أكدت مصادر مقربة من القنوات الفضائية
المصرية الخاصة التي تبث من مدينة الإنتاج الإعلامي، في مدينة السادس من أكتوبر لـ"عربي 21"، صحة التسريبات الأخيرة الصادرة عن مكتب المشير عبد الفتاح السيسي بشأن طريقة التعامل مع الإعلام المصري والإعلاميين.
وكانت قناة "مكملين" الفضائية، بثت مكالمة هاتفية مسجلة بين مدير مكتب السيسي اللواء عباس كامل، والناطق باسم القوات المسلحة العقيد أحمد علي، في أبريل الماضي يطالبه فيها بالتواصل مع الإعلاميين،الذين وصفهم كامل بأنهم "العيال بتوعنا"، وفرض موضوعات معينة عليهم، وحوارات بعينها كان من بينها إنشاء جبهة لـ"تلميع السيسي" والدفاع عنه.
وأكدت المصادر أن كل هذه القنوات تتلقى "أسطوانات مدمجة" من إدارة الشؤون المعنوية التابعة للقوات المسلحة، الواجهة الإعلامية للجيش ومركز المعلومات الصحفية" منذ سنوات، مشيرة (المصادر) إلى أن على هذه الأسطوانات موضوعات وصور ذات توجهات محددة؟
ولفتت إلى أن وتيرة هذه
التوجيهات، زادت عقب تولي الرئيس محمد مرسي حكم البلاد، فيما كان يتم استثناء قناة "مصر 25" التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، حينذاك منها ولم يكن يطلب منها حضور التغطيات الخاصة بهم.
فاسدون ومتورطون
واستبعد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد، وجود قنوات فضائية مستقلة، وقال في حديثه لـ"عربي 21": "هناك قنوات مستقلة يملكها رجال أعمال تتقاطع مصالحهم مع النظام، وبعضهم متورط مع نظام مبارك، وهم اقرب لـ"العبد المأمور"، ينفذون سياسات النظام الإعلامي، ومهمتهم تضليل الرأي العام، والتشهير بالثورة والثوار لعدم محاسبتهم".
وأكد عيد أن "النظام منذ انقلاب 3 يوليو، وهو يحارب حرية الإعلام والصحافة، فالنظام لا يريد سوى الصوت الواحد والقلم والواحد، وقام باستبعاد العديد من الكتاب والإعلاميين، لافتا إلى أن الإعلاميين الموجودين على الساحة الإعلامية الآن، هم أسوأ من على الساحة باستثناء قليل جدا".
تقليص فترات البث وتقليل البرامج
وأضافت مصادر مماثلة لـ"عربي 21" أن هناك تعليمات صدرت لأصحاب القنوات الفضائية الخاصة بتقليص فترات بثها، وتقليل برامجها، وتخفيض تغطياتها الإخبارية وعدم التوسع فيما يتعلق بالشأن الأمني، أو هموم ومشاكل المواطنين ما دفعها إلى تسريح مئات المحررين والفنيين والمعدين.
وقال مصدر مقرب من قناة "أون تي في "التابعة لرجل الأعمال القبطي المقرب من بطريركية الكنيسة الارثوزوكسية نجيب
ساويرس أن الأخير قيد أيدي مدير قناتيه ألبرت شفيق، ولم يسمح له بالتوسع في نشاط القناتين التابعتين له رغم انتقالهم إلى استديو جديد منذ نحو عام لفصل القناتين عن بعضهما، وأجبره على تقليص فترات البث الحي وعدم الاهتمام بالشأن المحلي".
تأخر الرواتب وتسريح المراسلين
وأضاف المصدر أن شفيق اجتمع بالعاملين وطلب منهم أن يصبروا على استلام مرتباتهم التي تأخرت للمرة الثالثة على التوالي، وحتى ساعة كتابة هذا التقرير لم يتم دفع مرتبات العاملين بالقناة، نتيجة تزايد الضغوط وعدم رضا مالك القناة عن توجهها وأدائها، ونفاذ مصادر تمويلها بعد أن غادرها معظم الإعلاميين الذين كانوا يجلبون إعلانات كبيرة للقناة.
وقال عدد من المراسلين الصحفيين في قناة "أون تي في" لـ"عربي 21" :"إنه تم الاستغناء عن المراسلين في جميع المحافظات، وليس للقناة مراسل واحد وأصبحت تعتمد على الوكالة الرسمية للدولة في كل أخبارها".
"سي بي سي" وشبح إغلاق قناتها الإخبارية
وكانت مواقع إلكترونية تناقلت العديد من الأخبار عن اعتزام رجل الأعمال محمد الأمين إغلاق قناة "سي بي سي إكسترا" بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية المقبلة، بحجة أنها أدت ما عليها ولا داعي لتواجدها، وهو ما سارع إلى نفيه هو ومدير شبكة قنواته محمد هاني إلا أن مصادر مقربة من القناة أكدت عكس ذلك.
وقال مصدر مقرب من قنوات "سي بي سي" إن إدارة القناة عمدت إلى تصفية العديد من العاملين للمرة الثانية، وأطاحت بعدد من رؤوسها من بينهم علاء الغطريفي ومساعدوه، كما تم إلغاء عدد من البرامج وعلى رأسها جولة المحافظات، التي كانت تتناول بشكل مفصل مشاكل المواطنين، في المدن والقرى سواء بالدلتا أو الصعيد، ولكن تم دمجها في نشرة إخبارية بسبب عدم الرغبة في إفراد مساحة لشكاوى المواطنين لأنها تزعج السلطات.
الفضائيات بين الشرطة والجيش
وأكد مصدر مسؤول في قنوات "أون تي في"، و"سي بي سي"، والنهار أن هناك قنوات اتصال بين الداخلية ومديري هذه القنوات، بالإضافة إلى الشؤون المعنوية التابعة للجيش، وأنهم على تواصل دائم بهم، ويزودونهم بأسطوانات مدمجة تظهر اعترافات من أسمتهم بالإرهابيين لبثها مطولة في نشرات الأخبار، وصلت مدة بعضها إلى 9 دقائق، وهو ما يتعارض مع طبيعة النشرات والعمل المهني، كما أنه يتم التواصل مباشرة عن المسؤولين في فترات البث في الاستديو لنشر بياناتهم المكتوبة وإذاعتها.
من جهته أكد الأمين العام لحركة "صحفيون ضد الانقلاب" أحمد عبد العزيز أن "الإعلام المصري من تاريخ حدوث انقلاب الثالث من يوليو، أصبح محسوبا على السلطة".
وقال في حديث لـ"عربي 21": "لقد عدنا إلى فترة الستينيات التي كانت تفرض الرأي الواحد في الإعلام والصحافة وبالتالي أصبح أسلوب المعالجة واحدا ولا توجد قنوات مستقلة تدافع عن الرأي الآخر، خاصة بعد إغلاق القنوات عقب الانقلاب".
وأشار عبد العزيز إلى أن هناك توجيها مباشرا للقنوات ومالكيها وإعلامييها من قبل المخابرات والجيش وحتى جهاز الشرطة من خلال رسائل يتم تبليغها شفويا كما سمعنا في تسريبات قناة "مكملين الأخيرة".