في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير في
مصر؛ ظهرت حركتا "
المقاومة الشعبية" و"
العقاب الثوري" على ساحة
الحراك الثوري، معلنتين مسؤوليتهما عن تفجير عبوات ناسفة في منشآت حكومية، ونصب كمائن مسلحة لأفراد الشرطة والجيش المصري، والاشتباك مع قوات الأمن في عدة محافظات.
وفي يوم الأحد الماضي الذي صادف ذكرى
الثورة؛ تبنت حركتا "المقاومة الشعبية" و"العقاب الثوري" مسؤوليتهما عن تفجير 56 عبوة ناسفة، ونصب 12 كمينا لقوات الأمن، التي تقول الحركتان إنهما تسعيان لعقابها و"القصاص" منها على الاعتقال والتعذيب والقتل للمصريين، وخصوصا النساء.
وفي الوقت الذي تفاعل فيه الإعلام المعارض للانقلاب مع نشاط هاتين الحركتين، مستضيفا بعض الشخصيات التي أعلنت تأييدها الصريح لهما؛ فقد أعرب معارضون للنظام الحالي عن خشيتهم من "انحدارهما" بالثورة إلى "
العسكرة"، مؤكدين أن ذلك لن يكون في صالحها.
إدانة اضطرارية
يقول رئيس حزب "غد الثورة" الدكتور أيمن نور، إن تلك الحركات ليست جزءًا من الحل، و"إنما هي جزء من
الأزمة ومضاعفاتها وتداعياتها".
وأضاف نور لـ"عربي 21" أن الحل يكمن في استمرار النهج السلمي للثورة؛ لأنه مصدر قوتها، ويزيد من تعاطف الرأي العام الداخلي والخارجي معها، بوصفها ثورة سلمية".
وبيّن أن "تلك الحركات التي كشفت عن نفسها ما هي إلا رد فعل سلبي على فعل أكثر سلبية، ينتهجه النظام منذ أربع سنوات، وزادت وتيرته منذ عام ونصف"، مشيرا إلى أنها "تمضي خارج المسار الثوري الصحيح، وتقع في أسر رد الفعل الذي غالبا ما نكون مضطرين لإدانته، كما ندين الفعل نفسه".
"الإخوان": نتاج طبيعي
واستغل الإعلام المصري الرسمي العمليات التي قامت بها حركتا "العقاب الثوري" و"المقاومة الشعبية" لتأييد روايته بأن جماعة الإخوان المسلمين "إرهابية"، موجها أصابع الاتهام إلى الجماعة بالوقوف وراء هاتين الحركتين.
ورداً على تلك الاتهامات؛ يقول النائب عن حزب الحرية والعدالة، الجناح السياسي لجماعة الإخوان، طارق سيد مرسي، إن "تلك الحركات ليست لها أي علاقة بالإخوان المسلمين".
وأضاف لـ"عربي21": "نحن نؤمن بالسلمية ولن نحيد عنها، أما حركات المقاومة الشعبية فهي نتاج طبيعي للضغوط الأمنية، ومصادرة الرأي الآخر، والانتهاكات المتزايدة، وخاصة اعتقال السيدات، واغتصاب الفتيات داخل السجون ومراكز الاحتجاز".
واستبعد مرسي أن تتمكن القبضة الأمنية من إعادة الأمور إلى نصابها، و"السيطرة على تلك الحركات التي لا تعتمد المواجهة المباشرة، وتسعى فيما يبدو لإنهاك القوى الأمنية وتشتيت جهودها؛ من خلال أساليب المباغتة والمراوغة".
العنف غير المذموم
بدوره؛ عزا الداعية الإسلامي عصام تليمة ظهور حركات تسعى لأخذ القصاص من الذين يقتلون المتظاهرين السلميين، إلى "ضياع الحقوق والحريات، وغياب العدالة".
وأكد تليمة أن أنشطة هذه الحركات "لن تتوقف إلا بوقف العدوان على الثوريين، والسماح لهم بالتظاهر السلمي، ورد مظالمهم"، منتقدا ما وصفه بـ"انحراف قوات الأمن في مصر عن مهمتها؛ من حماية المتظاهرين، إلى قتلهم بأوامر مباشرة من النظام الحاكم".
وقال لـ"عربي21": "ليس كل ما على الأرض عنفا مذموما، فبعضه يأتي في إطار الدفاع عن النفس من البطش والقتل بدون وجه حق".
وشدد على "حرمة إراقة الدماء بدون وجه حق"، محذرا في الوقت ذاته من "التقاعس عن تحقيق العدالة التي تجيز لولي الدم الأخذ بالثأر إذا لم يتم تقديم الجاني إلى القصاص، مع علمه بالقاتل يقينا".
وأبدى تليمة خشيته من أن تتسع دائرة العنف، "ما سيدفع النظام - بالتعاون مع مخابرات دول خارجية - إلى القيام بعمليات تفجير تستهدف المدنيين؛ ليتم إلصاقها بالثورة والثوار".
أما عضو الهيئة العليا لحزب البناء والتنمية، الشيخ إسلام الغمري، فحذّر من استمرار انتهاج النظام للعنف والتنكيل، و"جر البلاد نحو الاحتراب الداخلي"، محملاً إياه مسؤولية "العنف".
ودعا في حديثه لـ"عربي21" إلى التغيير بطرق سلمية، محذرا من مغبة التعامل الأمني المفرط مع المتظاهرين من قبل النظام الحالي "الذي فاقت جرائمه جرائم نظام مبارك في ثلاثة عقود".
تطرف وإرهاب
من جهته؛ وصف مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد، حركات المقاومة الشعبية بـ"المجموعات المتطرفة والإرهابية".
وقال لـ"عربي21"، إن تلك المجموعات تُعد "إحدى إفرازات القمع الأمني والتطرف الفكري في آن واحد"، مؤكدا أنه "لا يمكن اعتبارها جزءًا من حل الأزمة".
وأضاف أن الحل يكمن في "مقاومة الفساد، ووقف القمع، وسيادة القانون"، مشيرا إلى أن ذلك "بيد الدولة أولاً، ثم المجتمع، وليس العكس".
وقال مستشار مفتي الجمهورية، الدكتور إبراهيم نجم، إن هذه الجماعات لا تستند في أفعالها إلى أصل ديني.
وأضاف لـ"عربي 21"، أنها "جماعات خارجة عن القانون، وتجب ملاحقتها أمنيا، ومحاكمتها قضائيا؛ لأنها تسعى لإشاعة الفوضى"، مؤكدا أن "الشعب المصري لفظ الجماعات الإرهابية، وحرر شهادة وفاتها، وبات متوحدا ضدها".
وتقول حركتا "المقاومة الشعبية" و"العقاب الثوري"، إنهما تسعيان لإرباك قوات الأمن ومعاقبتها على جرائمها بحق المتظاهرين السلميين، في ظل انهيار منظومة العدالة وتبرئة جميع المتهمين في قضايا قتل الثوار منذ انطلاق
ثورة يناير إلى اليوم.