تناقلت وسائل إعلام لبنانية وسورية وصفحات التواصل الاجتماعي تقارير تتحدث عن قيام النظام السوري بتشكيل لواء عسكري من المقاتلين الفلسطينيين، مهمته اقتحام
مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق تمهيدا لبسط السيطرة عليه، في ظل حصار مشدد تفرضه عليه قوات النظام منذ نحو عام ونصف.
وبحسب ناشطين وإعلاميين فلسطينيين تحدثوا لـ"عربي21"، فإن التشكيل العسكري الذي أسسه النظام السوري يحمل اسم "لواء اليرموك"، ويضم مقاتلين من مختلف القوى الفلسطينية الموالية للنظام السوري، كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، وحركة
فتح الانتفاضة، وجبهة النضال، إضافة إلى من يتم تجنيدهم اجباريا من الفلسطينيين في إطار "جيش التحرير الفلسطيني" التابع لمنظمة التحرير.
تشكيلات مسلحة للقتال
وأكد الناشطون أن هذه الخطوة امتداد لما درج عليه النظام السوري مؤخرا، حيث يسعى إلى إنشاء تشكيلات مسلحة للقتال في بيئات ومناطق ينتمي لها المقاتلون لتقليل الخسائر في صفوف قواته، ولمعرفة المسلحين البيئات التي يقاتلون بها أكثر من غيرهم.
ويعلق الناشط الإعلامي "حذيفة المقدسي" على هذا الموضوع قائلا إن "هناك مخططا واضحا لضرب الفلسطينيين ببعضهم، تحت إشراف النظام السوري، والجمهورية الايرانية وميليشيات حزب الله".
وحمل "المقدسي" في حديث لـ"عربي21" الفصائل المؤيدة للنظام السوري المسؤولية، وقال: "للأسف مرة أخرى تثبت الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام السوري، انها حريصة على إنهاء الوجود الفلسطيني في
سوريا، فتارة تكون شريكة له في الحصار واستهداف واغتيال أبناء الشعب الفلسطيني، وتارة بتجويع أهله عبر منع المساعدات من الدخول إليه".
فتح والسلطة تدخلان على الخط
ويقول الناشطون عن هذا التطور -وإن كان لافتا- إلى أنه في يأتي إطاره الطبيعي بحكم سعي النظام السوري إلى ايجاد منافس فلسطيني للمجموعات المسلحة في المخيم وفي مقدمتها جبهة النصرة وأكناف بيت المقدس، إلا أن التطور الأخطر في هذا الملف حسب الناشطين هو في دعم وتأييد حركة فتح والسلطة الفلسطينية والفصائل المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير لهذا التشكيل المسلح.
وفي هذا السياق يقول الإعلامي الفلسطيني يوسف العكاوي إن منظمة التحرير والسلطة "كانت تسعى إلى رفع تهمة الحصار عن النظام وإلباسها للمحاصَرين داخل المخيم".
وبحسب "العكاوي" فإن حركة فتح "تراهن على استرداد ممتلكاتها من حركة فتح الانتفاضة وقد نجحت في هذا بشكل كبير، وكذلك إلى احتلال الفراغ الذي تركته حركة حماس بمغادرتها دمشق".
ويضيف أن وفد منظمة التحرير "قدم الكثير من الخدمات السياسية للنظام، وحاول الدخول إلى المخيم إغاثياً وميدانياً، وباءت محاولاته بالفشل، حتى حانت اللحظة المناسبة لدفع الأثمان، من خلال المشاركة العسكرية باقتحام المخيم".
ماذا تستفيد فتح؟
وعن الجديد التي تضيفه مشاركة السلطة، وحركة فتح بشكل مباشر في الصراع يرى العكاوي أن "الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام لم تستطع طوال سنتين حسم معركة المخيم، من خلال المشاركة المباشرة، مما جعل مشاركة قوات فلسطينية تابعة لمنظمة التحرير أمراً ضرورياً، وخصوصاً أن حركة فتح لديها "كتيبة القراعين" داخل المخيم وقوامها 80 عنصراً، ويضيف قوة جديدة من خارج المخيم وداخله إلى الفصائل التي ستقتحم المخيم".
غطاء سياسي وإعلامي في سوريا
ويلفت "العكاوي" إلى أن منظمة التحرير تحتاج إلى غطاء سياسي وإعلامي في سوريا، تولاه أنور عبدالهادي، مدير مكتب فاروق القدومي، حين رفع من نبرته ضد الكتائب الموجودة في المخيم، "وانتهز الفرصة ليتهم حركة حماس بأنها تقود هذه الكتائب وترفض تحييد المخيم".
ويكشف العكاوي أنه ومن أجل ذلك "جرى ابتداع مسمى لواء اليرموك، أسوة بتجربة لواء القدس في المخيمات الأخرى على أن يكون بقيادة حركة فتح، ومشاركة القيادة العامة، فتح الانتفاضة، جبهة النضال، الصاعقة، وغيرهم".
ويشير إلى أنه وفي هذا السياق "جرى التواصل مع "كتيبة القراعين" للتنسيق في موعد الهجوم من الداخل والخارج، وأرسلت إليهم الأموال ففوجئوا برفض بعض أعضاء قيادة الكتيبة لهذه الخطة، وعلى رأسهم علي الحجة وأبو أحمد طيراوية، اللذين تمت تصفيتهم جسدياً لاحقاً لتنفيذ المخطط المرسوم".
ساعة الصفر المؤجلة
ويشير الناشطون إلى أن ساعة الصفر التي كانت مقررة لاقتحام المخيم، حددت في الخامس عشر من الشهر الماضي، غير أن اعتقال مسلحي المعارضة لأحد الناشطين العاملين على تجنيد العناصر لكتيبة القراعين، وكشفه عن معلومات بشأن الهجوم أجل التنفيذ لإشعار آخر.
وفي هذا الصدد يؤكد الصحفي في مخيم اليرموك "أحمد عوض"، أنه بالفعل يجري بين الحين والآخر ملاحظة تحركات عسكرية وتغييرات في الوضع الأمني المحيط بالمخيم، مشيرا إلة أن "حزب الله يدير ويشرف على معارك وحصار مخيم اليرموك".
ويرى "عوض" في حديثه لـ"عربي21" أن النظام السوري وحلفاءه لجأوا إلى هذه الخطوة لأنهم "يدركون أن الكتائب في مخيم اليرموك وخاصة الأكناف هي كتائب منظمة ومدربة بخلاف الجيش الحر العشوائي".
ويخلص إلى أن هذا الأمر (تشكيل اللواء) "يتماشي مع مشروع سفارة فلسطين والنظام في تشكيل مجموعات مسلحة داخل المخيم تكون منافسة للأكناف وجبهة النصرة"، محذرا في ذات الوقت من أن هذه الخطوة "أثارت مخاوف اللاجئين في المخيم من أن تؤدي إلى استمرار الحصار ومفاقمة المعاناة الأزمة الإنسانية التي يعيشونها".