومضلل، مؤكدة أنها أدانت تلك الأحداث بصورة واضحة وقطعية في بيانات أصدرتها في حينها، وفي مقاطع فيديو منتشرة على المواقع الإلكترونية.
وأعربت عن رفضها وإدانتها للتقرير الذي وصفته بـ"الكاذب" الصادر من اللجنة التي شكلها المجلس القومي لحقوق الإنسان لتقصي الحقائق حول الأحداث التي اندلعت في أعقاب فض اعتصامي رابعة والنهضة، والتي تتعلق بوقوع اعتداءات طائفية مرفوضة استهدفت ممتلكات وكنائس للأقباط.
وأكدت – في بيان لها وصل "عربي 21"- أن محاولة الزج باسمها في هذه الأحداث هو محض أكاذيب مستوحاة من خيال مريض اعتاد المجلس القومي لحقوق الإنسان عليها، كما اعتاد على تزييف الحقائق في سقطة جديدة له بعد تقريره الزائف بخصوص وقائع فض اعتصامي رابعة والنهضة.
وأشارت إلى أن هذا التقرير أغفل عمدًا عدة حقائق جوهرية تتعلق بمبادئها ومواقفها، مؤكدة أن الاعتقادات الشرعية لها، ورؤيتها الدينية، تؤكد إيمانها الراسخ بحرية الاعتقاد، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وكافة حقوق المواطنة التي تجعلها تتحرك بإيجابية في اتجاه الدفاع عن قضايا الأقباط في مصر، وهو ما تعبر عنه بياناتها الرسمية فيما يتعلق بالرفض القاطع لأي اعتداء يقع على المسيحيين في مصر أو في أي مكان في العالم.
وشدّدت على أن التقرير ينطوي على أكاذيب "مفضوحة"، أهمها اتهام الجماعة الإسلامية بالتورط في تلك الأحداث، وهو ما يتناقض مع شهادة أصحاب القضية من القساوسة، والتي أكدوا فيها على أن مرتكبي هذه الأحداث من البلطجية الخارجين عن القانون، ونفوا أن يكون للإسلاميين صلة بهذه الجرائم، بل إنهم أكدوا أن الإسلاميين قاموا بالدفاع عن تلك الكنائس.
واستشهدت بشهادة الأب أيوب يوسف، راعي كنيسة دلجا بالمنيا، والتي نصها: "الأحداث في دلجا لا تمت للإسلام بصلة، ولم يقم بها مسلمون، ولكن البلطجية يستغلون ويستثمرون هذه الأحداث عشان ينهبوا ويروعوا الكنائس"، وكذلك بشهادة وزارة الداخلية وقيادات أمنية بأن تلك الأحداث قام بها بلطجية ولا صلة للإسلاميين بها ومنها بيان نشرته الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية على الفيس بوك واشتمل على أسماء من قاموا بالاعتداء على كنيسة الأنبا موسى بالمنيا، وذكر البيان أن جميعهم بلطجية ومسجلون خطر ولهم سوابق جنائية.
وقالت إن الحقيقة المؤكدة أن أبناء الجماعة الإسلامية كانوا دومًا حريصين على توجيه المسيرات السلمية التي شاركوا فيها بعيدًا عن الكنائس وأقسام الشرطة، وعمل كردونات مع غيرهم حول الكنائس وأقسام الشرطة لحمايتها، موضحة أنها ساهمت في حل الكثير من المشكلات ذات الطابع الطائفي، وخاصة بالمحافظات الكبرى بالصعيد.
ولفتت إلى أن لها مواقف ومبادرات مع الجماعة لوأد الفتنة الطائفية والتواصل مع الأقباط من أجل بناء مشتركات وتوسيع مساحات التوافق حول بناء الوطن على أسس صحيحة، ولم تنقطع هذه التداخلات والاتصالات على مدار الأعوام الفائتة، سواء قبل الثورة أو بعدها، أو حتى بعد انقلاب الثالث منحزيران/يوليو، ومنها الحملة الممتدة على طول الجمهورية، والتي حملت عنوان "وطن واحد وعيش مشترك" بتاريخ 15/5/2013، والتي كانت تهدف إلى تقوية النسيج الوطني والقضاء على الفتنة الطائفية من خلال تشكيل لجان للتواصل مع المسيحيين على كافة مستوياتهم الكنسية والفكرية والشبابية، للوقوف على مشكلاتهم والسعي في حلها، وتشكيل لجان للإنذار المبكر من مخاطر الفتن الطائفية حيث حققت هذه المبادرة العديد من النجاحات.
وذكرت أن تقرير لجنة تقصي الحقائق يفتقد للمهنية ومناف للموضوعية، وهو ما يظهر من خلال تأكيد التقرير بأن من وقعت عليهم الاعتداءات من المسيحيين قد رفضوا الإدلاء بشهاداتهم أو اتهام أشخاص بعينهم، وكما جاء في التقرير أنه عوضًا عن شهادات أصحاب القضية اعتمد على معلومات من بعض القريبين منهم، وهو ما يضعف من قيمة المعلومات الواردة بالتقرير، كما أن التقرير لم يذكر دليلًا واحدًا على صدور أي حكم قضائي ضد أي من أعضاء الجماعة الإسلامية بالإدانة في أي من تلك الأحداث.
وتابعت الجماعة الإسلامية:" إذا كان التقرير قد وجه الاتهام إلى الجماعة الإسلامية، فإن أبسط قواعد العدالة والنزاهة والحيادية أن تُراجع الجماعة فيما نسب لها، لسماع ردها واستجلاء الحقيقة من أصحابها، بدلًا من أن تُنصب اللجنة نفسها خصمًا وحكمًا في ذات الوقت".
وقالت:" بعد تلك الشواهد القطعية وغيرها التي تثبت عدم مصداقية تقارير هذا المجلس، فإن الجماعة الإسلامية ترى أن من الخطر الشديد إلصاق التهمة بالإسلاميين وهم أبرياء منها، لما يؤدي ذلك من زرع الشقاق بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين، وهو ما يتعارض مع عقائد الجماعة الثابتة، ومبادئها الراسخة، ومواقفها الواضحة".
ودعت الجماعة الإسلامية إلى تحقيق عادل يتسم بالنزاهة والحيادية والشفافية، تقوم عليه منظمات حقوقية محايدة، لإظهار حقيقة ما جرى في تلك الأحداث، وكشف الحقائق أمام الرأي العام المحلي والعالمي، مهيبة بالجميع ألا تدفعهم المكايدة السياسية وتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين أن يتجنوا على الحقيقة في سبيل تحقيق مكاسب ضيقة على حساب الوطن.