كشف ديفيد إغناطيوس، المعلق في صحيفة "
واشنطن بوست"، أن مهندس التعديل الوزاري الأخير في
السعودية بعد وفاة الملك عبد الله، هو الأمير الشاب
محمد بن سلمان.
ويقول إغناطيوس إن نجل الملك "المشاكس، الذي يميل إلى الغرب، والبالغ من العمر 35 عاما، والذي حظي بمنصب وزير الدفاع، وأصبح رئيسا للديوان الملكي، خطط، كما قيل، لعمليات نقل السلطة بشكل متقن، في الأسابيع التي سبقت وفاة الملك عبد الله في 23 كانون الثاني/ يناير، وقام بتنفيذها بسرعة قبل حصول أي خلافات داخل العائلة الحاكمة".
ويشير الكاتب إلى أن الرسالة كانت واضحة، وتعبر عن اعتراف الدوائر المغلقة في العائلة المالكة بأن المملكة تعاني من مشاكل في الحكم في ظل قيادتها التي شاخت.
وينقل التقرير عن سلمان الدوسري، محرر صحيفة "الشرق الأوسط" قوله: "أعتقد أن هذا أهم قرار في تاريخ الدولة السعودية في المرحلة الحالية"، حيث كتب مقالا في الصحيفة تحت عنوان "إعادة هيكلة الدولة السعودية".
ويرى إغناطيوس أن التغيير يعمق، على ما يبدو، علاقات السعودية بالولايات المتحدة، ويجعلها شريكا يعتمد عليه في المجالات الأمنية.
ويجد الكاتب أن إحدى علامات الاستمرارية في تلك العلاقات هي بقاء سفير الرياض في واشنطن عادل الجبير في منصبه. وعلى ما يبدو فقد أدى الملك وابنه التعديل بطريقة وازنا فيها أسهم العائلة المالكة بطريقة أرضت معظم الأمراء، وهو ما أوقف أي معارضة من أي طرف.
ويبين إغناطيوس أن التغييرات بالمعايير السعودية كانت واسعة، فوزير الداخلية محمد بن نايف (55 عاما)، الحليف المقرب من الولايات المتحدة، وضع في المرتبة الثالثة في ترتيبات الملك بعد ولي العهد الأمير مقرن (69 عاما)، وصادقت هيئة البيعة على القرار بعد يوم واحد من وفاة الملك عبد الله.
ويلفت التقرير إلى أن التغيير الجيلي في قيادة العائلة الحاكمة سيقوده الأمير محمد بن نايف.
ويذكر الكاتب أن تغييرات
الملك سلمان استمرت، حيث أصدر الأسبوع الماضي سلسلة من القرارات، عزل فيها عددا من الأمراء، وقلم البيروقراطية السعودية العصية على التشذيب، فتم إلغاء العديد من اللجان التي تشرف على كل شيء من الأمور المدنية إلى ذوي الاحتياجات الخاصة. وشكل الملك بدلا منها مجلسين مهمين مُنحا سلطة واسعة؛ أحدهما متعلق بالشؤون الأمنية والسياسية، يشرف عليه الأمير محمد بن نايف، أما الثاني فيتخصص بشؤون التطوير والإدارة الاقتصادية، ويشرف عليه الأمير محمد بن سلمان.
ويورد التقرير أن من الأسماء التي تم الاستغناء عنها، كان خالد التويجري، رئيس الديوان الملكي، الذي توسعت صلاحياته في عهد الملك عبد الله، وكذلك تمت إزاحة الأمير بندر بن سلطان، سفير الرياض السابق في واشنطن، ومدير المخابرات السابق، الذي عُين مستشارا لشؤون الأمن القومي في عهد الملك عبد الله، وبهذا فقد تم عزل شخصية زئبقية أدت إلى الكثير من الذعر بين واشنطن والرياض. وتمت الإطاحة بنجلي الملك عبد الله تركي ومشعل من منصبيهما، وكانا أميرين للمدينة والرياض.
ويقول الكاتب إن سلطة محمد بن نايف على الأمن السعودي تعززت بعزل الأمير خالد بن بندر، الذي حاول تعزيز الخدمات الأمنية الخارجية الضعيفة، وتم استبداله بالجنرال خالد بن علي الحميدان، وهو من خارج العائلة المالكة، وقد عمل سابقا نائبا لمدير المباحث العامة. ويهدف هذا التغيير لربط المخابرات الداخلية والخارجية، وتحسين عمليات تنسيق الوكالتين مع واشنطن.
ويوضح التقرير أن المجال الأخير والمهم للإصلاح هو التعليم، حيث تم دمج وزارتين للتعليم، وضعت واحدة تحت إدارة عزام الدخيل، وهو من التكنوقراط، وقد تخرج من الجامعات البريطانية والأمريكية، وينظر لإصلاح التعليم على أنه وسيلة جيدة لمواجهة التطرف بين الشبان السعوديين.
ويعلق إغناطيوس بأن العديد من القرارات التي اتخذها النظام السعودي الجديد تبدو إيجابية، لكن لابد من نقطة تحذير، فالسعودية بلد كبير، وفيه جيل من الشبان القلقين، ويعاني البلد من تراجع في عائدات النفط حتى يكون قادرا على العناية بسكانه، ولا ننسى أن نذكر جيران السعوديين الذين يعيشون أوضاعا مضطربة.
ويفيد التقرير بأن انجذاب الشبان السعوديين للتطرف الإسلامي واضح على وسائل التواصل الاجتماعي. وتمثل الدولة الإسلامية بالنسبة للكثير منهم مغامرة رومانسية ونشاطا عنيفا لمن يرغب بالخروج إلى العالم.
ويخلص الكاتب إلى أن التحدي الأكبر للقيادة السعودية الجديدة هو إشراك ودفع الشباب للعمل، والفشل في هذا يعني أن التعديل الوزاري سيكون بلا معنى.