تقترب
مصر من إصدار تعديل على
قانون قديم، بحيث يتم تغليظ العقوبة على كل من ينشر أي
أخبار عن القوات المسلحة دون موافقة
الجيش، ومعاقبته من يخالف ذلك بالسجن خمس سنوات.
ووافق مجلس الدولة الأسبوع الماضي على مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة، والذي أدخل تعديلات جديدة على قانونين سابقين كان معمول بهما في خمسينيات وستينيات القرن الماضي.
وقالت صحيفة "الوطن" إن ثلاثة ممثلين للجيش حضروا لقسم التشريع بمجلس الدولة واجتمعوا بالمستشار مجدي العجاتي رئيس القسم مدة لا تقل عن أربع ساعات وتم الاتفاق خلال اللقاء على مشروع القانون، وتم الانتهاء من مراجعة القانون بنفس اليوم، وإرساله إلى وزارة الدفاع لمراجعته مرة أخرى.
ومن المقرر أن يراجع مشروع القانون للمرة الأخيرة في مجلس الدولة يوم السبت المقبل، في اجتماع ينظر في دستوريته وإدخال ما يلزم من تعديلات عليه ليتناسب مع الدستور الذي تم إقراره في كانون الثاني/ يناير 2014.
توسيع التجريم وتغليظ العقوبة
وجاء التعديل الجديد المقترح على القانون ليوسع مساحة تجريم نشر المعلومات والأخبار العسكرية وأضاف إليها
حظر إفشاء أو عرض أخبار أو معلومات أو إحصاءات أو بيانات أو وثائق أو مستندات تتعلق بالقوات المسلحة، كما حظر نشر ما يتعلق بعمل أو خططها بالإضافة إلى جانب تشكيلاتها وتحركاتها وعتادها.
كما غلظ التعديل العقوبة على من يخالف هذا القانون فأصبحت السجن بما لا يزيد على خمس سنوات وغرامة من 10 آلاف إلى 50 ألف جنيه في الأحوال العادية، وتتضاعفت العقوبة للسجن المشدد وغرامة من 100 ألف إلى 200 ألف جنيه في حالة الحرب أو حالة الطوارئ أو إذا كان نركب الجريمة شخصا عسكريا، وتتضاعف العقوبة إلى ثلاثة أمثالها إذا استفاد الجاني من ارتكاب تلك الجريمة بمنفعة أو ربح مادي.
وأضاف التعديل عبارة "كل ما له مساس بشؤونها أو مهامها أو وسائل تنفيذ مهامها"، وكذلك "حظر نشر صور هذه الوثائق أو المستندات أو الخطط أو نشر مضمونها أو فحواها أو جزء منها"، و"حظر على من يطلع بحكم عمله أو لأي سبب آخر على المعلومات أو البيانات أو الوثائق أو المستندات أن ينشرها أو يذيعها".
كما تم تغيير جهة الحصول على الموافقة قبل نشر الأخبار العسكرية، فأصبح واجبا الحصول على تصريح كتابي من "القيادة العامة للقوات المسلحة" وليس المخابرات الحربية، بالإضافة إلى إمكانية الحصول على تصريح من "المحكمة المختصة" وهي المحكمة العسكرية.
وتضمن التعديل على "مصادرة المواد التي استخدمت في نشر أو إذاعة الأخبار والمعلومات العسكرية، بعد صدور حكم قضائي من المحكمة العسكرية".
وكان الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر قد أصدر قانونا عام 1956، قبل العدوان الثلاثي على مصر بعد أسابيع يحظر نشر أو إذاعة أي أخبار عن القوات المسلحة وتشكيلاتها وتحركاتها وكل ما يتعلق بالنواحي العسكرية والاستراتيجية، إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من القوات المسلحة، ويعاقب من ينشر الأخبار بالحبس مدة تتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات في زمن الحرب، أو بغرامة تتراوح بين 100 و500 جنيه في زمن السلم.
وقبل حرب حزيران/ يونيو عام 1967 أصدر عبد الناصر تعديلا جديدا على القانون الأول، حظر بموجبه نشر المعلومات الخاصة بالقوات المسلحة واشترط الحصول على موافقة كتابية من مدير إدارة المخابرات الحربية قبل إذاعتها.
مخالف للدستور
وقال اللواء علي حفظي الذي شغل منصب مدير عمليات الاستطلاع في القوات المسلحة المصرية إبان حرب أكتوبر 1973، إن "من حق الإعلام التعرف على ما يستجد بالقوات المسلحة في ظل التطور التكنولوجي وثورة الإنترنت التي يشهدها العالم".
ويقول قانونيون إن هذا التعديل يخالف الدستور المعمول به حاليا والذي كفل حق المواطن والإعلام في المعرفة.
وتنص المادة 68 من الدستور على أن: "المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية، وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها".
وظلت أحكام القانون المعمول به الآن سارية ويتم تطبيقها بحزم لسنوات طويلة على كل من ينشر أخبار القوات المسلحة دون إذن، حتى أن الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق حوكم أمام القضاء العسكري وفقا لهذا القانون بتهمة نشر معلومات عن حرب أكتوبر في كتابه الذي حمل مذكراته دون الحصول على موافقة كتابية من المخابرات الحربية، وسجن لمدة عام ونصف في مارس 1992.