نصر الله يطالب أنصاره بالعمل الجاد لتوفير ظروف جيدة لظهور المهدي المنتظر ـ أ ف ب
ركز الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطبته ليلة السابع من محرم، على علامات ظهور المهدي، الإمام الثاني عشر بحسب معتقدات الشيعة الإمامية الاثني عشرية، الذي سيظهر في آخر الزمان، بعد غيبته الطويلة منذ عام 260 هجرية، ليقيم حكومة العدل الإلهية في الأرض، بعد أن ملئت جورا وظلما.
حديث نصر الله العلني حول هذا الموضوع الحساس بخلفياته العقائدية، وتجلياته الواقعية دينيا وسياسيا، دفع المراقبين والمحللين لقراءة دلالاته، ورصد تداعياته، فبحسب مصادر مقربة من حزب الله، فإن لحديث الأمين العام عدة غايات:
أولها: إن قول السيد نصر الله عن علامات ظهور المهدي "لا يعني أن ننتظرها بل تعني مواصلة العمل"، يدل على أنه أراد إيصال رسالة إلى مناصريه، وإلى جميع عناصر حزب الله أن علامات الظهور يجب أن تترافق مع عمل جاد من أجل تأمين ظروف جيدة لظهور الإمام المهدي".
وثانيها – وفقا لتلك المصادر – "يمكن اعتبار حديث نصر الله عن العلامات الحتمية لظهور الإمام المهدي، وهي ظهور السفياني واليماني والخرساني، ردا غير مباشر على كل الحملات الإعلامية التي هاجمت حزب الله باعتباره يروج لكون أمينه العام هو اليماني، مستشار الإمام المهدي، وهذا ما نفاه نصر الله بطريقته الخاصة عندما تحدث عن اليماني بطريقة الغائب..".
وعن مدى تأثير كلام نصر الله في العقل الجمعي الشيعي، أشارت تلك المصادر إلى أن حديثه تضمن إشارات يفهم منها "أن ما يحصل في سوريا قد يكون مقدمة لظهور الإمام المهدي، والعمل الذي نقوم به هو واجب لا يمكن إهماله"، ما يعني أن ما يجري من أحداث قد يكون من العلامات لكن لا أحد يعرف متى يكون الظهور على وجه اليقين.
من جانبه اعتبر الدكتور نبيل العتوم، أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة البلقاء الأردنية، أن تخصيص الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله ثلاث خطب للحديث عن علامات ظهور المهدي، يكشف عن حضور الأبعاد العقائدية المحددة لسياسات الحزب ومواقفه، وهو ما ينسجم مع أصول المذهب الشيعي في قيام الإمام المهدي وظهوره في آخر الزمان.
ورأى العتوم في حديثه لـ"عربي 21" أن أحاديث نصر الله الأخيرة، تأتي في هذا الوقت كنوع من التعبئة الشعبية، مع إضفاء قداسة دينية على انخراط حزبه في المعارك الدائرة في سوريا، باستحضاره المكثف للأخبار المستقبلية الواردة في الأحاديث والروايات المتداولة في المذهب، خاصة ما يتعلق منها بقيام صاحب الزمان، خاتمة أئمتهم الاثني عشر محمد بن الحسن العسكري.
يشار في هذا السياق إلى أن عقيدة ظهور الإمام المهدي وقيامه، تعد من أصول المذهب الشيعي الإثني عشري، وبحسب الشيخ علي الكوراني العاملي (مؤلف كتاب عصر الظهور) فإن "الاعتقاد بأن المهدي الموعود (عجَّل الله فرجه) هو الإمام الثاني عشر، وأنه حيّ غائب جزء من مذهبنا، وبدونه لا يكون المسلم شيعيا اثني عشريا، بل مسلما سنيا، أو شيعيا زيديا، أو إسماعيليا".
ويتولى الكوراني الرد على من يستغرب اعتقاد الشيعة الإمامية في إمامة أئمتهم، واعتقادهم بعصمتهم، وبغيبة المهدي المنتظر، بقوله "ولكن الميزان في الأمور الممكنة ليس هو الاستبعاد ولا الاستحسان بل ثبوت النص عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد ثبتت عندنا النصوص المتواترة القطعية، الدالة على إمامته وغيبته (عجل الله فرجه)، ومتى ثبت النص وقام الدليل، فعلى المسلم أن يقبله ويتعبد به، وعلى الآخرين أن يعذروه أو يقنعوه، ورحم الله القائل: "نحن أتباع الدليل حيث ما مال نميل".
ويعتقد الشيعة الإمامية أن إمامهم الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري، المولود سنة 255 هجرية، دخل في غيبتين، يسمون الأولى منهما بالغيبة الصغرى، والتي بدأت بعد وفاة والده الإمام الحسن العسكري سنة (260 هـ)، واستمرت إلى سنة (329 هـ)، فتكون مدتها (69) عاما.
أما الغيبة الثانية – وفق عقائد الإمامية – فقد ابتدأت في سنة (329 هـ) ولا تزال مستمرة حتى الآن. ويعتقد الشيعة الإمامية أن الغيبة هي من أسرار الله، وهو أعرف بأسبابها وفوائدها الحقيقية، ولكنهم يذكرون أسبابا صرحت بها الأخبار والأحاديث التي ينقلها علماؤهم عن أئمة أهل البيت.
يستدل الإمامية على اعتقادهم بغيبة المهدي، بما رواه الكليني في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام: "للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه".
تتحدث مراجع الإمامية في سياق دفاعها عن غيبة الإمام المهدي، وبيانها لأسباب حدوثها، عن أن حياة الإمام كانت مهددة بالقتل من قبل الحكام العباسيين، وقد استمر الخطر عليه من قبل سائر الحكام كالعثمانيين وغيرهم ممن حكموا بلاد الشرق، لأنهم علموا بأن المهدي هو الذي يزلزل كراسي الظالمين، ويدمر كيانهم، ولا زال الخطر محدقا بالإمام وهذا سبب طول غيبته"، بحسب مقولات الإمامية المدونة في كتبهم ومراجعهم.
تجدر الإشارة إلى أن اعتقاد الشيعة الإمامية بمهدوية محمد بن الحسن العسكري وغيبته، كان موضع نقد شديد وقاسٍ عند علماء أهل السنة، فابن القيم بعدما ذكر أقوال الناس في المهدي، وختمها بذكر معتقد الشيعة الإمامية، عقب عليه قائلا: "ولقد أصبح هؤلاء عارا على بني آدم، وضحكة يسخر منها كل عاقل".
لكن ما يلفت النظر في هذا السياق أن يتصدى الكاتب والباحث الشيعي أحمد الكاتب الكربلائي، من خريجي الحوزات العلمية، لبيان حقيقة هذا المعتقد، وكشف النقاب عن ظروف وعوامل نشأته التاريخية، في كتابه المعنون بـ"الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري.. حقيقة تاريخية أم فرضية فلسفية؟".
يخلص الكاتب بعد بحثه الطويل المتشعب إلى القول بأن الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر عند الإمامية) مات دون أن يخلف أولادا، مما دفع بعض أركان التيار الإمامي الموسوي إلى المبادرة لاختلاق قصة وجود ولد مستور وغائب للإمام العسكري، وتأليف النظرية الاثني عشرية في القرن الرابع الهجري.
ووفقا للباحث الشيعي (الكاتب) فإن عقيدة الشيعة الإمامية في المهدي محمد بن الحسن العسكري، هي فرضية فلسفية، وليست حقيقة تاريخية، لكن كيف يمكن بحسب اعتقاد الإمامية في غيبة المهدي الطويلة التعرف على هويته عند الظهور؟ يوضح الكاتب أن أئمة المذهب ربطوا ظهوره بمعجزات كونية، وعلامات خوارقية، كنداء من السماء يسمعه أهل الأرض كلهم، كل أهل لغة بلغته، كما ذكره حسن نصر الله في خطبه الأخيرة.
حديث نصر الله العلني حول هذا الموضوع الحساس بخلفياته العقائدية، وتجلياته الواقعية دينيا وسياسيا، دفع المراقبين والمحللين لقراءة دلالاته، ورصد تداعياته، فبحسب مصادر مقربة من حزب الله، فإن لحديث الأمين العام عدة غايات:
أولها: إن قول السيد نصر الله عن علامات ظهور المهدي "لا يعني أن ننتظرها بل تعني مواصلة العمل"، يدل على أنه أراد إيصال رسالة إلى مناصريه، وإلى جميع عناصر حزب الله أن علامات الظهور يجب أن تترافق بعمل جاد من أجل تأمين ظروف جيدة لظهور الإمام المهدي".
وثانيها – وفقا لتلك المصادر – "يمكن اعتبار حديث نصر الله عن العلامات الحتمية لظهور الإمام المهدي، وهي ظهور السفياني واليماني والخرساني، رد غير مباشر على كل الحملات الإعلامية التي هاجمت حزب الله باعتباره يروج لكون أمينه العام هو اليماني، مستشار الإمام المهدي، وهذا ما نفاه نصر الله بطريقته الخاصة عندما تحدث عن اليماني بطريقة الغائب..".
وعن مدى تأثير كلام نصر الله في العقل الجمعي الشيعي، أشارت تلك المصادر إلى أن حديثه تضمن إشارات يفهم منها "أن ما يحصل في سوريا قد يكون مقدمة لظهور الإمام المهدي، والعمل الذي نقوم به هو واجب لا يمكن إهماله"، ما يعني أن ما يجري من أحداث قد يكون من العلامات لكن لا أحد يعرف متى يكون الظهور على وجه اليقين.
من جانبه اعتبر الدكتور نبيل العتوم، أستاذ الدراسات الإيرانية في جامعة البلقاء الأردنية، أن تخصيص الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله ثلاث خطب للحديث عن علامات ظهور المهدي، يكشف عن حضور الأبعاد العقائدية المحددة لسياسات الحزب ومواقفه، وهو ما ينسجم مع أصول المذهب الشيعي في قيام الإمام المهدي وظهوره في آخر الزمان.
ورأى العتوم في حديثه لـ"عربي 21" أن أحاديث نصر الله الأخيرة، تأتي في هذا الوقت كنوع من التعبئة الشعبية، مع إضفاء قداسة دينية على انخراط حزبه في المعارك الدائرة في سوريا، باستحضاره المكثف للأخبار المستقبلية الواردة في الأحاديث والروايات المتداولة في المذهب، خاصة ما يتعلق منها بقيام صاحب الزمان، خاتمة أئمتهم الاثني عشر محمد بن الحسن العسكري.
يشار في هذا السياق إلى أن عقيدة ظهور الإمام المهدي وقيامه، تعتبر من أصول المذهب الشيعي الإثني عشري، وبحسب الشيخ علي الكوراني العاملي (مؤلف كتاب عصر الظهور) فإن "الاعتقاد بأن المهدي الموعود (عجَّل الله فرجه) هو الإمام الثاني عشر، وأنه حيّ غائب جزء من مذهبنا، وبدونه لا يكون المسلم شيعيا اثني عشريا، بل مسلما سنيا، أو شيعيا زيديا، أو إسماعيليا".
ويتولى الكوراني الرد على من يستغرب اعتقاد الشيعة الإمامية في إمامة أئمتهم، واعتقادهم بعصمتهم، وبغيبة المهدي المنتظر، بقوله "ولكن الميزان في الأمور الممكنة ليس هو الاستبعاد ولا الاستحسان بل ثبوت النص عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وقد ثبتت عندنا النصوص المتواترة القطعية، الدالة على إمامته وغيبته (عجل الله فرجه)، ومتى ثبت النص وقام الدليل، فعلى المسلم أن يقبله ويتعبد به، وعلى الآخرين أن يعذروه أو يقنعوه، ورحم الله القائل: "نحن أتباع الدليل حيث ما مال نميل".
ويعتقد الشيعة الإمامية أن إمامهم الثاني عشر، محمد بن الحسن العسكري، المولود سنة 255 هجرية، دخل في غيبتين، يسمون الأولى منهما بالغيبة الصغرى والتي بدأت بعد وفاة والده الإمام الحسن العسكري سنة (260 هـ)، واستمرت إلى سنة (329 هـ)، فتكون مدتها (69) عاما.
أما الغيبة الثانية – وفق عقائد الإمامية – فقد ابتدأت في سنة (329 هـ) ولا تزال مستمرة حتى الآن. ويعتقد الشيعة الإمامية أن الغيبة هي من أسرار الله، وهو أعرف بأسبابها وفوائدها الحقيقية، ولكنهم يذكرون أسبابا صرحت بها الأخبار والأحاديث التي ينقلها علماؤهم عن أئمة أهل البيت.
يستدل الإمامية على اعتقادهم بغيبة المهدي، بما رواه الكليني في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام: "للقائم غيبتان إحداهما قصيرة والأخرى طويلة، الغيبة الأولى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة شيعته، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلا خاصة مواليه".
تتحدث مراجع الإمامية في سياق دفاعها عن غيبة الإمام المهدي، وبيانها لأسباب حدوثها، عن أن حياة الإمام كانت مهددة بالقتل من قبل الحكام العباسيين، وقد استمر الخطر عليه من قبل سائر الحكام كالعثمانيين وغيرهم ممن حكموا بلاد الشرق، لأنهم علموا بأن المهدي هو الذي يزلزل كراسي الظالمين، ويدمر كيانهم، ولا زال الخطر محدقا بالإمام وهذا سبب طول غيبته"، بحسب مقولات الإمامية المدونة في كتبهم ومراجعهم.
تجدر الإشارة إلى أن اعتقاد الشيعة الإمامية بمهدوية محمد بن الحسن العسكري وغيبته، كان موضع نقد شديد وقاسٍ عند علماء أهل السنة، فابن القيم بعدما ذكر أقوال الناس في المهدي، وختمها بذكر معتقد الشيعة الإمامية، عقب عليه قائلا: "ولقد أصبح هؤلاء عارا على بني آدم، وضحكة يسخر منها كل عاقل".
لكن ما يلفت النظر في هذا السياق أن يتصدى الكاتب والباحث الشيعي أحمد الكاتب الكربلائي، من خريجي الحوزات العلمية، لبيان حقيقة هذا المعتقد، وكشف النقاب عن ظروف وعوامل نشأته التاريخية، في كتابه المعنون بـ"الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري.. حقيقة تاريخية أم فرضية فلسفية؟".
يخلص الكاتب بعد بحثه الطويل المتشعب إلى القول بأن الحسن العسكري (الإمام الحادي عشر عند الإمامية) مات دون أن يخلف أولادا، مما دفع بعض أركان التيار الإمامي الموسوي إلى المبادرة لاختلاق قصة وجود ولد مستور وغائب للإمام العسكري، وتأليف النظرية الاثني عشرية في القرن الرابع الهجري.
ووفقا للباحث الشيعي (الكاتب) فإن عقيدة الشيعة الإمامية في المهدي محمد بن الحسن العسكري، هي فرضية فلسفية، وليست حقيقة تاريخية، لكن كيف يمكن بحسب اعتقاد الإمامية في غيبة المهدي الطويلة التعرف على هويته عند الظهور؟ يوضح الكاتب أن أئمة المذهب ربطوا ظهوره بمعجزات كونية، وعلامات خوارقية، كنداء من السماء يسمعه أهل الأرض كلهم، كل أهل لغة بلغته، كما ذكره حسن نصر الله في خطبه الأخيرة.