شهد الشارع
الفلسطيني قبل خطاب الأمين العام لحزب الله
اللبناني،
حسن نصر الله، وفي أثنائه، وما بعده، تجاذبات متباينة بين مؤيد للحزب وأمينه العام ومعارض وغاضب من نهج الحزب في سوريا، في حالة لم تعهدها الساحة الفلسطينية من قبل.
شعبية الحزب تأثرت كثيراً بعد قتاله إلى جانب النظام السوري، إلا أنه ظل يحظى بشعبية لا يستهان بها بين قطاع من الفلسطينيين.
ساحات التواصل الاجتماعي كانت حاضرة وبقوة في هذا النقاش المحتدم، وهذا ما أشار إليه الإعلامي والباحث في الإعلام الاجتماعي، أمين أبو وردة، بقوله إن نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي اهتموا بخطاب نصر الله، وقاموا بنقل مقتطفات منه أولاً بأول على صفحاتهم، إضافة إلى نقل صور للمشاهد التي بثتها الفضائيات للخطاب.
وعدّ أن موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" تحوّل لميدان بين مؤيدين لنصر الله ومعارضيه، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي تناولوا الخطاب انطلاقاً من مواقفهم المسبقة، فحرب سوريا أدت إلى انقسام في الشارع الفلسطيني في المجتمع الافتراضي.
وكانت إحدى صفحات "فيسبوك" الفلسطينية، وضعت سؤالاً لمتابعيها حول رأيهم في خطاب نصر الله، فرد أحد المتابعين بجملة "خطاب هز الكيان الصهيوني.. خطاب ثوري عظيم"، ووافقه في الرأي متابع آخر قائلاً: "خطاب تمنت الأمة العربية لو أن حاكماً عربياً ألقى مثله، تمنت الأمة العربية أن يخرج حاكم عربي يهدد إسرائيل وأعوانها".
وتوالت التعقيبات المؤيدة الأخرى، مثل: "حسب رأيي هو خطاب تهديد ووعيد للإسرائيليين، وما أعجبني أكثر أنه يعرف تحركات العدو وتخطيطه".
في المقابل، برزت تعقيبات من جانب آخر، حيث شن كاتبوها هجوماً على نصر الله، فكتب أحد النشطاء: "لا يحرر القدس من يسب من فتح القدس، وإن أراد أن يحرر القدس ماذا ينتظر. إنه يقتل الشعب السوري والفلسطيني في سوريا. هذه مسرحية، ونحن شعب عاطفي".
وقال الكاتب رائد الدبعي في نص نشره، إن "التلهف الواضح من الكثيرين ترقباً لخطاب السيد حسن نصر الله بعد دقائق، هو نتاج لاحتياجنا الجمعي في بلاد العرب لأي بصيص عزة وكرامة في مواجهة العدو، دون إغفال تحفظ معظم العرب لموقف جماعته من الصراع السوري. سبق أن ترقبنا خطابات جمال عبد الناصر وصدام حسين وياسر عرفات".
وأضاف: "وجود القدوة السياسية والقائد الملهم مقوم من مقومات الانتصار، لكن النصر لا يأتي دون جمهور واثق بقدرته، يتخطى مقاعد المشجعين إلى صفوف الفاعلين".
فيما قال الصحفي محمود حريبات وهو مختص في الإعلام الاجتماعي، إنه في أثناء الخطاب نشط هاشتاج "#على_طريق_القدس" و"#حسن_نصرالله"، وغيرهما، من العديد من المغرّدين في فلسطين ولبنان والدول العربية على "تويتر".
ففي لبنان انتشرت أكثر من 10 هاشتاجات، إما أن تكون باسم حسن نصر الله، أو كلمات قالها، وتنتشر بأكثر من لغة.
وأوضح حريبات في حديثه لـ"عربي21"، أن هذا يدل على أن مواقع التواصل الاجتماعي تعكس الواقع في الشارع الفلسطيني.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية، كمال علاونة: "في كلمة الأمين العام لحزب الله اليوم الجمعة، كانت فلسطين من الناحية الفعلية على الهامش، وإن تطرق لفلسطين من باب رفع العتب، حيث تطرق للمجازر الصهيونية في قطاع غزة والتعديات اليهودية على المسجد الأقصى المبارك، ولكنه لم ينتصر للمقاومة الفلسطينية إبان العدوان الصهيوني الثالث في صيف 2014، ولا حتى للمسجد الأقصى المبارك فعلياً على أرض الواقع".
ووضعت صور شهداء مجزرة القنيطرة من عناصر
حزب الله الستة بجانب صورة الجنرال الإيراني محمد دادي، في أعلى عبارة على طريق القدس، و"هذا لا يكفي"، بحسب علاونه.
وأوضح لـ"عربي21" أن لذلك "علاقة بغرق حزب الله في مستنقع سوريا إلى جانب النظام السوري، للدفاع عن حليفه الأسد، ومصدر تسليحه، وفق التفاهم والتحالف الاستراتيجي الإيراني - السوري، وبالتالي بقي منشغلاً طيلة أربع سنوات، في الملف السوري".
وأضاف أن "رد حزب الله عسكرياً على مجزرة القنيطرة، باستهداف جيبات عسكرية بصورة مباشرة وتكبيد جيش الاحتلال خسائر بشرية، انطلاقاً من مزارع شبعا المحتلة لجمت الكيان الصهيوني وجعلته يكتفي بالمجزرة، وخاصة أن الانتخابات العبرية باتت على الأبواب".
وقال إن "تأكيد الأمين العام لحزب الله بأن المقاومة الإسلامية في لبنان هي شريكة مع الشعب الفلسطيني في المقاومة، والدم والنصر هي عبارات تستحق الثناء والتقدير، ولكنها بحاجة لتأكيد فعلي على أرض الواقع، لأن الشعب الفلسطيني يريد الدفاع عن المسجد الأقصى".
ومن خلال استطلاع عام للشارع الفلسطيني، يمكن القول إن شعبية حزب الله لم تعد كما كانت بأي حال، إذ تأثرت بتدخله في سوريا، وبسلوك إيران العدواني في المنطقة، من سوريا إلى اليمن والعراق، ولم يعد غريباً أن يلمس المراقب نفساً مذهبياً ضد الشيعة في العموم بسبب إيران ومواقفها، كما لم يعد غريباً أن تسمع الفلسطيني يقول إنه سئم من تجارة البعض باسم فلسطين والقدس المحتلة، وآخر المتاجرين هي إيران ومن حالفها، على حد قوله.