فضل اللقاء الوطني الثالث لـ "تيار الديموقراطية والانفتاح"، إرجاء حسم خطوة مغادرة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى نهاية كانون الثاني/ يناير 2015، في انتظار نتيجة المفاوضات الجارية مع قيادة الحزب الحالية، من جهة وتوسيع النقاشات مع فئات جديدة من الغاضبين على طريقة تدبير الحزب من طرف الكاتب الأول الحالي إدريس لشكر، من جهة ثانية.
ولم يحسم اللقاء الوطني الثالث، الذي انعقد السبت في الدار البيضاء تحت شعار "الراهن
المغربي والبديل الممكن"، في الخطوة المقبلة التي يتعين على تيار "الديمقراطية والانفتاح" اتخاذها في المرحلة المقبلة، حيث انقسم إلى أفكار رئيسة: أولها- عن ضرورة "القطيعة مع حزب إدريس لشكر في ظل وجود قيادة استئصالية أساءت للحزب وتاريخه النضالي، عبر مخرجين أحدهما تأسيس حزب جديد، وآخر يدفع للانضمام لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية"، وثانيها- يدعو إلى "عدم التسرع في فكرة الانشقاق قبل إنضاجها جيدا".
وأكد الطيب منشد، مسؤول لجنة الاتصال داخل "تيار الديموقراطية والانفتاح"، في تصريح لموقع "عربي21"، "وجود تباين في وجهات النظر بين أعضاء التيار، خاصة وأن بعض الأقاليم الحزبية قد التحقت بالتيار، وأنها بحاجة إلى مزيد من الوقت من أجل فهم أكثر عمقا لاختيارات التيارات".
وقال الطيب منشد، القيادي الكبير في الحزب، و مؤسس نقابة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، التي تعد نقابة الحزب: "قررنا في لقاء السبت تطوير النقاش، وتأجيل الحسم في مصير التيار"، مسجلا أن هناك ثلاثة خيارات برزت، يدعو أولها إلى البقاء في الحزب والعمل بقاعدة الإصلاح من الداخل، وإن كانت الفئة التي تدافع عن هذا الاختيار أقلية عددية".
والاختيار الثاني، بحسب الطيب منشد، يقوم على تحويل تيار الديمقراطية والانفتاح، إلى نواة يجتمع حولها اليسار الديمقراطي، ومن ثم تشكيل الحزب اليساري الكبير، الذي شكل دوما أمل اليساريين المغاربة، ويهدف إلى تحقيق رسالة الحركة الاتحادية، وهو اختيار نسبة محترمة جدا من الناحية العددية داخل التيار".
وقال منشد، إن "الخيار الثالث قائم على الالتحاق بحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، الذي هو أصل الحركة الاتحادية، خاصة وأن هذا الاختيار يجد قبولا كبيرا من طرف عشرات الحضور من أبناء التيار، المجتمعين في الدارالبيضاء، بالموازاة مع وجود اتصالات مع قيادات الحزب تبشر بالخير".
وأفاد منشد بأنه "جرت حتى الآن ثلاث جلسات مع قيادات الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وأنها كانت في أجواء إيجابية وطيبة، وأن مسألة الالتحاق الرسمي بالحزب لم تطرح بعد، لأن التيار أخذ مهلة من الوقت لحسم الاختيار".
وقال قيادي في التيار، طلب عدم الكشف عن هويته، إن تأجيل تيار
الانفتاح والديمقراطية مغادرة سفينة الاتحاد الاشتراكي والالتحاق بالاتحاد الوطني للقوات الشعبية، كان مقررا السبت خلال اللقاء الوطني بالبيضاء.
ويبدو أن رجاء بعض قادة النداء للتيار بالتريث إلى حين انتظار اللقاء الذي سيجمعهم بإدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد قد وجد آذانا صاغية لدى الغاضبين من لشكر.
من جهته سُجّل عن محمد رضا الشامي، الوزير السابق وعضو
مجلس النواب، في كلمته خلال اللقاء، أن "النقاشات مع قادة الاتحاد الوطني انطلقت منذ ستة أشهر، وهم يربحون بالتحاقنا بحزب عبد الله إبراهيم، بيد أننا لم ندخل بعد مرحلة النقاش العميق، لأن الأمر يتطلب قرارا جماعيا".
وشددت كلمة عبد العالي دومو، المنسق الوطني للتيار، وعضو مجلس النواب، على أن "التيار لم يحدد في السكرتارية أي موقف من البديل المحتمل عكس ما يتم تداوله"، مضيفا أن "الحالمين بالفكرة الاتحادية الأصيلة يؤمنون بضرورة انبثاق القرار بصفة الجماعية".
ودعا طارق القباج، عمدة مدينة أكادير السياحية، إلى "فتح المزيد من المشاورات مع الغاضبين لتوسيع جبهة معارضة لشكر، محذرا من التسرع في اتخاذ قرار تأسيس حزب في ستة أشهر"، وكشف أن تيار الانفتاح والديمقراطية قد "انتهى كما أخبره بذلك مؤسسة الراحل أحمد الزايدي، موضحا أن "التيار تحول إلى حركة تصحيحية مكونة من الغاضبين".
وخلص اللقاء الوطني لتيار الانفتاح والديمقراطية، إلى التريث في إعلان القطيعة التامة مع لشكر، وفضل رفاق الزايدي توسيع المشاورات لتشمل فئات أخرى عبر لقاء يضم ممثلي الجهات والقطاعات، ومن تم تأجيل اتخاذ القرار النهائي إلى غاية نهاية يناير المقبل، وانتظار نتائج اللقاء الذي سيجمعهم بإدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد.
من جهته، قال عبد الرحيم العلام، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية، بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن "الذي لا شك فيه أن الانشقاق لا يمكن أن يتجلى فيما هو أفقي، بل إن أعضاء البرلمان المساندين للانفاح ما كانوا ليقدموا على خطواتهم لولا أنهم مطمئنون إلى قواعدهم. وبالتالي فان مغادرة تيار الانفتاح، الذي يبدو أنه ازداد إصرارا وتحديا وقوة بعد وفاة مؤسسه المرحوم أحمد الزايدي نتيجة التعاطف الحاصل، سيضعف حزب الشكر، لكن هل سيقوى تيار الانفتاح أو الحزب الذي سيلتحق به (الاتحاد الوطني) أو الحزب الذي سيشكله؟".
وأضاف عبد الرحيم في تصريح لموقع "عربي21"، أن "أمام رفاق المرحوم الزايدي فرصة أخرى لتأكيد أن هذا المنحى ليس إجباريا المرور منه، إذ يمكن لتيار الانفتاح أن يستفيد من أخطاء الآخرين، وأن يعمل وفق مبدأ النقد، والتوجه إلى أطياف جديدة من خارج الحزب، من أجل: أولا- توحيد العائلة الاتحادية، وثانيا- استقطاب أطور حديقة إلى دائرة العمل السياسي".
وقال الباحث، إن "هذه الخيارات تستدعي العديد من المقومات التي من أهمها: البرنامج الواضح، والبعد عن الأيديولجية الضيقة، وتبني خطاب جامع، والقيادة الكاريزمية التي تجمع حولها المتعاطفين قبل الأعضاء، وبنية قانونية تساعد المجتمع على الثقة في العمل الحزبي بالمغرب، وإعلام قوي يرفد الحزب ويعرف ببرامجه وأهدافه، ومنظمات موازية تساعد على التغلغل في المجتمع (نقابات، جمعيات..)".
وختم العلام تصريحه قائلا: "باختصار ينبغي أن يتوفر التيار الذي يريد أن يغادر دائرة الحزب الأصلي على العناصر التي توفرت مثلا لرفاق المهدي بن بركة.. حيث النقابة القوية (الاتحاد المغربي للشغل)، والجريدة الفاعلة (التحرير)، والشبيبة القوية (الاتحاد المغربي للشباب)، والقدرة على استقطاب فئات أخرى من أحزاب أو أطر (استقطاب العناصر الفعالة في حزب الشورى والاستقلال)".
ويضم تيار الديمقراطية والانفتاح أكثر من 24 برلمانيا من أصل 38 من أعضاء مجلس النواب، الغرفة الأولى في البرلمان المغربي،وقد أعلنوا رفضهم ممارسات القيادة الحالية التي يتهمونها بالخضوع لتعليمات
الدولة الموازية، والتفريط في استقلالية القرار الحزبي.