يقول الكاتب شين هاريس في مقال له على موقع "ديلي بيست" إن تقرير لجنة الاستخبارات الأميركية حول
التعذيب ترك الكثير من التفاصيل الغائبة، فرغم ما يقرب من 500 صفحة من التفاصيل المريعة، إلا أن ملامح فشل الاستراتيجية الأميركية في سوريا وليبيا غائبة عنه.
ويرى هاريس أن ما يضعف رؤية التقرير أنه اعتمد على وثائق "
سي آي إيه" فقط، ولم يقابل أيا من الذين قاموا بالتحقيق، ولا من تعرضوا للتعذيب.
ويبين الكاتب أن دور ديكتاتوريات مثل سوريا وليبيا في عمليات الترحيل القسري للسجناء تُرك دون توسع، وتعرض دورها لحذف وشطب لدرجة كان من الصعب فهم ما يقوله التقرير.
ويضيف أنه لا يوجد دليل قاطع حول من أصدر أمر التعذيب. كما تم تجاهل دور إدارة الرئيس باراك أوباما، التي أبطأت نشر التقرير لمدة خمسة أعوام.
ويشير الكاتب إلى أن تقرير الكونغرس امتلأ بالبقع السوداء، واحدة تلو أخرى، والتي أخفت أسماء مسؤولي الاستخبارات الأميركية، بدلا من الإشارة لهم بأسماء مستعارة.
وقد أدى هذا لإحباط السناتور رون ويدين، النائب الديمقراطي عن أوريغان، وأحد الداعمين الرئيسيين لنشر التقرير، الذي علق قائلا: "إن كل تحقيق، من تحقيق تيشرتش وأبو غريب وإيران كونترا، جميعها استخدمت أسماء مستعارة"، وفق الموقغ.
ويتابع ويدين في تصريحات للموقع "أهم شيء يقدمه استخدام الأسماء المستعارة أنه يعطي فرصة لفهم ما حدث، ولماذا حدث".
ويلفت الموقع لرفض عدد من النواب الجمهوريين للتقرير، ومحاولتهم تقديم رد على نتائجه، وكانت أهم انتقاداتهم أن اللجنة فشلت في مقابلة حتى شخص واحد له علاقة بالتعذيب، واعتمدت على الوثائق المجردة عن السياق.
وينقل "ديلي بيست" عن الضابطة السابقة في "سي آي إيه" التي عملت مفتشة عامة في الوكالة، ماري ماكارثي، قولها "كيف يمكن للرأي العام الحكم على ما هو صحيح".
ويظهر الموقع المشاكل التي يحتويها التقرير، ومنها أنه من الصعب التوصل إلى أسماء الدول التي شاركت في برنامج التعذيب، حتى في حالة كتبت بأسماء مستعارة. ولا يوجد هناك أي ذكر للدور الذي لعبته سوريا، واستلامها معتقلين من المخابرات الأميركية.
ويتابع الموقع أنه يؤخذ على التقرير غياب أو إخفاء الدور الذي لعبه الأردن، الذي يعد من أقرب حلفاء الاستخبارات الأميركية في الشرق الأوسط، مع أن منظمات حقوق الإنسان وثقت دور الأردن في عمليات النقل القسري للمعتقلين.
ويواصل الكاتب بأن التقرير لم يأت على ذكر الرحلات المكوكية للمعتقلين بين المخابرات الأميركية والزعيم معمر القذافي، الذي أسهمت واشنطن بالإطاحة به.
ويرى هاريس أن الحذف قد يسرّ المسؤولين في المخابرات الأميركية والبعض في إدارة باراك أوباما ممن عارضوا نشر التقرير، الذين لا يريدون إغضاب حلفاء الإدارة من الدول الأجنبية.
ويشير هاريس لمواقف المسؤولين السابقين في "سي آي إيه" ممن كان بعضهم مسؤولا عن إدارة برنامج التعذيب. وقال مدير الاستخبارات السابق جورج تينت "يجب عدم تقبل تقرير اللجنة وتأكيداتها قبل أن يقرأ بعناية رد الوكالة والجمهوريين والوثائق الأخرى، التي أفرج عنها بالتزامن مع نشر التقرير المليء بالثغرات".
ويورد الموقع قول مسؤول آخر "الكثير من نتائج التقرير خاطئة، وهناك أجزاء كبيرة من القصة مفقودة"، ويؤكد نقاد نشر التقرير عدم وجود "سياق" في الوقت الذي اتخذ فيه قرار تطبيق هذه الأساليب. وأضاف المسؤول "قتل 3.000 شخص وتوفرت معلومات موثوق بها عن هجمات جديدة"، إضافة لتقارير عن لقاء أسامة بن لادن مع عالم نووي من أجل الحصول على مواد نووية.
ويعرض الموقع لقول مسؤول سابق إن "(سي آي إيه) ذهبت للبيت الأبيض وقالت له نريد عمل هذا"، مؤكدا "أعتقد وبعمق أن برنامج التحقيق كان ناجعا، وكذلك "سي آي إيه" كانت ناجحة في ذلك الوقت"، رغم ما يؤكده الديمقراطيون من أن الوكالة ضللت صناع القرار في حينه.
ويجد الكاتب أنه رغم كل هذا فالمدافعون عن المخابرات والنواب الديمقراطيون يتفقون على نقطة واحدة، وهي أن إدارة البرنامج كانت فقيرة لدرجة لم تكن "سي آي إيه" تعرف كم هو عدد المعتقلين لديها. فالقبو الذي أشير إليه باسم مستعار، وهو كوبالت، الذي يعرف باسم حفرة الملح في أفغانستان، لم يحتفظ المسؤولون عنه إلا بعدد قليل من الوثائق حول المعتقلين. وترك أحد المعتقلين عاريا ومقيدا حتى تجمد من البرد ومات.
ويختم هاريس بالإشارة إلى تأكيد المسؤول السابق "لا شك أن (سي آي إيه) كانت مدانة، خاصة في طريقة إدارة البرنامج، وبالتحديد عدم معرفة عدد المعتقلين لديها. وكان موقع كوبالت تعبيرا عن فشل في القيادة". ولكنه أشار إلى أن الديمقراطيين فشلوا في الاعتراف أن الانتهاكات اكتشفتها "سي آي إيه" نفسها عام 2003، وأوقفت أساليب المعاملة الوحشية للمعتقلين.