بدأ حراك شباب
اليمن الرافض للواقع الذي فرضته جماعة أنصار الله، المعروفة إعلاميا بالحوثي، يتخذ أشكالا متعددة، منذ اجتياحها للعاصمة
صنعاء أواخر أيلول/ سبتمبرالماضي، فبين من يتخذ المسيرات الاحتجاجية مسارا لرفض ممارسات
الحوثي، يتجه ناشطون لتبني خيار آخر عبر إيجاد كيان ثوري يسعى لخلق وعي مجتمعي رافض لكل الممارسات الهادفة إلى تغييب سلطات الدولة وتهميش القانون.
ففي محافظة إب وسط اليمن، أعلن ناشطون يمنيون رسمياً الثلاثاء تدشين وثيقة
الرفض الشعبي لسلطة الواقع الحوثي، التي وقع عليها نحو مئة ألف مواطن من أبناء المدينة، والتي جاءت تأكيداً للمبادئ التي أعلنتها حركة "رفض" الشبابية التي قامت بصياغة الوثيقة، أمس الاثنين في صنعاء، ما يعكس تنامي ظاهرة الرفض "لسيطرة المليشيات المسلحة على العاصمة وباقي محافظات البلاد".
وقال بيان صادر عن حركة رفض إن "إنشاءها جاء إعلانًا للرفض الصريح لكل الممارسات الهادفة إلى تغييب سلطات الدولة وتهميش القانون في سبيل الوصول إلى حالة من الرفض المجتمعي العام ومنع التمادي في هذه الممارسات".
وتأسست حركة رفض على يد مجموعة من النشطاء والشباب المستقلين في مقر نقابة الصحفيين اليمنيين بصنعاء، تعبيرا عن رفضهم "لسيطرة المليشيات المسلحة على العاصمة والمدن اليمنية".
وأضافت الحركة أنها تهدف إلى "رفض سيطرة المليشيات المسلحة على العاصمة صنعاء وباقي محافظات البلاد، مع رفض صمت رئيس الدولة والحكومة والقوى السياسية غير المبرر تجاه ما يحدث في البلاد، ورفض كل من يتحدث باسم الشعب دون صفة قانونية واقتحام معسكرات الجيش والأمن ونهب السلاح".
كما تهدف الحركة إلى رفض دمج الميليشيات المسلحة في الجيش والأمن وامتلاك أي جماعة أو حزب سياسي للسلاح الثقيل والمتوسط، حسب البيان، مؤكدة على استعدادها للتعاون مع "كل الجهات والمنظمات والفعاليات الوطنية المدنية المؤمنة بحقن الدماء في وطن يسوده القانون".
موجة ثورية جديدة
وقال الناشط وليد العماري إنه "لايمكنهم القول أن الموجة الثورية انحسرت، ويجب التفريق بين الثورات التي تطيح بسلطة الدولة" مشيرا إلى أن "الانقلاب الذي قادته جماعة الحوثي في اليمن في أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي يتجلى في سياسة القمع التي تنتهجها الجماعة ضد معارضيها، وذلك لخلق حالة من الذهول لدى الناس لفرض الأمر الواقع" .
وأضاف العماري لـ"عربي21" أن "فلسفة الثورات التعامل مع المتغيرات بنفس طويل، فمن الطبيعي أن تكون ثورة فبراير التي أجبرت الرئيس علي صالح على التنحي من الحكم في 2011، قد خسرت جولة من جولاتها، لكن هذا لايعني أنها خسرت المعركة".
ولفت العماري الى أن "حركة رفض الشبابية التي أعلنها ناشطون في ثورة 11 فبراير، مقدمة لخلق وعي ثوري جديد بأن ما حدث في 21 من أيلول/ سبتمبرالماضي من اجتياح مسلح للعاصمة صنعاء من قبل ميليشيات الحوثي، ليس إلا مرحلة من مراحل الصراع بين الدولة المدنية ودولة المليشيات، وبين دعاة الحرية من جهة، وممارسي القمع من جهة أخرى"، مشيرا الى أنهم "سيبدؤون جولة ثورية جديدة، تنفض غبار الاستسلام والقبول بالهزيمة، بمساندة قطاع عريض من أبناء الشعب اليمني المؤمن بالحرية، والذي لاشك أنه سيكون في مقدمة الموجة الثورية المقبلة".
وذكر الناشط العماري أن خياراتهم القادمة لن تختلف عن سابقتها وهي "السلمية والمدنية، والوعي المجتمعي للشعب اليمني".مشيرا الى أنهم "حالياً، يقومون بعملية توعية بأهمية رفض الواقع الذي يعيشه الناس بفعل عسكرة مظاهر الحياة من قبل الحوثيين، وثم الانتقال الى ممارسة الرفض والممانعة، لأنه من غير المنطق أن أذهب أشكو خصمي الى سلطة غير شرعية، بل من غير المقبول أن تحل ميليشيات محل الدولة" .
ونوه العماري إلى أن قمع الحوثي لهم، سيكون رافعة لاتساع رقعة الرفض الشعبي لسلطته غير الشرعية، مستدلاً بمثل شعبي يمني:"لو خفنا من العصافير مازرعنا الدخن".
خيارات الحركة مفتوحة
من جهته، قال مؤسس حركة رفض اليمنية أحمد هزاع إن "خطة الحركة في هذه الفترة تحديدا خلق وعي جمعي يؤسس لممارسة الرفض للواقع المرير الذي يعيشه المواطن اليمني على الأرض في مختلف المناطق التي احتلها مسلحو الحوثي". على حدقوله
وأضاف هزاع لــ"عربي21" أن "خياراتهم مفتوحة في سبيل مناهضة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب يومياً من قبل ميليشيات جماعة الحوثي، التي وصلت إلى ممارسة القتل دون أي وجه قانوني، مايجعلنا أمام حركة مسلحة تنتهك إنسانية الإنسان لمجرد رفضه تغييب مؤسسات الدولة"، وفق تعبيره.
وأشار هزاع إلى أن "حركة رفض تراهن على أبناء الشعب اليمني، في التعاطي مع وثيقة الرفض الشعبي لسلطة الواقع الحوثي، وحتى اللحظة، هناك تفاعل إيجابي من قبل النخبة في اليمن في مناطق متعددة ترزح تحت تلك السلطة غير الشرعية".
يذكر أن ما يقارب 100 ألف مواطن وقعوا، في محافظة إب وسط اليمن، على وثيقة الرفض الشعبي للتواجد الحوثي المسلح في العاصمة صنعاء وعدد من المدن الأخرى.
البون شاسع بين رفض اليمنية وتمرد المصرية
وفي سياق متصل، يروي الناشط شادي خصروف لــ"عربي21" قصة اعتقاله من قبل مسلحي الحوثي في العاصمة صنعاء على خلفية مشاركته في مسيرة احتجاجية السبت الفائت، ضد تواجدهم في صنعاء والمدن اليمنية الأخرى، بقوله إنني "تعرضت للشتم، والتعذيب بأسياخ حديدية، التي أوقعت فيّ إصابات بالغة في الرأس، وفي الوجه، وفي مناطق مختلفة من جسمي، ماتزال آثارها واضحة".
وتابع قوله "كما تعرضت للعض بالأسنان، وهذا يعكس مدى الحقد والتعبئة الخاطئة التي تهدد اليمنيين بكارثة مجتمعية، إذا لم يتم تداركها، بعد إنشاء جماعة الحوثي مراكز تعذيب للمعارضين لها".
وأوضح خضروف أن "الاتهامات التي وجهها له مسلحو الحوثي أثناء اعتقاله، في مقر الفرقة الأولى هي: العمالة والخيانة والكفر"، وفق تعبيره.
وردا على سؤال مثار بأن حركة رفض الشبابية في اليمن هي صيغة تُقلد حركة تمرد المصرية، أكد خضروف أن "البون شاسع بين حركة رفض الشبابية اليمنية، وبين حركة تمرد في مصر التي كانت ممولة من العسكر، التي انقلبت بعد ذلك على الحكم في 3 تموز/ يوليو من العام الماضي"، مستدركا بقوله "نحن نسيرعلى أهداف ثورة فبراير، التي سنتعيد وهجها الثوري، وبالتالي إعادة مبادئها إلى واجهة الوعي المجتمعي".
وتتزايد ظاهرة الرفض الشعبي لممارسات الحوثيين منذ سيطرتهم على صنعاء في أيلول/ سبتمبرالماضي في مختلف المدن اليمنية، حيث شهدت صنعاء مسيرات احتجاجية تطالب بإنهاء تواجدهم المسلح في مؤسسات الدولة بعموم مناطق البلاد.